اخبار السودان
موقع كل يوم -نبض السودان
نشر بتاريخ: ٣١ أب ٢٠٢٥
متابعات- نبض السودان
شهد الجنيه السوداني خلال شهر أغسطس الجاري انهيارًا غير مسبوق أمام الدولار الأمريكي وبقية العملات الأجنبية، في تطور يعكس حجم التحديات الاقتصادية المتفاقمة التي تعصف بالبلاد منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023.
ووفقًا لبيانات السوق الموازي، فقد سجل سعر صرف الدولار يوم الأحد 31 أغسطس نحو 3,500 جنيه سوداني، مقارنةً بـ560 جنيهاً فقط في أبريل من العام الماضي، وهو ما يعني أن العملة المحلية فقدت أكثر من 525% من قيمتها خلال أقل من عامين ونصف.
أسباب الانهيار الحاد للعملة السودانية
يرجع خبراء اقتصاديون هذا التراجع التاريخي إلى غياب السياسات النقدية الفعالة وانحسار دور بنك السودان المركزي في ضبط السوق، الأمر الذي أدى إلى حالة انفلات واضحة في التداولات النقدية. كما تهيمن السوق الموازية على عمليات الصرف بشكل شبه كامل، ما أفقد المواطنين والمستثمرين الثقة في المؤسسات المالية الرسمية، ودفع الكثيرين إلى الاتجاه نحو العملات الأجنبية باعتبارها ملاذًا آمنًا في ظل الظروف الراهنة.
وأشار مراقبون إلى أن الأوضاع الأمنية المتدهورة ساهمت في تسريع وتيرة الانهيار، خاصة بعد تعرض البنوك والمؤسسات الاقتصادية للنهب والسرقة خلال الحرب، ما جعل الاقتصاد السوداني أكثر هشاشة وضعفًا في مواجهة الأزمات.
السوق الموازي يتغلب على محاولات الحكومة
ورغم محاولات الجهات الرسمية للحد من نشاط السوق الموازي، إلا أن الأخيرة شهدت نموًا متسارعًا بفعل زيادة الطلب على الدولار لتغطية احتياجات الاستيراد. ويعتمد السودان على الخارج لتوفير أكثر من 70% من السلع الغذائية والمواد الأساسية، ما ضاعف من الضغط على النقد الأجنبي.
وتسببت هذه الفجوة في خروج كميات كبيرة من العملات الصعبة من النظام المصرفي الرسمي، الأمر الذي عمّق من أزمة السيولة النقدية وأضعف قدرة الدولة على التدخل للسيطرة على سوق الصرف. ويرى اقتصاديون أن غياب حلول عاجلة سيجعل الأزمة أكثر تعقيدًا في الأشهر المقبلة، خاصة مع استمرار الحرب وانهيار القطاعات الإنتاجية المحلية.
مستقبل الاقتصاد السوداني في مهب الريح
ويؤكد محللون أن استمرار التراجع بهذا الشكل ينذر بمخاطر اقتصادية واجتماعية خطيرة، أبرزها ارتفاع أسعار السلع الأساسية لمستويات غير مسبوقة، ما يزيد من معاناة المواطنين في ظل التضخم الجامح. كما حذروا من أن استمرار الاعتماد على السوق الموازي كآلية وحيدة لتوفير العملات الأجنبية سيؤدي إلى اتساع الفجوة بين السعر الرسمي والسوق السوداء، ويقوض أي جهود إصلاحية مستقبلية.
وفي الوقت الذي يترقب فيه الشارع السوداني بوادر انفراج، تبدو المؤشرات الحالية قاتمة، ما يجعل أزمة الجنيه السوداني أمام الدولار مرشحة لمزيد من التدهور في غياب إصلاحات جذرية وسياسات اقتصادية قوية توقف النزيف المتواصل.