بنك السودان يتخذ خطوة تاريخية لوقف انفلات الدولار

متابعات- نبض السودان

شرعت الحكومة السودانية، عبر البنك المركزي، في تنفيذ سياسة جديدة لشراء الذهب مباشرة من المعدنين والشركات المنتجة، في محاولة للسيطرة على الاضطرابات المتزايدة في سوق الصرف، بعدما شهد الدولار ارتفاعًا غير مسبوق مقابل الجنيه خلال شهري أغسطس وسبتمبر 2025.

خطوة استراتيجية برعاية لجنة الطوارئ الاقتصادية

القرار جاء ضمن حزمة إجراءات أقرتها لجنة الطوارئ الاقتصادية برئاسة رئيس الوزراء كامل إدريس، في وقت يترقب فيه الشارع السوداني حلولًا جذرية للأزمة الاقتصادية التي تضرب البلاد منذ اندلاع الحرب وتوقف معظم المصانع. وتهدف الخطوة إلى احتكار شراء الذهب عبر البنك المركزي بدلًا من تركه في أيدي المضاربين بالسوق الموازي.

رأي الخبراء: التحدي في طباعة النقود

الباحث الاقتصادي أحمد بن عمر أوضح في تصريح لـ'الترا سودان' أن نجاح هذه الإجراءات مرهون بمدى التزام الحكومة بعدم اللجوء إلى طباعة النقود لتمويل عمليات الشراء، محذرًا من أن أي زيادة في الكتلة النقدية ستغرق الأسواق بالعملة المحلية وتفاقم أزمة سعر الصرف. وأضاف أن توحيد سعر شراء الذهب خطوة ضرورية لردع المنتجين عن التوجه إلى السوق الموازي.

تحذيرات من تكرار أخطاء الماضي

أكد بن عمر أن شراء الذهب بتمويل نقدي غير مدروس سيُبقي الاقتصاد في حلقة مفرغة من التضخم وتراجع قيمة الجنيه. وقال: 'إذا لم يتم ضبط العملية بحذر، فإن الحكومة ستواجه عجزًا مضاعفًا بدلًا من معالجة الاختلالات، لأن طباعة النقود ستقود إلى المزيد من الانهيار'.

الدولار يواصل الصعود والمواطنون يئنون

شهدت الأسواق الموازية خلال الساعات الأخيرة تسجيل سعر صرف الدولار عند 3.45 ألف جنيه، ما فاقم من الأعباء المعيشية على المواطنين. وأدى ارتفاع الصرف إلى زيادة جنونية في أسعار السلع الاستهلاكية، خاصة المواد الغذائية والأدوية والوقود.

عبء إضافي على الاستيراد

تعتمد البلاد بنسبة 95% على السلع المستوردة لتغطية احتياجاتها الأساسية في الغذاء والصحة والخدمات، ومع توقف معظم المصانع بسبب الحرب، تضاعفت الضغوط على الجنيه. كما ساهمت زيادة التعرفة الجمركية بشكل متوالٍ في رفع الأسعار، وهو ما انعكس مباشرة على حياة المواطنين اليومية.

آمال مترددة في نجاح الخطة

ورغم القلق من تكرار إخفاقات سابقة في سياسات شراء الذهب، يرى بعض المراقبين أن الخطوة قد تمنح الجنيه السوداني متنفسًا إذا ما نُفذت بصرامة وشفافية، خاصة إذا استطاع البنك المركزي سحب كميات كبيرة من الذهب بعيدًا عن قبضة السوق الموازي وتوظيفها لتعزيز احتياطيات النقد الأجنبي