اخبار السودان
موقع كل يوم -نبض السودان
نشر بتاريخ: ١٨ تشرين الأول ٢٠٢٥
متابعات- نبض السودان
من كان يتصور أن عادة صباحية بسيطة قد تكون وراء أمراض خطيرة تهدد القلب والشرايين؟ فقد كشفت دراسات علمية حديثة عن علاقة وثيقة بين تخطي وجبة الإفطار وارتفاع خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية بنسبة مقلقة، لتسلط الضوء مجددًا على أهمية أول وجبة في اليوم لصحة الإنسان.
الإفطار… أكثر من مجرد وجبة
تُعد وجبة الإفطار من أهم الوجبات اليومية، إذ تُمثل الخطوة الأولى في استعادة الطاقة بعد صيامٍ طويلٍ طوال الليل. فهي لا تقتصر على إمداد الجسم بالوقود، بل تساعد أيضًا في تحسين التركيز والإنتاجية والأداء الإدراكي، بحسب ما تؤكده دراسات متعددة في مجال التغذية.
ومع ذلك، يتجاهل كثير من الناس تناول الإفطار، إما بسبب ضيق الوقت أو الرغبة في التحكم في الوزن أو لمواكبة وتيرة الحياة السريعة، دون إدراك أن هذا السلوك اليومي البسيط قد تكون له تبعات صحية بالغة الخطورة على المدى الطويل.
أرقام مقلقة: زيادة الخطر بنسبة 87%
تقرير صادر عن مجلة الكلية الأميركية لأمراض القلب (JACC) كشف أن الأشخاص الذين يتخطون وجبة الإفطار معرضون بنسبة 87 في المائة أكثر للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية مقارنة بمن يحرصون على تناولها يوميًا.
وأوضح التقرير أن هذه النسبة المرتفعة ترتبط بتغيرات فسيولوجية في الجسم، تبدأ من ارتفاع مستويات الكوليسترول الضار، إلى ضعف تنظيم ضغط الدم، وصولاً إلى زيادة احتمالات الإصابة بتصلب الشرايين.
كيف يؤثر تخطي الإفطار على الشرايين؟
تُعتبر الشرايين الأوعية الدموية الأساسية التي تنقل الدم المحمّل بالأكسجين من القلب إلى جميع أنسجة الجسم. وتشير كليفلاند كلينيك إلى أن أي خلل في هذه الشرايين يؤدي إلى اضطراب في الدورة الدموية وتراجع في أداء الأجهزة الحيوية.
ومع مرور الوقت، يمكن أن تتراكم اللويحات الدهنية على جدران الشرايين، مكونةً ما يُعرف بـ'تصلب الشرايين'، وهي الحالة التي تؤدي إلى انسداد الأوعية وبالتالي خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية.
الهرمونات والالتهاب: الحلقة الخفية بين الجوع والمرض
تشير الأبحاث إلى أن تخطي وجبة الإفطار يُحفّز الجسم على إفراز هرمونات التوتر مثل الكورتيزول لتعويض نقص الطاقة. هذا الارتفاع المفاجئ في الهرمونات يؤدي إلى زيادة معدلات الالتهاب داخل الأوعية الدموية، وهو أحد أهم العوامل المسببة لتصلب الشرايين.
كما أن غياب العناصر الغذائية الأساسية في الصباح يؤدي إلى اضطراب في توازن سكر الدم، ما يُسبب مقاومة الإنسولين، ويزيد خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني، الذي يُعد بدوره أحد العوامل الرئيسية لأمراض القلب.
اضطراب التمثيل الغذائي وارتفاع الدهون الثلاثية
يترافق تخطي وجبة الإفطار غالبًا مع أنماط غذائية غير منتظمة خلال اليوم، مثل تناول وجبات دسمة في وقت متأخر، مما يؤدي إلى ارتفاع مستويات الدهون الثلاثية في الدم، وهي دهون تُشكل ضغطًا كبيرًا على الشرايين والجهاز الوعائي.
ووفقًا للخبراء، فإن الأشخاص الذين يعوضون وجبة الإفطار بوجبات عالية السعرات أو غنية بالسكريات يعانون في العادة من زيادة الوزن وتراكم الدهون الحشوية حول القلب، ما يزيد من خطر انسداد الشرايين القلبية.
الإفطار وسرطان القلب؟
بعض الدراسات أظهرت كذلك أن الأشخاص الذين يتجاهلون وجبة الإفطار يعانون من خلل في الإيقاع البيولوجي، إذ إن تأخير أول وجبة في اليوم يربك الساعة الداخلية للجسم ويؤثر على إفراز الهرمونات المسؤولة عن التمثيل الغذائي.
هذا الاضطراب في الساعة الحيوية قد يؤدي إلى زيادة الالتهابات المزمنة في الجسم، والتي ترتبط بارتفاع معدلات أمراض القلب، وربما أيضًا بزيادة احتمالية الإصابة بأنواع معينة من السرطان وفقًا لتقديرات أولية.
نصائح الخبراء: وجبة الإفطار المثالية
ينصح الأطباء بتناول وجبة إفطار متوازنة وغنية بالعناصر الغذائية خلال ساعة من الاستيقاظ، على أن تحتوي على مزيج من البروتينات، الألياف، والدهون الصحية.
ومن الخيارات المثالية:
كلمة أخيرة: لا تستهِن بوجبتك الأولى
قد يبدو تخطي وجبة الإفطار أمرًا عاديًا في زحام الحياة اليومية، لكنه وفقًا للأبحاث العلمية عادة خطيرة تهدد القلب والشرايين، وتفتح الباب أمام أمراض مزمنة يصعب علاجها لاحقًا. الحفاظ على هذه العادة الصحية البسيطة قد يكون الفارق بين قلبٍ ينبض بالحيوية وآخر يئن تحت وطأة الإهمال الغذائي.