حذف 3 أصفار من الجنيه السوداني؟.. مسؤول سابق يكشف

متابعات- نبض السودان

حذر مساعد محافظ بنك السودان المركزي السابق عبد الله الحسن، من التأثيرات السالبة لاستمرار تداول العملة القديمة 'الجنيه السوداني' بالتوازي مع العملة الجديدة، مؤكداً أن هذا الوضع يهدد نجاح عملية استبدال العملة، خاصة في الولايات التي لم تُستكمل فيها العملية حتى الآن، مما يفتح الباب أمام ممارسات اقتصادية غير منضبطة.

نقل العملة القديمة بين الولايات يعقد المشهد

وأوضح الحسن أن استمرار تداول العملة القديمة يدفع المواطنين في الولايات الآمنة التي تم فيها الاستبدال الكامل إلى حمل أوراق العملة القديمة ونقلها إلى ولايات أخرى لم تصلها العملية بعد، لاستبدالها بفئات جديدة أو تحويلها عبر التطبيقات المصرفية الإلكترونية، وهو ما وصفه بأنه خلل كبير يعيق أهداف السياسة النقدية ويخلق سوقاً موازية لتبادل العملات داخل البلاد.

مقترح لاختصار الأصفار من الجنيه السوداني

وأشار الحسن إلى أهمية إعداد دراسة شاملة بعد استقرار الوضع النقدي لتحديد الفئات الصغيرة (المعدنية) والفئات المتوسطة والكبيرة من العملة الورقية، مشيراً إلى أن نتائج الدراسة قد توصي باختصار عشري (حذف صفر)، أو اختصار مئوي (حذف صفرين)، أو حتى حذف ثلاثة أصفار من العملة الحالية، أسوة بعدد من الدول التي اتخذت هذا الإجراء في فترات أزمات اقتصادية مشابهة. وأوضح أن هذه الخطوة قد تكون ضرورية لإعادة هيكلة النظام النقدي وتقليل التضخم وتحسين كفاءة التعامل المالي.

صعوبات في تحقيق الهدف من عملية الاستبدال

وأكد الحسن أن الهدف الأساسي من عملية استبدال العملة هو معرفة الحجم الحقيقي للنقود داخل الجهاز المصرفي والنقود المتداولة لدى الجمهور، بهدف الاسترشاد بهذه البيانات في إعداد السياسات النقدية والتمويلية. غير أن استمرار التداول المزدوج للعملتين، حسب قوله، يعقّد حساب هذه النسب، ويجعل من الصعب على البنك المركزي تحديد نسبة السيولة الحقيقية داخل الاقتصاد الوطني، خاصة في ظل الظروف الأمنية المتقلبة التي تعانيها بعض الولايات.

الحرب تعطل المقاصة الإلكترونية

وكشف الحسن عن تفاصيل فنية مهمة تتعلق بالصعوبات التي واجهت استكمال عملية الاستبدال، مبيناً أن الحرب الدائرة في البلاد تسببت في توقف المقاصة الإلكترونية الخاصة بشيكات العملاء بالعملتين المحلية والأجنبية، نتيجة لتعطل 'محول القيود القومي' الذي تديره شركة الخدمات المصرفية الإلكترونية، والذي تعتمد عليه أغلب التطبيقات المصرفية الإلكترونية للبنوك العاملة في السودان. وأضاف أن توقف هذا النظام أدى كذلك إلى شلل شبه تام في أنظمة الدفع الإلكتروني مثل الصرافات الآلية ونقاط البيع الإلكترونية.

توقف الأنظمة المصرفية شل عملية الاستبدال

وأوضح الحسن أن هذه التحديات التقنية عطلت تنفيذ عملية الاستبدال عبر القنوات الرسمية المتمثلة في فروع الجهاز المصرفي، مما جعل المصارف تلجأ إلى بدائل يدوية لتسهيل الإجراءات. كما تسبب توقف معظم الخدمات الإلكترونية في إبطاء حركة الأموال وتعقيد عمليات التحويل والإيداع والسحب، وهو ما انعكس سلباً على سرعة تنفيذ الخطة المصرفية لاستبدال الجنيه القديم بالجديد.

ازدحام وفوضى في بداية عملية الاستبدال

وأشار الحسن إلى أن الأيام الأولى لعملية الاستبدال شهدت ازدحاماً كبيراً أمام المصارف، نتيجة اندفاع المواطنين لاستبدال أموالهم نقداً، وهو ما دفع البنوك إلى تبسيط الإجراءات المصرفية وفتح الحسابات بشكل عاجل للعملاء لتسهيل العملية، مما أدى إلى ارتفاع حجم ودائع المصارف خلال فترة قصيرة. إلا أنه أكد أن هذه الزيادة لا تعكس بالضرورة استقراراً نقدياً، بل هي نتيجة ظرفية فرضتها طريقة تنفيذ العملية.

الحاجة لإصلاح شامل للنظام المصرفي

وشدد الحسن على ضرورة معالجة الثغرات التي ظهرت خلال عملية الاستبدال من خلال إصلاح شامل للبنية التحتية للقطاع المصرفي، وضمان استمرارية أنظمة الدفع الإلكتروني، إضافة إلى ضرورة تأمين محول القيود القومي وتطويره ليكون أكثر قدرة على العمل في الظروف الطارئة. وأكد أن نجاح أي عملية نقدية مستقبلية يتطلب تضافر الجهود بين المؤسسات المالية والبنك المركزي لضمان الانضباط المالي والشفافية في حركة النقد داخل البلاد.

احتمالات الإصلاح النقدي المقبل

وختم الحسن حديثه بالتأكيد على أن حذف الأصفار من العملة السودانية قد يكون خياراً مطروحاً على المدى المتوسط، إذا ما ثبت أن الفئات الحالية فقدت قيمتها الحقيقية وأصبحت عبئاً على التعاملات اليومية. لكنه شدد في الوقت ذاته على ضرورة تنفيذ هذا القرار بناء على دراسات فنية دقيقة حتى لا يؤدي إلى إرباك جديد في السوق أو فقدان الثقة في النظام النقدي.