وفد الكونغرس الأمريكي بالبلاد.. دواعـــــــي الزيـــــارة!

الخرطوم: هالة حافظ

لوحظ خلال فترة الأشهر القليلة المنصرمة تدفق الوفود الامريكية الى السودان تحت مختلف المسميات ، الغرض الظاهر منها هو دعم حكومة (الفترة الانتقالية ) وذلك بفضل التعاون مابين الادارة الامريكية والكونغرس الامريكي بيد ان العالمين ببواطن الامور يشيرون الى ان أمريكا تسعى لأن يظل الباب منفتحا لمصلحة أمريكا بيد ان وزير المالية والتخطيط الاقتصادي د. جبريل إبراهيم عند لقائه وفد الكونغرس الأمريكي الذي يزور البلاد قال انه يعزز من صدق ونوايا الادارة الامريكية تجاه السودان فى مرحلة التحول الديمقراطي الذي تمضي نحوه الحكومة الانتقالية ولمساعيها لتحقيق السلام في كل ربوع السودان ،وفي المقابل اكد ايضا رئيس الوفد وعضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ السيناتور كريستوفر كونز دعمهم المستمر لعملية الانتقال الديمقراطي في السودان ،وقال اننا نريد ان نكون شركاء مع السودان لدعم الانتقال والوصول للديمقراطية والسلام والعدالة، لافتا الى ان اللقاء بحث قنوات يمكن اتباعها لتحرز تقدما من خلال إعادة السودان إلى فلك المال العالمي واتخاذ قرارات لتذليل العقبات لاسيما فيما يخص الاستقطاب المالي.

أهداف سياسية

بيد ان الخبير الاقتصادي حيدر ابو شامة يرى ان زيارة وفد الكونغرس الامريكي للسودان تحمل جانبا سياسيا أكثر من الجانب الاقتصادي بصورة واضحة بغض النظر عن الهدف المعلن عنها ، وافاد لـ(الإنتباهة) بأنه اذا كان الهدف اقتصاديا كان من الاولى جلب الجهات المعنية في الاقتصاد والمتمثلة في القطاع الخاص الامريكي ووزارة الخزانة الامريكية ومسؤولين من الاستثمار كأول خطوة، واشار الى ان الوفود الامريكية تأتي مرارا وتكرارا لأهداف سياسية لعقد اتفاقيات على امور محددة السودان بعيد كل البعد عنها في الجانب الاقتصادي، وتساءل مستنكرا بأنه في ظل عدم الاستقرار السياسي والامني والاقتصادي مع عدم وضوح الرؤية لسياسة الدولة الكلية من العاقل الذي يفكر في الاستثمار في السودان، مبينا ان محددات دخول المستثمر داخلية وخارجية، وتابع العوامل الداخلية انتفت بصفة مطلقة ولا وجود لها، وذلك لعدم وجود ابجديات الاستثمار من بنيات اساسية وطاقة وطرق ومواصلات واستقرار السياسات الاقتصادية الكلية واستقرار سياسات سعر الصرف ومعدلات التضخم الاقتصادي وحرية الاستثمار والحركة وحرية تحويل الأرباح، مشيرا الى عدم وضوح رؤية الحكومة، منوها الى سياسات بنك السودان المركزي التمويلية والتي صدرت بعد شهرين من بداية العام ٢٠٢١م كأول مرة في تاريخ بنك السودان في حين كان يجب صدورها بنهاية العام الذي يسبقه، لافتا الى انه كان يجب على وزارة المالية أن تكون واضحة وشجاعة في طرح سياستها موضحا ان موجهات الموازنة أخذت طابع الاماني والأحلام اكثر من الأهداف، وذلك بالحديث عن تثبيت سعر الصرف، والنمو الاقتصادي والعمالة، مشيرا الى ضرورة وضع الأهداف القابلة للتحقيق بفترة زمنية محددة ومؤشر للقياس، واصفا مايحدث بالفوضى وتحقيق الكسب السياسي نتيجة افتقارالحكومة والأحزاب لبرامج واضحة، ولفت الى ان المؤتمرات الاقتصادية التي تعقد شكلية وسياسية وغير موضوعية، وتابع : المستثمر لن يفكر في الاستثمار في بلد تفتقر لعدم حكم القانون وعدم وجود حوافز للاستثمار وعدم اتاحة الاستقرار الاقتصادي ووجود الاضطرابات والفوضى السياسية ، واكد ان امريكا من اكثر الدول التي على علم تام بكل المعلومات عن السودان لهذا لن تغامر في الدخول في استثمار تعلم جيدا انه لا يصلح للاستثمار في الوقت الراهن ، ولفت الى ان هناك دولا أنسب للاستثمار من الناحية البيئية بدلا من السودان مثل اثيوبيا ومصر وكينيا ويوغندا، ونبه الى ان السودان لم يشكل له برلمان حتى اليوم فلماذا يزوره وفد من الكونغرس.

