كتب فقيري حمد : استراتيجية الامل (1)

مقدمة:

غاية ما,يحتاجه سودان اليوم الخروج من ضيق التحزب الي سعة الوطن بتالف شعبه النبيل علي الولاء العميق للوطن العزيز، و الاتحاد الوثيق بين مكوناته بُغية التراضي على دولة المواطنة الاتحادية و الحفاظ على السلم الأهلي، الأمن القومي، و سيادة و مقدرات البلاد.

إفرازات الحرب الضروس تُنبئ بمخاطر جمة تحيط بالمجتمع و الدولة، مما ينذر بشر وبيل ما لم يبادر مجلس السيادة و رئيس الوزراء بحمل كل مكونات شعب السودان علي إيثار الدولة على كل انتماءاتهم و تعزيز قيم العمل العام في الممارسة السياسية تطَهُّراً من الذاتية و الأنانية الحزبية, ترفُّعاً فوق المزايدات, تضميداً للجراحات النازفة, هزيمةً نكراء للغة الكراهية و بناء جبهة داخلية لا تُخترق.

شعب السودان علي اختلاف حواضنه الاجتماعية في مسيس الحاجة للتضامن في صعيد الوطن مبصرا بعين زرقاء اليمامة المستقبل المضيئ, نابذاً التحزب المتعصب تعزيزا لروح الأخوة في الوطن بالحب و التسامح، و تحقيق المواطنة بالعدل و المساواة و الحرص علي البناء الوطني بإطلاق عنان قدرات ،معارف و خبرات ابناء السودان للبناء و الإعمار و قيادة التغير المرتجي.

تعزيز قواعد الامن القومي لدولة السودان و رتق عري المجتمع بما يحقق السلم الأهلي بين مكوناته و الحفاظ علي وحدته ،يقتضي قيام معالي رئيس الوزراء باعتباره جهاز التفكير السياسي للدولة السودانية بالإشراف المباشر علي بناء تنظيم سياسي قومي يوحد إرادة الشعب خلف حكومة الامل في فترةً تاسيسية اجلها عشر سنوات تعبر فيها حكومة الامل بالدولة و المجتمع من وحل الصراع الحزبي، الإثني، و العقائدي إلى واحة الأخوة في وطن كل اجزائه لكل منا وطن .

الدعوةُ لمرحلة تأسيسية طويلة الأجل تأتي من وحي قراءة موضوعية للتجارب الديمقراطية التي لم تصمد طويلا و من واقع حكومة ثورة ديسمبر التي اكلمت العمرالافتراضي لديمقراطيات السودان دون احراز تقدم يذكر في مسيرة البناء الديمقراطي و انتهت بحرب شعواء قضت علي الأخضر و اليابس و شردت شعب السودان من دياره.

ليس غائبا عن معالي رئيس الوزراء الحصيف و قادة القوات المسلحة السودانية بان معضلة السياسة السودانية تكمن في عجز الأحزاب السياسية على ابتدار مفاهيم جديدة باعثة لهمم الكفاءات ،حاشدة لإرادة الامة حول أجندة قومية محققة

لآمال و تطلعات الشعب و مواكبة لمتطلبات الحداثة.

فشلُ أحزاب السودان في رسم مستقبل مشرق لوطن زاخر بالموارد و شعب يتكئ على إرث حضاري ضارب الجذور في القدم, مردُّهُ ضعف المنظومة الحزبية و إفتقادها لكل مقومات الجدارة السياسية التي تؤهلها لبناء نظام حكم رشيد .أحزاب السودان على اختلاف مدارسها وتوجهاتها تعاني نقصا حاداً و مُخِ الًا في الأبعاد أدناه:

معظم أحزاب بلادنا منبثقة من تنظيمات و مدراس غير سودانية صدىً لغيرنا من الشعوب و تعبير عن بيئتها الاجتماعية، و تبعاً لذلك تنقصها الأصالة الفكرية.

البعد الديمقراطي:

عجزت أحزاب السودان طوال تاريخها علي ارساء قواعد حكم المؤسسة, و ديمقراطية التنظيم و التبادل السلمي لسلطة الحزب. التجربة الحزبية في السودان أتسمت بركاكة الأداء، ترهل الهياكل، كبح حرية الأعضاء، تبديد قدرات الكوادر، ديمومة و استبداد القيادة ،و التوريث ربما لمن ليس أهلًا لها.

البعد النقدي:

أحزاب بلادنا لا تعرف نقد الذات و لا مراجعة التجارب و لا الاعتذار عن الأخطاء. العقل السياسي الحزبي في بلادنا، يرفض الصوت، الناقد بل يقمعه و يدمغه بأبشع النعوت، لذا عجزت المنظومة الحزبية علي تجويد الممارسة السياسية..

البعد القومي:

في كل المراحل الديمقراطية عجزت أحزاب السودان في التوافق حول قاعدة مسلمات وطنية راسخة لا يحيد عنها حزب و لا فصيل، يجعل الوطن فوق الاحزاب، سيادته مقدسة و الحفاظ على نظامه السياسي و مقدراته و مصالحه واجب قومي دونه المهج و الأرواح.

مع تكرار التجارب السياسية الفاشلة العقل المتحزب المستبد لا يتجدد و لا يتعلم من التجارب بل يكرر متاهة الصراعات،ليجتر شعب سودان حلقات التجارب الفاشلة التي كبالت مسيرة الدولة, أرهقت كاهل الشعب و حرمت المواطن من أبسط حقوقه

مع تغير نظام الإنقاذ في ديسمبر 2019، ظهرت أحزاب البوار وتصدر الموقف خبراء اقتناص الفرص، و تكالبت قوى الشر التي فشلت أكتوبر و أبريل لتسوق الدولة إلى الفشل المحتوم .

استأثرت قوي الحرية و التغير بحكومة الفترة الانتقالية ،احتكرت الدولة وناصبت القوات المسلحة ، جهاز الامن و المخابرات ،الشرطة و القضاء عداءً سافراً بهدف تفكيك الدولة بل و حرضت مليشيات الجنجويد للتمرد علي الدولة و، أدخلت الوطن في حرب هددت بقاءه، أمنه الاجتماعي، و سيادته، و كادت ان تسوق البلاد إلى مستقبل مخيف مجهول.

هذة السيرة السيئة للتجربة الحزبية في بلادنا كفيلة بقطع الطريق امام الطموحات غير المشروعة للأحزاب بابتدار الدولة لتنظيم قومي حاشد للإرادة الوطنية خلف الدولة و التوافق علي مرحلة تأسيسية مدتها عشر سنوات يعقبها تحول ديمقراطي انسيابي يفضي الي شرعية مستدامة