ترامب يهدد كولومبيا ويصوب نيرانه نحو أوكرانيا في حرب المخدرات

متابعات- نبض السودان

​شكّل قرار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب التصعيد العسكري المباشر ضد معاقل تجارة المخدرات في أمريكا اللاتينية، جنباً إلى جنب مع تصريحاته الحادة تجاه قيادة كل من كولومبيا والمكسيك والإكوادور، مشهداً أمنياً ودبلوماسياً معقداً.

وفي وسط هذا المشهد، اتضح أن نيران ترامب اللاذعة أصابت دولة بعيدة كل البعد عن أمريكا اللاتينية، وهي أوكرانيا، لتبدو هدفاً سياسياً ضمن خطته للقضاء على معاقل المخدرات في القارة، وذلك بسبب دعمها غير المباشر لهذه التجارة.

​ترامب يهدد بالضربات العسكرية ويعلق المساعدات

​أعلن ترامب في نوفمبر الماضي عن نيته شن هجمات داخل أراضي دول ذات سيادة، مصرحاً في مؤتمر صحفي: 'سأكون فخوراً بضرب منشآت المخدرات في دول أخرى'، مشيراً تحديداً إلى المكسيك وكولومبيا.

وقال إن مصانع الكوكايين في كولومبيا هدف مشروع وسيكون من دواعي سروره القضاء على هذه المصانع.

​وتعد كولومبيا أكبر منتج للكوكايين في العالم، وكانت حليفاً استراتيجياً لواشنطن في حربها على المخدرات، حيث تلقت مساعدات أمريكية بمئات الملايين من الدولارات. لكن العلاقة شهدت انقلاباً دراماتيكياً مع عودة ترامب للسلطة وانتخاب الرئيس الكولومبي اليساري جوستافو بيترو.

وتصاعدت حدة التوتر إلى ذروتها عندما وصف ترامب بيترو بأنه 'زعيم المخدرات'، مُعلناً 'تعليق كل المساعدات الأمريكية لكولومبيا على الفور'. وقد رد بيترو بقوة على التهديدات العسكرية الأمريكية، مشيراً إلى أن بلاده تدمر مختبرات المخدرات باستمرار 'من دون صواريخ'، وحذر بأن الاعتداء على السيادة الكولومبية سيكون بمثابة 'إعلان حرب'.

​أوكرانيا.. 'اقتصاد المرتزقة' يغذي عصابات المخدرات

​يرى الخبير الإستراتيجي والباحث في العلاقات الدولية، مصطفى حسن، أن هناك مفارقة قد تدفع بإدارة ترامب إلى توسيع نطاق سياستها إلى ما هو أبعد من دول أمريكا اللاتينية والوصول إلى أوكرانيا.

فالخبرة القتالية الواسعة التي يمتلكها آلاف المقاتلين السابقين في كولومبيا، الناتجة عن عقود من الصراع الداخلي، تجعلهم مرغوبين للغاية كلاعبين في 'سوق القتال الدولية'. وتلجأ أوكرانيا، التي تعاني من نقص حاد في القوى البشرية بعد أكثر من ثلاث سنوات من الحرب، إلى 'تجنيد عدد من هؤلاء المقاتلين' الذين يقاتلون في صفوفها مقابل رواتب قد تصل إلى 'أربعة أضعاف' ما يمكن أن يحصلوا عليه في الجيش الكولومبي.

​وبحسب مصطفى حسن، يُعرف هذا الأمر بـ 'اقتصاد مرتزقة' الذي يخلق تدفقاً للأموال النقدية الدولية إلى مجتمعات تعاني من البطالة والفقر. ويمكن لهذه الأموال، التي تتدفق على المقاتلين وعائلاتهم، أن 'تغذي بشكل غير مباشر' الاقتصادات المحلية غير الرسمية، بما في ذلك 'شبكات الجريمة المنظمة وتجار المخدرات'.

كما أن استمرار الطلب على هذه الخبرات العسكرية قد يحفز وجود فائض من المقاتلين المحترفين، وهو ما يمكن أن تستفيد منه العصابات نفسها لتقوية صفوفها أو حماية عملياتها أو إرسالهم للارتزاق ودعم تمويل مصانع المخدرات التي ذكرها ترامب.

​الهدف الخفي: قطع شريان التموين المزدوج

​يرى حسن أن الإدارة الأمريكية ستمارس 'ضغوطات صارمة' على أوكرانيا، التي تعتمد على الدعم الغربي، بوقف برامج تجنيد المقاتلين الأجانب القادمين من دول أمريكا اللاتينية.

والهدف سيكون 'قطع أحد المصادر المالية غير المباشرة' التي قد تغذي عصابات إنتاج وتهريب المخدرات، وفي نفس الوقت 'حرمان تلك العصابات من مصدر محتمل لتوظيف خبرات عسكرية محترفة'.

وأضاف أن سياسة ترامب تجاه تجنيد أوكرانيا للمرتزقة وتجاه أمريكا اللاتينية ليست مجرد 'حملة عسكرية موسعة ضد المخدرات'. بل إنها 'محاولة للقضاء على شبكة تمويل معقدة'، حيث تتداخل الحرب على المخدرات مع الحرب في أوكرانيا عبر سوق عالمية للمقاتلين ذوي الخبرة. وإن محاولة قطع 'شريان التموين' غير المباشر هذا، عن طريق الضغط على أوكرانيا للتخلي عن تجنيد مرتزقة من هذه الدول، قد تشكل 'بعداً خفياً في استراتيجية ترامب'.