اخبار السودان
موقع كل يوم -نبض السودان
نشر بتاريخ: ٢١ تشرين الأول ٢٠٢٥
متابعات – نبض السودان
في حي الرضوان الهادئ بمدينة أسوان، حيث يمتزج النيل برمال الصحراء الذهبية، دوّى صدى فرح كبير حمل معه نبض الأمل في وطن أنهكته الحرب. من هناك، أشرقت رهف الأمين الطيب البشير كنجمة مضيئة في سماء السودان، بعد أن حصدت المركز الأول في الشهادة السودانية المؤجلة لعام 2024 بنسبة 97%، لتتحول إلى رمز للنجاح والصمود والإصرار في زمن تتساقط فيه الأحلام تحت ثقل الدمار.
رهف تهدي نجاحها للشعب السوداني وقواته المسلحة
بعينين تفيض دموع الفرح، قالت رهف في حديثها لصحيفة (السوداني): 'أنا فخورة جدًا بهذا الإنجاز، وأهديه لأسرتي وللشعب السوداني الصابر وللقوات المسلحة الباسلة'. جلست رهف في منزلها المتواضع بأسوان، تحيط بها والدتها المعلمة وإخوتها الذين احتضنوا لحظة الفخر بعد رحلة نزوح طويلة ومؤلمة من السودان، استغرقت أسابيع مليئة بالخوف والفقد والرجاء.
من رحلة النزوح إلى قمة التفوق
تروي رهف قصتها قائلة: 'تركنا كل شيء خلفنا، لكننا لم نترك أحلامنا'. بهذه الكلمات البسيطة عبّرت عن فلسفة الحياة التي جعلتها تتحدى واقع الحرب وتصل إلى القمة. أكملت رهف دراستها الثانوية تحت إشراف القنصلية السودانية في أسوان، التي أنشأت مركز امتحانات خاصًا بالتعاون مع السلطات المصرية، ليكون بمثابة نافذة أمل للطلاب السودانيين الفارين من نيران الحرب.
احتفال وطني مصغر في أسوان
الإعلان عن نتيجة الشهادة السودانية تحول إلى احتفال وطني مصغر في منزل رهف، حيث تقاطر العشرات من أبناء الجالية السودانية إلى الحي حاملين الزهور والحلوى، يتبادلون الفخر والسعادة. وكان في مقدمة الحضور الفريق أول عماد الدين عدوي، سفير السودان بالقاهرة، والسفير عبدالقادر عبدالله، القنصل العام بأسوان، اللذان جاءا لتكريم رهف وأسرتها في لحظة رمزية تعبّر عن اعتزاز الدولة بنجاح أبنائها في الخارج.
كلمة السفير عدوي: رهف رمز للأمل والمثابرة
قال السفير عماد عدوي في كلمته المؤثرة أمام الحضور: 'رهف ليست مجرد طالبة ناجحة، بل هي رمز للمثابرة والتميز الأكاديمي الذي يتحدى كل الظروف'. وأشاد بدور الحكومة المصرية التي فتحت أبوابها أمام الطلاب السودانيين، مؤكداً أن مراكز الامتحانات التي أُقيمت في القاهرة وأسوان والإسكندرية، كانت خطوة إنسانية عظيمة أتاحت لآلاف الطلاب مواصلة تعليمهم رغم صعوبة الظروف.
القنصل يشكر السلطات المصرية
من جانبه، عبّر القنصل العام عبدالقادر عبدالله عن تقديره العميق للسلطات المصرية في أسوان على تعاونها الكبير مع القنصلية لإنجاح عملية الامتحانات. وقال في كلمته: 'هذا النجاح ليس لرهف وحدها، بل هو ثمرة جهد جماعي شارك فيه الجميع من أجل مستقبل أبنائنا'. وأكد أن الدعم اللوجستي والأمني من محافظة أسوان ساعد في إنجاز المهمة بنجاح باهر.
رهف.. الطالبة التي اختارت الاقتصاد لا الطب
رغم أنها الأولى على السودان، فاجأت رهف الجميع بقرارها دراسة الاقتصاد بدلاً من الطب أو الهندسة كما هو معتاد من الأوائل. تقول بابتسامة هادئة: 'أريد أن أساهم في بناء اقتصاد وطني قوي يعيد للسودان مكانته'. هذه الرؤية العميقة تعكس وعياً مبكراً بدور الشباب المتعلم في إعادة إعمار الوطن الذي أنهكته الصراعات.
الأم المعلمة.. بطلة الظل
وراء كل نجاح عظيم أم عظيمة، ووالدة رهف مثال حي لذلك. فقد كانت الأم المعلمة السند الحقيقي لابنتها في رحلة النزوح والدراسة. سهرت الليالي معها، ووفرت لها ما استطاعت من وسائل بسيطة لتستمر في التحصيل. تقول رهف عن والدتها: 'هي التي علمتني أن الهزيمة لا مكان لها في قاموس من يحمل الإيمان والعلم'.
السودان ينتظر رهف وأمثالها
قصة رهف لا تمثل نجاحاً فردياً فقط، بل رسالة وطنية قوية مفادها أن السودان لا يزال ينجب الأمل رغم الألم. حين تزدهر العقول وسط الركام، فهذا يعني أن المستقبل ما زال ممكناً، وأن رهف وأبناء جيلها سيكونون اللبنة الأولى في نهضة السودان من ركام الحرب.
رهف.. شمعة أمل لا تنطفئ
في مدينة أسوان، حيث يلتقي التاريخ بالحاضر، أضاءت رهف الأمين شمعة أمل وسط الظلام. شمعة تذكّر الجميع بأن الصمود أقوى من الحرب، وأن بالعلم والإرادة تُبنى الأوطان. رهف ليست فقط الأولى على الشهادة السودانية، بل هي الأولى في زرع الإيمان بأن السودان سينهض من جديد.


























