اخبار السودان
موقع كل يوم -نبض السودان
نشر بتاريخ: ٢٣ حزيران ٢٠٢٥
متابعات- نبض السودان
رغم أن الوثائق الرسمية تُعتبر من أبسط حقوق الإنسان، فإن آلاف اللاجئين السودانيين المقيمين في أوغندا يواجهون تحديات قاسية للحصول على جواز السفر الإلكتروني أو الرقم الوطني أو شهادة الميلاد، بسبب الرسوم المرتفعة التي تفرضها السفارة السودانية في كمبالا.
ففي الوقت الذي فرّ فيه هؤلاء اللاجئون من أهوال الحرب في السودان بحثًا عن الأمان، اصطدموا بواقع مرير يتمثل في صعوبات إدارية ومالية تعيق حصولهم على أوراقهم الثبوتية الأساسية.
مركز جديد لاستخراج الجوازات وسط ضغط متزايد
أعلنت السفارة السودانية في أوغندا رسميًا بدء العمل بمركز الجواز الإلكتروني في العاصمة كمبالا يوم الجمعة الموافق 13 يونيو 2025، بعد استكمال الربط الشبكي مع هيئة الجوازات والسجل المدني في الخرطوم
وبحسب التعميم الصادر عن السفارة، فإن المركز يستقبل المراجعين يومي الإثنين والخميس أسبوعيًا، بناءً على قوائم تُعلن مسبقًا عبر صفحة السفارة الرسمية على فيسبوك، ويدعو التعميم المواطنين إلى متابعة الصفحة للحصول على الجداول المحددة بأسماء المراجعين.
ويُعد المركز محطة رئيسية للاجئين السودانيين القادمين من دول الجوار مثل كينيا ورواندا وتنزانيا، فضلًا عن المقيمين داخل معسكرات أوغندا، حيث يتجاوز عدد المسجلين لدى السفارة لأغراض المعاملات الرسمية أكثر من 6 آلاف شخص، في ظل تزايد مستمر في الطلب.
رسوم 'فوق طاقة' اللاجئين
وفقًا للائحة المعتمدة من وزارة المالية السودانية، فإن رسوم استخراج الجواز الإلكتروني للبالغين تبلغ 250 دولارًا، بينما تبلغ 125 دولارًا للأطفال دون 18 عامًا، كما حُددت رسوم وثيقة الرقم الوطني، بدل فاقد، للكبار والأطفال بـ25 دولارًا، وشهادة الميلاد بـ30 دولارًا
إلا أن هذه الرسوم العالية أثارت موجة من الغضب وسط اللاجئين الذين يعيش معظمهم أوضاعًا إنسانية بالغة الصعوبة، ويعتمدون على المعونات الدولية لتأمين احتياجاتهم الأساسية من الغذاء والدواء والمأوى.
غضب واستياء وسط اللاجئين
لاجئون سودانيون في أوغندا عبّروا عن استيائهم من الرسوم المفروضة، مؤكدين أنها تفوق قدرتهم المادية
قالت لاجئة سودانية: 'كيف يُطلب من شخص فقد كل شيء أن يدفع 250 دولارًا لاستخراج جواز سفر؟ نحن لا نملك شيئًا، ونعيش على ما تجود به منظمات الإغاثة'
بدوره، وجه اللاجئ موسى زوما مذكرة إلى رئيس الوزراء كامل إدريس، طالب فيها بتخفيض الرسوم إلى 100 دولار، ومنح شهادات الميلاد والأرقام الوطنية للأطفال مجانًا. وشدد على أن اللاجئين في معسكر كرياندونقو يعانون من ظروف قاسية تتطلب تدخلًا حكوميًا عاجلًا
كما طالب صالح إدريس، رئيس مجتمع اللاجئين السودانيين في أوغندا، بعقد اجتماع عاجل مع السفارة لمناقشة شمول كافة المعسكرات، خاصة معسكر بيالي، في عمليات التسجيل
الوثائق الثبوتية: حق قانوني لا يجوز التلاعب به
أكد اللاجئ عادل عبدالله نصرالدين أن الوثائق الرسمية مثل شهادة الميلاد والبطاقة الشخصية والجواز تُعد من الحقوق الأساسية التي يجب أن تُمنح لكل مواطن دون مقابل باهظ، خصوصًا في ظروف اللجوء
وأوضح نصرالدين أن فرض رسوم مرتفعة على هذه الوثائق يهدد اللاجئين بالحرمان من حقوقهم، ويفتح الباب أمام تهميشهم، قائلًا: 'إذا لم تستطع الدولة توفير هذه الخدمات مجانًا، فعلى الأقل يجب أن تكون رسومها رمزية'
الجواز البديل للاجئين: حل قانوني مُغفل
أبدت إحدى اللاجئات استغرابها من لجوء البعض لاستخراج جوازات سودانية من السفارة، مؤكدة أن وضع اللاجئ القانوني يخضع لحماية المفوضية السامية للأمم المتحدة، وليس لحكومة بلده الأصلية
وأوضحت أن المفوضية توفر جواز سفر خاص باللاجئين، يُكلف حوالي 200 ألف شلن أوغندي (أقل من 100 دولار)، ويُعترف به دوليًا، داعية إلى اعتماد هذا الخيار القانوني كبديل أكثر عدالة وأمانًا
مشاكل تقنية تعمّق الأزمة وتفاقم الازدحام
ورغم إعلان السفارة عن الجداول المخصصة للمراجعين، فقد شهد يوم الجمعة 13 يونيو حضور نحو 100 شخص لمعاملات الجوازات والرقم الوطني، إلا أن تعطل الشبكة حال دون إتمام معظم المعاملات
ونتيجة لذلك، قررت السفارة ترحيل المراجعين إلى يوم الاثنين، ما تسبب في ازدحام خانق بعد توافد المجموعة المرحلة مع أسماء الإثنين الأصلية
وبعد نشر قائمة مراجعين جديدة ليوم الثلاثاء، أصدرت السفارة اعتذارًا وأعلنت إرجاء المعاملات إلى الأربعاء 18 يونيو بسبب استمرار تعطل شبكة الاتصال مع رئاسة الجوازات ببورتسودان
ودعت السفارة المراجعين إلى متابعة صفحتها على فيسبوك للاطلاع على المواعيد والتحديثات المستمرة، وسط حالة من الاستياء والتذمر نتيجة التراكم الإداري والفني
هل تتحمل الدولة مسؤولية مواطنيها في اللجوء؟
السؤال الذي يطرحه اللاجئون اليوم بمرارة: أين دور الدولة في حماية مواطنيها في الخارج؟ وهل تحوّلت وثائق الهوية إلى وسيلة للجباية، بدل أن تكون صمام أمان يحفظ الكرامة والهوية في المنافي؟
اللاجئون السودانيون في أوغندا يترقبون خطوة حكومية حاسمة، إما بإعادة النظر في الرسوم المجحفة، أو عبر آليات بديلة تحفظ لهم حقهم في الوثائق، دون أن تكسر ظهورهم ماليًا