اخبار السودان
موقع كل يوم -بي بي سي عربي
نشر بتاريخ: ١٠ كانون الأول ٢٠٢٥
فرضت الولايات المتحدة عقوبات على شبكة عابرة للحدود تقول واشنطن إنّها تجنّد جنود كولومبيين سابقين وتدرّب مقاتلين، بينهم أطفال، للقتال في صفوف قوات الدعم السريع في السودان.
وتقول واشنطن إنّ الخطوة تستهدف 'مصدراً مهماً للدعم الخارجي' لهذه القوات المتّهمة بارتكاب فظائع واسعة النطاق خلال الحرب الأهلية الدائرة منذ عام 2023.
وقالت وزارة الخزانة الأمريكية إنّ مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (أوفاك) فرض عقوبات على أربعة أفراد وأربعة كيانات مرتبطة بشبكة تقودها أطراف كولومبية ساهمت في تأجيج النزاع عبر تجنيد عسكريين كولومبيين سابقين وتدريب مقاتلين، بمن فيهم أطفال، للقتال ضمن قوات الدعم السريع.
وتشمل العقوبات تجميد أي أصول لهؤلاء داخل الاختصاص القضائي الأمريكي، ومنع الأمريكيين من التعامل معهم، وحظر دخولهم الأراضي الأمريكية، مع إمكان تعرّض المخالفين لعقوبات مدنية وجنائية.
من هم المستهدفون؟
تقول واشنطن إن الشبكة التي استهدفتها تتكوّن في معظمها من مواطنين وشركات كولومبية، عملت منذ سبتمبر/أيلول 2024 على استقطاب عسكريين كولومبيين سابقين، بعضهم يمتلك خبرات في سلاح المدفعية والطائرات المسيّرة والعمل الميداني، وإرسالهم إلى السودان للعمل كمقاتلين وسائقين ومشغّلي مسيّرات ومدرّبين لعناصر قوات الدعم السريع، بمن فيهم أطفال.
وتضيف وزارة الخزانة أنّ هؤلاء المقاتلين انتشروا في عدة جبهات داخل السودان، من بينها العاصمة الخرطوم وأم درمان وولايات كردفان ودارفور، وشاركوا في معارك رئيسية، منها العملية التي انتهت بسيطرة قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، في 26 أكتوبر/تشرين الأول 2025، بعد حصار استمر نحو 18 شهراً.
ويقول مسؤولون أمريكيون إن إشراك مقاتلين كولومبيين ذوي خبرة عسكرية مكّن قوات الدعم السريع من تعزيز قدراتها القتالية في ساحة معقّدة مثل دارفور، حيث وثّقت منظمات دولية عمليات قتل جماعي وتعذيب وعنف جنسي واسع النطاق بحق المدنيين عقب سقوط الفاشر.
وتشمل قائمة العقوبات أسماء شخصيات وشركات تقول 'أوفاك' إنّها تشكّل 'العصب التنظيمي والمالي' للشبكة، من بينها
الأكثر قراءة نهاية
ويعني إدراج هذه الأسماء والكيانات في قوائم «أوفاك» تجميد أي أصول لها داخل النظام المالي الأمريكي، ومنع المؤسسات المالية والشركات والأفراد الأمريكيين من التعامل معها، بما في ذلك تقديم أي خدمات مالية أو مادية.
وقال وكيل وزارة الخزانة الأمريكية المختص بالتعامل مع شؤون الإرهاب، جون ك. هيرلي، إنّ قوات الدعم السريع 'أظهرت مراراً استعدادها لاستهداف المدنيين، بمن فيهم الرضّع والأطفال الصغار'، وإنّ الشبكة المعاقَبة 'ساهمت مباشرة في تمكين هذه القوات من ارتكاب الفظائع' عبر تزويدها بمقاتلين ذوي تدريب عالٍ.
وترى الإدارة الأمريكية أنّ هذه العقوبات جزء من محاولة أوسع لـ'تعطيل الدعم العسكري الخارجي' لقوات الدعم السريع وتقييد قدرتها على الاستفادة من المقاتلين الأجانب في ساحات القتال.
حرب ممتدة وأزمة إنسانية غير مسبوقة
تابعوا التغطية الشاملة من بي بي سي نيوز عربي
اضغط هنا
يستحق الانتباه نهاية
اندلعت الحرب في السودان في أبريل/نيسان 2023، بعد تصاعد التوتّر بين الجيش بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، على خلفية خلافات حول دمج القوات شبه العسكرية في الجيش ومسار الانتقال السياسي.
