رغم جراح الحرب.. المولد يعود إلى أم درمان

متابعات – نبض السودان

شهدت ساحة ميدان الخليفة في أم درمان أمس عودة الاحتفالات الرسمية بالمولد النبوي الشريف بعد انقطاع دام عامين وأربعة أشهر، فرضته تداعيات الحرب التي اندلعت في الخامس عشر من أبريل 2023، وأوقفت مظاهر الحياة في العاصمة الخرطوم ومعظم الولايات.

فرحة ممزوجة بالدموع

مع انطلاق زفة المولد من منطقة ود نوباوي أمام مركز شرطة الشمالي أم درمان، شارك الآلاف في المسيرة التي تقدمتها قيادات الطرق الصوفية، ومسؤولو ولاية الخرطوم، إلى جانب قوات نظامية عملت على تأمين الموكب. وزرف المئات الدموع تعبيرًا عن فرحتهم بعودة الموكب، بعد سنوات من الانقطاع بسبب الحرب التي شردت مئات الآلاف وخلفت أزمات إنسانية عميقة.

بخور وبلح في طرقات أم درمان

على طول الطريق الممتد نحو ميدان الخليفة، اصطف مواطنون لتوزيع البلح والعصائر على الحشود، في طقس متوارث منذ عقود، يعكس روح التكافل والسعي للبركة في هذا اليوم. وبوصول الزفة إلى ساحة الميدان، ارتفعت أصوات المدائح النبوية وبدأت الطبول تدق، وسط أجواء روحانية أعادت إلى الذاكرة تقاليد احتفالات ما قبل الحرب.

عبد الرحمن المهدي يقود الحشود

قاد أمير الأنصار عبد الرحمن الصادق المهدي الموكب الاحتفالي، حيث خاطب الجماهير بالقرب من إحدى خيم الطرق الصوفية، مؤكدًا أن عودة الاحتفال بعد عامين من التوقف تمثل رمزًا لصمود الشعب السوداني في وجه ما وصفه بـ'العدوان الغاشم'. وأضاف المهدي أن الخرطوم استعادت جزءًا من عافيتها، متمنيًا أن يعم الاستقرار كافة ربوع البلاد.

تقاليد راسخة تعود للحياة

قبل الحرب، اعتاد السودانيون التوافد إلى ميدان الخليفة لأكثر من أسبوعين قبل يوم المولد النبوي، الذي يوافق الثاني عشر من ربيع الأول، لإقامة حلقات الذكر وشراء الحلويات والمشاركة في الأجواء الروحانية. ومع عودة الموكب هذا العام، استعادت المدينة بعضًا من بهجتها، حيث ظهر الدراويش بملابسهم التقليدية ذات الألوان الخضراء والحمراء والزرقاء، في مشهد أكد تمسك المجتمع بعاداته الدينية العريقة.

رمزية المولد في وجدان السودانيين

تمثل هذه العودة بالنسبة لكثير من المواطنين رمزًا لصمود المجتمع السوداني وقدرته على التكيف مع قسوة الأوضاع. كما تعكس مكانة المولد النبوي في الثقافة الشعبية السودانية، بوصفه مناسبة للتآلف الاجتماعي والروحانية، ولتجديد القيم التي تربط الأجيال بتاريخهم وتراثهم الديني.