اخبار السودان
موقع كل يوم -نبض السودان
نشر بتاريخ: ١٨ تشرين الثاني ٢٠٢٥
عند تعيين الزميل خالد الإعيسر وزيرًا للثقافة والإعلام، أطلق كثيرون العنان لخيالهم، ورسموا له صورة وردية زاهية الألوان، معتقدين أنه سيأتي بما لم يأتِ به الأوائل. وزّعوا عليه الألقاب من قبيل 'السوخوي' و'الفارس المغوار'، وأغرقوه في المدح والإطراء، حتى أعمتهم العاطفة عن التقييم الموضوعي، وصار كل من يختلف معهم في محبته يُصنّف في خانة الأعداء.
لكن الأحوال تبدلت، وغابت العاطفة وحل محلها العقل، فأصبح تقييم الوزير مختلفًا تمامًا، بل على النقيض مما كان عليه. واليوم، حالهم يغني عن السؤال.
الوزير الإعيسر، الذي نزعت منه صفة الناطق الرسمي باسم الحكومة بأمر رئيس الوزراء كامل إدريس، بدا وكأن كل همه الظهور أمام عدسات الكاميرات، بعمل أو بغير عمل. وعندما فقد موقعه كمتحدث رسمي، استغل منبر وكالة السودان للأنباء لتصفية حسابات شخصية وإبراز عضلات خطابية لا علاقة لها بمهام الوزارة.
في الواقع، لا يملك الوزير سلطة حقيقية داخل التلفزيون القومي، فلا يستطيع فصل موظف أو تعيين عامل نظافة، ولا حتى محاسبة أحد. الوزارة التي يقودها شكلًا بلا إدارة فعلية، باتت بلا صلاحيات، فيما يقتصر امتياز الوزير على اختيار لون ربطة العنق التي يرتديها.
وفي زمن الحرب، تصبح وزارة الإعلام أهم من وزارة الدفاع، لأنها تدير 'حربًا إعلامية' لا تقل خطورة عن العمليات العسكرية. لكن الوزير الإعيسر ظل كثير الكلام قليل العمل، ولم يستطع الانتقال من خانة 'الناشط السياسي' إلى خانة 'رجل الدولة'.
كان المتوقع أن يقدم التلفزيون السوداني برامج مواكبة لواقع الحرب، تعكس معاناة المواطنين ونزوحهم ولجوءهم، وتوثّق إفرازات الحرب وفظائعها. لكن التلفزيون عجز عن ذلك، فظل المواطن يعتمد على القنوات الأجنبية لمتابعة أحداث بلاده.
نصيحتي للوزير الإعيسر أن يغادر موقعه اليوم قبل الغد، بعد أن حقق أمنيته بإضافة لقب 'وزير سابق' إلى سيرته الذاتية، ويفسح المجال لغيره.
ولعل ما يزيد الأمر سوءًا أن الوزير كان على علم بتدخلات بعض المسؤولين في منع ظهور إعلاميين بارزين على شاشة التلفزيون القومي، رغم أن الأمر من صميم اختصاصه، لكنه لم يحرك ساكنًا. وهكذا يُدار الإعلام السوداني بمزاجية، بعيدًا عن المهنية والرسالة الوطنية.


























