اخبار السودان
موقع كل يوم -نبض السودان
نشر بتاريخ: ٢٤ تشرين الأول ٢٠٢٥
متابعات- نبض السودان
أطلقت شبكة أطباء السودان ناقوس الخطر مجددًا، كاشفة عن مأساة إنسانية مروعة تعيشها مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، حيث يفقد ما لا يقل عن ثلاثة أطفال حياتهم يوميًا نتيجة الجوع وسوء التغذية وانعدام الغذاء، وسط حصار خانق يطوّق المدينة منذ أكثر من عام.
حصار خانق وتدهور مأساوي للأوضاع الإنسانية
وأوضحت الشبكة في بيان رسمي صدر الجمعة، أن الأوضاع الإنسانية والصحية في الفاشر بلغت مستويات كارثية غير مسبوقة، في ظل استمرار الحصار الذي تفرضه قوات الدعم السريع منذ أبريل 2024، حيث تم إحكام الطوق حول المدينة بشكل كامل بعد اكتمال بناء الحاجز الترابي بطول 57 كيلومترًا نهاية سبتمبر الماضي.
وقالت الشبكة إن هذا الحصار تسبب في انقطاع خطوط الإمداد وغياب السلع الغذائية الأساسية، ما جعل الحياة داخل المدينة شبه مستحيلة، وأدى إلى تفاقم معاناة السكان وارتفاع معدلات الوفيات بين الأطفال.
أطفال يموتون بصمت بسبب الجوع
ونقلت المتحدثة باسم شبكة أطباء السودان، الدكتورة رزان مهدي، أن فرق الشبكة الميدانية تسجل يوميًا وفاة ما لا يقل عن ثلاثة أطفال نتيجة الجوع وسوء التغذية الحاد، في ظل عجز المستشفيات والمراكز الصحية عن استقبال الحالات المتزايدة بسبب نقص الغذاء والدواء وانعدام الوقود لتشغيل المولدات الطبية.
وأضافت أن الوضع في الفاشر “يتدهور بصورة مريعة”، مشيرة إلى أن سوء التغذية بات السبب الرئيسي للوفاة بين الأطفال، إلى جانب تفشي أمراض يمكن علاجها بسهولة في الظروف العادية، لكنها اليوم تحصد الأرواح بسبب غياب أي دعم إنساني أو طبي.
المدينة على حافة الكارثة
وأكدت الشبكة أن الفاشر أصبحت معزولة تمامًا عن العالم الخارجي بعد أن أغلقت قوات الدعم السريع جميع الممرات المؤدية إليها، وحولت المدينة إلى سجن كبير يضم أكثر من 260 ألف إنسان، بينهم 130 ألف طفل وفق تقديرات الأمم المتحدة.
وأوضحت أن السكان يعتمدون على “الأمباز” — وهو علف للحيوانات — كمصدر رئيسي للطعام بعد نفاد المواد الغذائية، في مشهد يعكس حجم المأساة الإنسانية التي تجاوزت كل الحدود.
انهيار الخدمات الطبية وتفاقم الأوضاع الصحية
وذكرت الشبكة أن الخدمات الصحية في المدينة انهارت بالكامل، بعد خروج معظم المستشفيات عن الخدمة ونفاد الإمدادات الطبية الحيوية.
كما أشار البيان إلى أن الكوادر الطبية تعمل في ظروف قاسية دون رواتب أو دعم، وسط انقطاع الكهرباء والمياه وصعوبة نقل الحالات الحرجة إلى خارج المدينة.
تصاعد العنف واستهداف المدنيين
وفي تطور خطير، قالت الشبكة إن قوات الدعم السريع كثفت مؤخرًا قصفها على حي الدرجة الأولى، الذي يُعد آخر الأحياء المكتظة بالمدنيين، مما أسفر عن سقوط ضحايا ودمار واسع في الممتلكات.
وأضافت أن القوات نفذت حملات مداهمة لمنازل المدنيين في الأحياء التي سيطرت عليها مؤخرًا، وأحرقت العديد منها، فيما سجلت منظمات محلية ودولية حوادث إعدام ميداني واعتداءات جنسية وعمليات ابتزاز ممنهجة ضد الفارين من مناطق القتال.
الوضع الإنساني “يتجاوز حدود الإدراك”
وأكدت المتحدثة باسم الشبكة أن ما يجري في الفاشر لم يعد مجرد أزمة إنسانية بل “كارثة بكل المقاييس”، مشيرة إلى أن الوضع تجاوز حدود الإدراك مع غياب تام لأي استجابة دولية فعالة لوقف معاناة السكان.
وأشارت إلى أن فرق الرصد التابعة للشبكة توثق يوميًا حالات وفاة ومعاناة إنسانية مؤلمة، في ظل صمت المنظمات الإنسانية العالمية وانشغال المجتمع الدولي بأجندات سياسية على حساب أرواح المدنيين.
دعوات عاجلة للتدخل الدولي
ودعت شبكة أطباء السودان في ختام بيانها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي إلى التحرك الفوري لفتح ممرات إنسانية آمنة إلى مدينة الفاشر، والسماح بإدخال الغذاء والدواء والوقود، مؤكدة أن استمرار الحصار يعني موتًا بطيئًا لعشرات الآلاف من الأطفال والعائلات.
كما طالبت المنظمات الحقوقية بتوثيق الجرائم المرتكبة ضد المدنيين، ومحاسبة المسؤولين عن استهداف الأعيان المدنية وارتكاب انتهاكات ترقى إلى جرائم حرب.


























