تباين ردود الفعل حول قرار الحكومة بشأن مشروع الجزيرة

متابعات- نبض السودان

تباينت ردود الفعل حول القرار الصادر عن رئيس مجلس الوزراء بتشكيل وحدة خاصة بري مشروع الجزيرة تتبع إداريًا لإدارة المشروع، حيث رأى البعض أنه انتصار لمزارعي الجزيرة، فيما انتقده آخرون بشدة.

دعم المزارعين للقرار

اعتبر عدد من المزارعين القرار انتصارًا لإرادتهم، مؤكدين أنه يبعد المشروع عن 'السلحفائية' في انتظار الإجراءات الخاصة بوزارة الري الاتحادية، التي دفع المزارعون ثمنها هذا العام بسبب ضعف مناسيب الري في الأقسام، مما تسبب في فقدان مساحات واسعة من العروة الصيفية.

آراء الخبراء الاقتصادية والفنية

أيّد الخبير الاقتصادي بروفيسور مصطفى نواري القرار، مؤكدًا في المنتدى الاقتصادي عبر تطبيق واتساب أن من البداهة أن تكون هناك جهة فنية تابعة لإدارة المشروع تتسلم حصتها من خزان سنار (وزارة الري) وتوزع المياه حسب خطة الإدارة الزراعية. وأضاف نواري أن هذا الوضع الطبيعي ينبغي أن يكون معمولًا به في كافة المشاريع المروية سواء من المصادر الجوفية أو السطحية، مؤكدًا أن القرار يتطلب سلطة أعلى من وزارات الزراعة والري، وهي سلطة رئيس الوزراء، وأنه لا جدوى من وجود مدير مشروع الجزيرة تحت رحمة مهندسين لا يخضعون لخططه وبرامجه.

الانتقادات الموجهة للقرار

على النقيض، وصف مدير الوكالة الوطنية لتنمية وتمويل الصادرات أحمد بابكر حمر القرار بـ'السيئ' و'سوء كامل الدسم'، مشيرًا إلى أن لرئيس الوزراء علاقة محدودة باتخاذ قرار من هذا النوع في وجود وزير الزراعة والري الذي رشحه رئيس الوزراء شخصيًا. كما رأى الخبير الاقتصادي محمد قرار أن دمج الري مع الزراعة قرار غير موفق ولا يتماشى مع المرحلة التي تتطلب معالجات سريعة وعاجلة، داعيًا إلى تعميم هذا التوحيد في المشاريع المروية الكبرى في الجزيرة ونهر النيل والشمالية.

تقييم الخبراء الزراعيين

من جهته، تساءل الخبير الزراعي د. محمد عثمان محجوب السباعي عن أساس الحكم على 'سوء' القرار، مؤكدًا أن ضعف الري الناتج عن التواكل والتباعد بين إدارتين متناطحتين (الزراعة والري) هو سبب رئيسي لدمار المشاريع الزراعية، وفقدان مليارات الدولارات من الخزينة العامة، وتأثيره السلبي على كل الوزارات الخدمية بما فيها التعليم والصحة والتنمية الاجتماعية والدفاع. وأوضح السباعي أن مشاريع السكر مثلت نموذجًا ناجحًا لتوحيد الإدارة منذ مرحلة الدراسات حتى التنفيذ، حيث لم تتأثر بالإنتاج بسبب ضعف الري وحقق المشروع طفرة إنتاجية تجاوزت ستين طنًا للفدان.

تأكيد الصحفي الاقتصادي على الإصلاح الهيكلي

أما الصحفي الاقتصادي عبدالوهاب جمعة فأكد أن إضافة الري لوزارة الزراعة كان خطأ كبيرًا، مؤكدًا أن مشروع الجزيرة يتطلب إصلاحًا هيكليًا في موضوع الري والزراعة. وأضاف أن وحدة تنفيذ السدود التي تم ضمها لاحقًا بدأت عملية إصلاح الري عبر تأهيل المكاتب والمباني، وتحسين سكن العمال، وصيانة القنوات، ونظافتها، ما وفر فرصة لإدارة مشروع الجزيرة للتركيز على أعمالها الأساسية في الزراعة، رغم أنه تم حل الوحدة لاحقًا.

تحديات وتطلعات

يبقى القرار محط جدل بين من يرى فيه فرصة لتصحيح مسار الري والمشاريع المروية، ومن يعتبره خطوة غير مدروسة قد تزيد من التعقيدات البيروقراطية، فيما يتفق الجميع على أهمية إصلاح هيكلي يضمن استقرار مشروع الجزيرة واستمرارية إنتاجيته الزراعية.