وسرعان ما تحوّل الخلاف إلى حرب مفتوحة امتدّت من الخرطوم إلى دارفور وكردفان وولايات أخرى. وتشير تقديرات أممية حديثة وخلاصات خبراء مستقلّين إلى أنّ القتال أدّى إلى مقتل عشرات الآلاف، وإلى نزوح قسري لما يقرب من 12 إلى 14 مليون شخص داخل السودان وخارجه، ما يجعلها واحدة من أكبر أزمات النزوح في العالم اليوم.
وتصف الأمم المتحدة وجهات دولية أخرى الوضع في السودان بأنّه 'أسوأ أزمة إنسانية في العالم حالياً'، مع انهيار واسع في البنية التحتية والخدمات الأساسية، وتعطّل أكثر من 70 إلى 80 في المئة من المرافق الصحية في المناطق المتأثّرة بالنزاع، وانتشار الجوع وسوء التغذية الحادّ، خاصة بين الأطفال.
سقوط الفاشر – آخر معقل رئيسي للجيش في إقليم دارفور – في 26 أكتوبر/تشرين الأول 2025 كأن أبرز الأحداث الميدانية في الفترة الأخيرة. فبعد حصار استمر قرابة 18 شهراً، دخلت قوات الدعم السريع المدينة بدعم من وحدات محلية وحلفاء خارجيين، من بينهم – بحسب الاتهامات الأمريكية – مقاتلون كولومبيون مجنَّدون عبر الشبكة التي طالتها العقوبات الأخيرة.
وتتحدّث تقارير دولية عن عمليات قتل وتهجير واسعة بعد سقوط المدينة، مع وصفها من جانب بعض المنظمات الحقوقية بأنّها تحوّلت إلى 'مسرح جريمة واسع'، وسط تحذيرات من تثبيت واقع تقسيم بحكم الأمر الواقع بين مناطق يسيطر عليها الجيش وأخرى تهيمن عليها قوات الدعم السريع.
منذ ذلك الحين، واصلت قوات الدعم السريع تقدّمها شرقاً باتّجاه ولايات كردفان، في حين يحاول الجيش السوداني الحفاظ على ما تبقّى من نفوذه في بعض مناطق الوسط والشرق، بالتوازي مع قتال مستمر في محيط الخرطوم.
مسار دبلوماسي متعثّر
دبلوماسياً، تحاول واشنطن توظيف أدوات الضغط المالي، مثل العقوبات، إلى جانب تحرّكات سياسية لإنهاء الحرب أو، على الأقلّ، تخفيف حدّتها.
ففي 12 سبتمبر/أيلول 2025، أصدر وزراء خارجية 'الآلية الرباعية' المعنية بالسودان – الولايات المتحدة ومصر والسعودية والإمارات – بياناً مشتركاً دعا إلى هدنة إنسانية لثلاثة أشهر لتمكين وصول المساعدات إلى جميع أنحاء السودان، على أن تُتبع بوقف دائم لإطلاق النار ومسار انتقالي يقود إلى تشكيل حكومة مدنية مستقلّة خلال فترة زمنية محدّدة.
ومنذ ذلك الحين، تكرّر واشنطن في بياناتها أنّ استمرار الحرب يهدّد بتحويل السودان إلى 'ملاذ آمن لمن يهدّدون المصالح الأمريكية والإقليمية'، وتدعو الأطراف الخارجية إلى وقف أي دعم عسكري أو مالي للجيش أو لقوات الدعم السريع.
في الأسابيع الأخيرة، تصاعدت أيضاً الاتصالات الأمريكية مع القوى الإقليمية. فقد أجرى وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو اتصالات هاتفية مع نظيريه المصري بدر عبد العاطي والسعودي فيصل بن فرحان، بحثت – بحسب بيانات رسمية – 'الحاجة الملحّة إلى إحراز تقدّم في جهود السلام في السودان' والعمل على تثبيت هدنة إنسانية.
على المستوى السياسي في واشنطن، برز السودان مؤخراً في تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي تعهّد باستخدام 'نفوذ الرئاسة لوقف الفظائع الهائلة' في السودان، بعد مطالبة من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان – بحسب ما نُقل عنه في مقابلات وتصريحات صحفية.
وكان رئيس الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان قد دعا علناً الرئيس ترامب إلى التدخّل للمساعدة في إنهاء الحرب، قائلاً إنّ السودانيين 'ينظرون الآن إلى واشنطن لتتخذ الخطوة التالية' نحو السلام. وأعلن مجلس السيادة السوداني لاحقاً استعداده للتعاون مع الجهود الأمريكية والسعودية 'لوقف إراقة دماء السودانيين'.
لكنّ هذه التحركات، ومعها جولات تفاوض سابقة استضافتها مدينة جدّة، لم تنجح حتى الآن في الدفع إلى وقف دائم لإطلاق النار.


























