مصر تشتعل بسبب فتوى "إباحة الحشيش".. والأزهر يتحرك

متابعات- نبض السودان

فتحت جامعة الأزهر في مصر، السبت، تحقيقًا رسميًا مع الدكتورة سعاد صالح، أستاذة الفقه المقارن، بعد تصريحات مثيرة للجدل أطلقتها، أفادت فيها بجواز تعاطي الحشيش، زاعمة عدم وجود دليل شرعي صريح يحرّمه تحريمًا قاطعًا.

الفتوى التي أشعلت الغضب: لا نص شرعي على التحريم

أثارت سعاد صالح موجة من الغضب والاستنكار، بعد أن قالت في مقابلة إعلامية إن تعاطي مخدر الحشيش 'لا يسكر كالخمر'، ولا يوجد نص صريح يحرمه، معتبرة أن الحكم عليه يتم حسب تأثيره العلمي على العقل. وأضافت: 'إذا ثبت أنه يسكر ويؤثر على العقل، فيطبق عليه حكم الخمر، أما إذا لم يثبت، فلا يمكن تحريمه بشكل مطلق'.

تصريحات صالح أشعلت مواقع التواصل الاجتماعي، وخلقت جدلاً واسعًا بين المؤيدين والمعارضين، كما دفعت الجهات الرسمية في الدولة إلى إصدار ردود قوية رافضة لهذه الفتوى.

صندوق مكافحة الإدمان يهاجم الفتوى ويعدّد أضرار الحشيش

من جانبه، أعرب صندوق مكافحة وعلاج الإدمان التابع لرئاسة الوزراء، عن 'دهشته البالغة' من التصريحات التي وصفها بـ'غير المسؤولة'، خصوصًا في ظل الجهود الحكومية المتواصلة لمكافحة تعاطي المخدرات.

وأوضح الصندوق في بيان، أن الحشيش يحتوي على مادة تسبب الهلاوس والضلالات، ويؤدي إلى تليف الرئة والربو، إضافة إلى انخفاض ضغط الدم، واحمرار دائم في العينين، وضمور خلايا المخ، وضعف القدرة الجنسية، وفقدان الشهية، والقلق والاكتئاب وقلة النوم، واضطراب السلوك والتركيز.

كما أشار إلى أن السائقين الذين يتعاطون الحشيش معرضون لارتكاب الحوادث بمعدل 3 أضعاف مقارنة بغيرهم، بحسب دراسات للأمم المتحدة.

الأزهر ووزارة الأوقاف يرفضان الفتوى بشدة

بدوره، أصدر الأزهر الشريف عبر وزارة الأوقاف بيانًا شديد اللهجة رفض فيه ما صدر عن الدكتورة سعاد صالح، وأكد أن 'الحشيش محرم شرعًا، حرمةً قطعيةً كحرمة الخمر سواء بسواء'.

وقال الدكتور أسامة الأزهري، مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الدينية ووزير الأوقاف، إن 'الادعاء بأن الحشيش حلال يمثل تضليلاً للرأي العام، ويفتح أبواب الانحراف الأخلاقي والإدمان، ويؤدي إلى تفشي الجريمة'.

وأضاف: 'الفتوى إذا صدرت من شخصية أكاديمية، فإن تأثيرها السلبي يكون مضاعفًا، ويتحمل صاحبها وزر ما ينتج عنها من أضرار في المجتمع'.

دار الإفتاء: الحشيش من المخدرات المحرمة باتفاق العلماء

من جهتها، أكدت دار الإفتاء المصرية أن 'الإسلام حرَّم تحريمًا قاطعًا كل ما يضر بالنفس والعقل، بما في ذلك المخدرات بجميع أنواعها ومسمياتها'.

وأضافت دار الإفتاء في بيانها أن العلماء أجمعوا على حرمة تناول أي مادة مخدرة أو مفترة، حتى وإن لم تكن مسكرة، موضحة أن جوهر الحشيش يدخل ضمن هذه المحرمات التي تسبب أذى جسيمًا للبدن والعقل والمجتمع بأكمله.

وسائل الإعلام ومواقع التواصل.. ساحة اشتعال النقاش

أخذت مواقع التواصل الاجتماعي منحى تصاعديًا في الرد على تصريحات سعاد صالح، بين من اتهمها بتشجيع الإدمان ونشر الفكر المنحرف، ومن دافع عنها بحجة 'حرية الاجتهاد'، بينما طالب آخرون بفصلها من الجامعة ومنعها من الظهور الإعلامي.

وتصدّر وسم #الحشيش_حرام و#سعاد_صالح مواقع التواصل في مصر، فيما أبدى قطاع واسع من المواطنين والناشطين استغرابهم من 'تمرير مثل هذه الفتاوى دون مساءلة فورية'.

جامعة الأزهر تتحرك رسميًا

أعلنت جامعة الأزهر أنها أحالت سعاد صالح للتحقيق الداخلي، تمهيدًا لاتخاذ الإجراءات القانونية ضدها، مؤكدة تمسكها بمنهج المؤسسة القائم على الوسطية والانضباط الشرعي، ورفض أي اجتهاد فردي يناقض الثوابت العلمية والشرعية.

وأكدت الجامعة في بيان مقتضب أن 'ما صدر عن الدكتورة سعاد صالح لا يعبر عن توجهات المؤسسة الأزهرية ولا عن مناهجها، وسيتم التعامل معه وفقًا للقانون واللوائح المعمول بها'.

سؤال الشارع: هل يتحمل الأكاديميون مسؤولية فتاواهم الإعلامية؟

تسود حالة من الجدل حول دور الأكاديميين في المجال العام، وهل ينبغي أن يُضيق على فتاويهم إذا ما خالفت ما يراه المجتمع أو المؤسسات الدينية 'ثوابت شرعية'. ويرى مراقبون أن الحرية الأكاديمية لا تعني التمرد على الضوابط الدينية أو المجتمعية، خصوصًا حين تتعلق المسائل بصحة وسلامة ملايين المواطنين.

حملة توعية جديدة مرتقبة

في ضوء هذا الجدل، تستعد الحكومة المصرية لإطلاق حملة توعية جديدة تستهدف طلاب الجامعات والمدارس، للرد على الشبهات المنتشرة بشأن تعاطي المخدرات، وتوضيح الأضرار الصحية والاجتماعية والدينية لها، في إطار خطة وطنية للحد من انتشار هذه الظاهرة بين الشباب.