اخبار السودان
موقع كل يوم -نبض السودان
نشر بتاريخ: ٢٨ أيار ٢٠٢٥
متابعات- نبض السودان
في مشهد صادم ومثير للجدل، تصدّرت صورة من قطاع غزة مواقع التواصل الاجتماعي وتحوّلت إلى مادة دسمة للتعليق والتحليل، بعد أن التقطت في أحد مراكز توزيع المساعدات الإنسانية بغرب مدينة رفح جنوب القطاع، في 27 مايو 2025. الصورة التي وثّقت تدافع آلاف الغزيين للحصول على الغذاء والمساعدات، وصفت بـ'المهينة' وأثارت عاصفة من الانتقادات وصلت حتى داخل إسرائيل، ودفعت إلى تشبيهات تاريخية صادمة.
شبكات حديدية ومسارات خانقة
الصورة التي تم تداولها على نطاق واسع، أظهرت حشودًا من المواطنين الفلسطينيين وهم مصطفّون داخل ممرات ضيّقة، تفصل بينها شبكات حديدية كثيفة، ما جعل المشهد أقرب ما يكون إلى مشاهد 'معسكرات الاعتقال'. وظهر المواطنون وكأنهم محشورون في ممرات معدنية مغلقة، في محاولة للحصول على وجبة غذائية أو كيس دقيق، تحت إشراف عناصر الجيش الإسرائيلي.
أكاديميون وناشطون إسرائيليون: 'هذا معسكر اعتقال'
ردود الفعل لم تقتصر على الفلسطينيين، بل جاءت أيضًا من شخصيات إسرائيلية بارزة، مثل الأكاديمي شائيل بن أفرايم، الذي كتب على حسابه في منصة 'إكس': 'لا تقلقوا .. لقد أكدوا لي أن هذا ليس معسكر اعتقال'، في تعليق ساخر يعكس حجم السخط. وذهب أبعد من ذلك حين شبّه الصورة علنًا بـ'معسكرات اعتقال اليهود خلال عهد النازية'، في تلميح بالغ القسوة والإدانة.
الناشط الإسرائيلي ألون لي جرين من جانبه وصف الفيديو بأنه 'مرعب'، مشيرًا إلى أن السياسة الإسرائيلية تحوّلت إلى 'أداة تجويع لمليوني إنسان'، وأردف: 'حين يخترق الجائعون الحواجز الحديدية، تطلق عليهم المروحيات النيران.. أي رعب هذا؟'
الفلسطينيون: مهانة لا توصف
الغزيون أنفسهم لم يجدوا كلمات تصف المشهد سوى أنه 'إهانة للكرامة الإنسانية'. وعبّر العديد من النشطاء والمواطنين عبر منصات التواصل عن شعورهم بالغضب والذل، مؤكدين أن ما يجري في نقاط توزيع المساعدات ليس سوى استعراض للقوة وامتهان للكرامة، خاصة في ظل غياب أي إطار دولي يحمي المدنيين من هذه الإجراءات.
الأمم المتحدة تدين والمجتمع الدولي يصمت
ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، وصف الصور والفيديوهات التي ظهرت من رفح بأنها 'مؤلمة ومشينة'، مضيفًا أن الأمم المتحدة شاهدت المشهد ولا يمكنها تجاهله، في تلميح إلى خرق محتمل لأبسط المبادئ الإنسانية في إدارة المساعدات.
إلا أن المجتمع الدولي، رغم هذه الإدانة العلنية، لم يصدر عنه حتى اللحظة أي إجراء عملي أو قرار بمحاسبة المسؤولين عن ما اعتبره نشطاء 'إذلال جماعي تحت غطاء إنساني'.
منظمة 'غزة الإنسانية'.. تساؤلات واستقالات
الجدل اشتد أيضًا حول الجهة المشرفة على عمليات توزيع المساعدات، وهي منظمة 'غزة الإنسانية' التي تأسست في فبراير 2025 ومقرها جنيف. ورغم أنها أعلنت عن خطط لتوزيع المساعدات بشكل يومي، إلا أن مديرها التنفيذي جيك وود أعلن استقالته قبل أيام، معلنًا أن المؤسسة 'لا تستطيع تنفيذ مهمتها بما يتماشى مع المبادئ الإنسانية والحياد'.
مساعدات تحت الخطر.. 'أكشن إيد' تفضح المخطط
منظمات غير حكومية مثل 'أكشن إيد' خرجت عن صمتها وأعلنت أن 'المساعدات التي تُستخدم للتغطية على العنف ليست مساعدات، بل هي جزء من استراتيجية عسكرية للسيطرة على السكان'. وانتقدت هذه المنظمات ما وصفته بـ'الانتقائية في تحديد مواقع التوزيع'، معتبرة أنها تجبر السكان على التنقّل والتجمّع في مناطق معينة، مما يجعلهم أهدافًا مكشوفة.
الأمم المتحدة: لن نتعاون مع 'غزة الإنسانية'
وفي تصريح صريح، أعلن المتحدث باسم الأمم المتحدة، فرحان حق، أن المنظمة الدولية لن تتعاون مع مؤسسة 'غزة الإنسانية'، مشيرًا إلى أن خطتها 'لا تتماشى مع مبادئ النزاهة والحياد والاستقلالية'، ما يضع علامات استفهام كثيرة حول من يقف وراء هذه المنظمة الوليدة ومصادر تمويلها وخططها الحقيقية.
خطة أمريكية إسرائيلية لضرب حماس؟
بحسب صحيفة 'نيويورك تايمز'، فإن الخطة الإنسانية المزعومة التي تنفذها مؤسسة غزة الإنسانية بدعم من الولايات المتحدة، هي في الواقع 'جزء من خطة أعدها الإسرائيليون'، بهدف إضعاف حماس عبر تقييد حركة السكان وربطها بتقديم الغذاء، في ما يشبه الترويض الجماعي للشعب الفلسطيني في غزة عبر حاجته إلى المساعدات.
معاناة مستمرة وصمت مدوٍ
تواصل معاناة المدنيين في غزة وسط صمت دولي مخيف. وبينما تُوزع المساعدات بأساليب تشبه 'إدارة المعتقلات'، يُقتل الجوعى حين يحاولون الحصول على فتات حياة. ويبقى السؤال، إلى متى ستُستخدم المساعدات كسلاح، وإلى متى سيصمت العالم؟