اخبار السودان
موقع كل يوم -نبض السودان
نشر بتاريخ: ٣٠ أيلول ٢٠٢٥
متابعات- نبض السودان
في تحول لافت في سياسات الهجرة الأوروبية، أعلنت وزارة الهجرة واللجوء اليونانية عن خطة جديدة تهدف إلى إدماج آلاف اللاجئين المعترف بهم – وفي مقدمتهم السودانيون – في سوق العمل المحلي بشكل مباشر، لمعالجة النقص الحاد في اليد العاملة بقطاعات الزراعة والسياحة والبناء. ووفقاً لموقع Ekathimerini، فقد قدم وزير الهجرة واللجوء ثانوس بليفريس الخطة لرئيس الوزراء كيرياكوس ميتسوتاكيس ضمن مشروع قانون شامل حول الهجرة القانونية، يستهدف تحويل اللجوء من حالة إنسانية إلى فرصة اقتصادية تسهم في دعم النمو الوطني.
نقص العمالة يحرك السياسات
الخطة جاءت نتيجة عجز متزايد في القوى العاملة المحلية، إذ تشير التقديرات الحكومية إلى حاجة الاقتصاد اليوناني إلى نحو 200 ألف عامل إضافي خلال السنوات الخمس المقبلة للحفاظ على معدل نمو اقتصادي يبلغ 2%. وتشمل القطاعات المستهدفة الزراعة، السياحة، والبناء، حيث تشهد هذه المجالات تراجعاً ملحوظاً في أعداد العمال المحليين، ما دفع الحكومة إلى البحث عن حلول عملية عبر توظيف اللاجئين المؤهلين.
السودانيون في طليعة الخطة
السلطات اليونانية خصّت اللاجئين السودانيين بدور محوري في هذه الاستراتيجية، معتبرة أنهم من أكثر الفئات تأهيلاً للعمل في الزراعة، بحكم خبراتهم السابقة في زراعة القطن والقمح والذرة. ومن المقرر أن يتم استقبالهم في ما يسمى بـ”مراكز من المستوى الثاني”، وهي منشآت مخصصة لتدريب اللاجئين المعترف بهم، حيث سيتلقون دروساً في اللغة اليونانية إلى جانب تدريبات مهنية، قبل توجيههم مباشرة إلى المزارع. هذه الخطوة تعكس توجه أثينا نحو استثمار مهارات اللاجئين في قطاعات حيوية بدلاً من الاكتفاء بتقديم المساعدات.
مراكز تجريبية في الشمال والوسط
الحكومة اليونانية قدّرت أن النظام الجديد سيوفر حوالي 20 ألف عامل سنوياً، أي ما يقارب 60 ألف عامل خلال خمس سنوات بعد احتساب المغادرين. وستكون مناطق مثل ثيساليا، فيوتيا، وشمال اليونان مراكز تجريبية رئيسية لتطبيق هذا النموذج، بعيداً عن العاصمة أثينا. وتؤكد السلطات أن هذه المراكز ستلعب دوراً محورياً في اختبار فعالية الخطة وقياس مدى قابليتها للتوسع على المستوى الوطني.
فرص متزايدة للنساء
البيانات الرسمية تكشف أن 15% من اللاجئين المعترف بهم في اليونان من النساء، وهو ما يفتح المجال أمامهن للانخراط في قطاعات السياحة والضيافة، التي تُعد من أكثر القطاعات نمواً في البلاد. وبهذا تصبح الخطة أداة مزدوجة؛ فهي لا تقتصر على سد النقص في سوق العمل، بل تساهم أيضاً في تعزيز التنوع وإيجاد فرص عمل لفئات مهمشة. السودانيون، من جانبهم، يتوقع أن يشكلوا العمود الفقري للعمالة الزراعية اليونانية، بما يتماشى مع سياسة الحكومة الرامية إلى استثمار خبراتهم الميدانية.
الاندماج عبر العمل لا الإعانات
الحكومة اليونانية شددت على أن جوهر الخطة هو تحويل اللجوء إلى بوابة للاندماج الاقتصادي، لا مجرد وسيلة للحصول على المساعدات. لذلك سيتم تقليص المزايا الاجتماعية تدريجياً، مقابل توفير برامج تدريبية وفرص عمل واقعية، بما يعكس تحولاً جذرياً في فلسفة التعامل مع ملف الهجرة: من الرعاية إلى الإنتاج. هذه السياسة، وفق المراقبين، تهدف إلى تحقيق توازن بين مصالح اللاجئين الذين يبحثون عن حياة كريمة، وبين حاجات الاقتصاد اليوناني الذي يعاني من أزمة ديموغرافية ونقص في الأيدي العاملة.
خطوة استراتيجية لأثينا
يعتبر مراقبون أن هذه المبادرة تمثل واحدة من أبرز محاولات اليونان لإعادة صياغة علاقتها بملف اللاجئين، ليس فقط عبر استيعابهم إنسانياً، بل بتحويلهم إلى محرك اقتصادي يعزز النمو. وفي ظل الضغوط الأوروبية لإيجاد حلول واقعية لأزمات الهجرة المتفاقمة، تضع أثينا نفسها في موقع الريادة عبر خطة عملية توائم بين متطلبات الاقتصاد واحتياجات اللاجئين