اخبار السودان
موقع كل يوم -نبض السودان
نشر بتاريخ: ٢١ حزيران ٢٠٢٥
الخرطوم – نبض السودان
تعهد والي ولاية الخرطوم، أحمد عثمان، بإعادة التيار الكهربائي إلى جميع أحياء العاصمة السودانية خلال الأيام القليلة المقبلة، في إطار خطة تهدف إلى إعادة الحياة إلى طبيعتها تدريجيًا في الخرطوم التي أنهكتها الحرب، وأثرت بشكل بالغ على البنى التحتية الحيوية، وعلى رأسها قطاع الكهرباء والمياه والتعليم.
خطة لإعادة الخدمات الأساسية تدريجيًا
وأكد الوالي، خلال لقائه مع مواطني حي الدوحة بمدينة أم درمان يوم السبت 21 يونيو 2025، أن حكومة الولاية بدأت بالفعل في خطوات فعلية لإعادة تأهيل محطات المياه والآبار المنتشرة في مناطق الولاية المختلفة، في محاولة لتوفير خدمة المياه لجميع السكان.
وأضاف أن الاستعدادات جارية على قدم وساق لاستئناف العملية التعليمية وفتح المدارس بشكل كامل في كافة محليات الولاية، تمهيدًا لعودة الحياة المدرسية إلى طبيعتها، بعد انقطاع دام لفترات طويلة بفعل النزاع المسلح الذي اجتاح الخرطوم ومحيطها.
دعوة للمواطنين بالعودة إلى المنازل واستئناف الحياة
ودعا والي الخرطوم المواطنين الذين اضطروا للنزوح إلى خارج العاصمة أو إلى ولايات أخرى، إلى العودة إلى منازلهم والمساهمة في استعادة ملامح الحياة العامة، مؤكدًا أن مؤسسات الدولة تعمل على تهيئة الظروف المناسبة لاستقبال العائدين وتأمين الخدمات الحيوية لهم.
الخرطوم في ظلام دامس بسبب النهب والتخريب
وتعاني الخرطوم منذ أشهر طويلة من أزمة كهرباء خانقة، نتيجة التخريب الواسع الذي طال البنية التحتية لقطاع الكهرباء، بما في ذلك تعرض كابلات التوصيل الرئيسية في الأسواق والأحياء إلى النهب المنظم. وتشير تقارير ميدانية إلى أن عمليات السرقة طالت غالبية مناطق الخرطوم، خصوصًا تلك التي كانت خاضعة لسيطرة قوات الدعم السريع.
ويؤكد متخصصون في مجال الطاقة أن الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية للكهرباء تتطلب تمويلًا ضخمًا لا يقل عن نصف مليار دولار، في المرحلة الأولى فقط، حتى تتمكن الحكومة من إيصال التيار الكهربائي إلى كافة أحياء العاصمة والتخلص من برمجة القطوعات، وتحقيق استقرار الإمداد الكهربائي.
توقف محطات التوليد الحراري في بحري وقري
ومن أبرز أسباب تفاقم أزمة الكهرباء، توقف محطتي بحري وقري شمال العاصمة عن العمل، حيث تعملان بنظام التوليد الحراري باستخدام الديزل والفيرنس. وقد خرجتا عن الخدمة منذ قرابة 20 شهرًا عقب سيطرة قوات الدعم السريع عليهما، الأمر الذي أفقد الشبكة القومية نحو 600 ميغاواط/ساعة.
ورغم إعلان وزارة الطاقة شروعها في صيانة المحطتين، إلا أن خبراء يؤكدون أن حجم الأضرار كبير ويستغرق وقتًا طويلاً لإصلاحه، إضافة إلى الحاجة لتمويل ضخم يصل إلى نصف مليار دولار، ما يعقد من عملية إعادة تشغيل المحطات الحيوية في المدى القريب.
الخرطوم تستهلك أكثر من ثلث كهرباء السودان
وتعد ولاية الخرطوم الأكثر استهلاكًا للطاقة في البلاد، حيث تستخدم ما يزيد عن ثلث الإنتاج الموزع على الشبكة القومية التي تغطي 12 ولاية سودانية. وفي ظل تزايد أعداد العائدين من الخارج والولايات المجاورة، فإن العجز في الإمداد الكهربائي مرشح للاستمرار، ما لم يتم إيجاد حلول تمويلية عاجلة لإصلاح الشبكة وإعادة تشغيل المحطات الكبرى.
تصدير النحاس ونهب الكابلات
وتكشف تقارير موثوقة عن أن كابلات الكهرباء النحاسية المنهوبة من أحياء الخرطوم تم تهريبها إلى خارج البلاد، عبر جهات على صلة بقوات الدعم السريع. إذ وقعت عمليات النهب بشكل مكثف في مناطق كانت خاضعة لسيطرة هذه القوات، مما ساهم في انهيار شبكات التوصيل بشكل شبه كامل.
مبادرات شعبية للإنارة بالطاقة الشمسية
وفي ظل أزمة الكهرباء، لجأت بعض أحياء مدينة بحري، لا سيما في شمبات، إلى تنفيذ مبادرات شعبية تعتمد على الطاقة الشمسية لإضاءة الشوارع، في تجربة ألهمت العديد من المناطق الأخرى. كما شهدت أسواق الطاقة الشمسية انتعاشًا ملحوظًا في العاصمة والولايات، باعتبارها البديل الوحيد المتاح لتوفير الطاقة في ظل الانقطاع المستمر.
تحديات الكهرباء في الخرطوم مرهونة بالإرادة والتمويل
ورغم وعود والي الخرطوم بإعادة الكهرباء خلال أيام، فإن مراقبين يرون أن المسألة ترتبط بعوامل أكبر، تشمل تأمين التمويل الدولي أو المحلي، واستعادة سيطرة الدولة على مؤسسات إنتاج الكهرباء، وتوفير بيئة آمنة لفِرق الصيانة، وهو ما يتطلب استقرارًا أمنيًا أولًا، قبل تنفيذ وعود الخدمات.
ختامًا: بارقة أمل.. ولكن
تبقى تعهدات والي الخرطوم بارقة أمل في طريق العودة إلى الحياة الطبيعية، لكنها مرهونة بقدرة الحكومة على تأمين الموارد، وإنفاذ الخطط على أرض الواقع، واستمرار التنسيق بين مؤسسات الدولة والمجتمعات المحلية لتحقيق الهدف المنشود: عودة الكهرباء، ثم الحياة.