مزيد من الضغوط

من جانبه قال الخبير الاقتصادي كمال كرار ان زيارة الوفد الامريكي ما كان معلنا عنها مناقشة التوسط بشأن سد النهضة إلا ان طابع الكونغرس الامريكي يشير الى تخصصهم في الشؤون الاقتصادية باعتبار قانون رفع الحصانة السيادية عن السودان، واوضح بأنه كان يجب التطرق للشؤون الاقتصادية لجهة اننا على بعد مسافة قليلة لمؤتمر باريس، مؤكدا ان هذا الامر سيصب في اطار مزيد من الضغوط على السودان والحكومة الانتقالية فضلا عن الاستجابة لشروط صندوق النقد الدولي، مقابل وعود لم تصدق على الإطلاق نتيجة ازمة الاقتصاد التي يعانيها وبالمزيد من الاستجابة لتلك الشروط يعني الاستجابة لمزيد من الأزمات الاقتصادية وكأنما نتلقى الأوامر فيما يتعلق بالاقتصاد من الخارج ، بيد انه أشار الى ان التدخل لم يعد سرا بل أصبح علانية، مبينا ان هذا الامر لا يليق بحكومة ما بعد الثورة، واضاف من الأفضل للجميع الاتعاظ بما حدث في العامين السابقين فيما يتعلق بالاقتصاد لجهة ان الأوضاع اصبحت جحيما لا يطاق للغالبية العظمى من الناس، بينما كان الواجب ان تخدم السياسات الاقتصادية المواطن ودعم القطاعات الانتاجية بيد ان الواقع يشير الى ان كل تلك الأمور بعيدة عن التحقيق بسبب هذا النوع من الشروط الخارجية التي لا تتعلق بزيادة الانتاج وتحسين الوضع المعيشي بهدف الضغط بأكبر قدر ممكن، مؤكدا ان الأزمة الاقتصادية ستساهم في توليد أزمة سياسية ، ويجب على الحكومة ان تعرف ان الشعب لن يتحمل تلك الضغوط الى ما لا نهاية، وقال ان الحكومة تسمع الأصوات الخارجية اكثر من سماع أصوات الجوعى والمرضى والمغلوبين على أمرهم من المواطنين ، لافتا الى ان الشارع له كلمته حال التمادي في السماع لمزيد من الإملاءات الخارجية.

بالمقابل أكد رئيس قسم الدراسات الاقتصادية الفاتح عثمان ان طبيعة تكوين الوفد تجعل منه أداة للتواصل ولتكوين فهم افضل للقضايا موضع الاهتمام بين الحكومتين لأن الكونجرس هو الذي أجاز المساعدات الامريكية للسودان ، لذلك نجده مهتما بالتعرف عن قرب على كيفية الاستفادة من هذه المعونة الامريكية على الوجه الذي يتفق ورؤية الكونجرس والحكومة الامريكية، واضاف لـ (الإنتباهة) ان اهتمام الوفد الأمريكي بقضية سد النهضة فهو للتعرف على آراء الحكومة السودانية عن قرب لكن الوفد يظل وفدا برلمانيا وبالتالي ليس من الضرورة ان يتطابق مع رؤية الحكومة الامريكية في قضيتي سد النهضة والدعم الاقتصادي للسودان، اما اهتمام الكونجرس بدعم جهود الحكومة السودانية من أجل الاندماج في الاقتصاد الدولي فهذا يتفق مع اهتمام الحكومة الأمريكية بدعم حكومة الثورة خاصة بعد التطبيع مع اسرائيل. وأشار الى ان أمريكا لديها وفد مختص فيما يتعلق بملف سد النهضة.