اخبار السودان
موقع كل يوم -نبض السودان
نشر بتاريخ: ٢٣ حزيران ٢٠٢٥
متابعات- نبض السودان
نظم مركز 'سلاميديا' فعالية موسيقية وثقافية مساء الأحد 22 يونيو 2025، في العاصمة الأوغندية كمبالا، بمناسبة اليوم العالمي للموسيقى، شارك فيها فنانون سودانيون وأوغنديون، وجمهور واسع من المهتمين بالفن والتغيير الاجتماعي، في محاولة لتسليط الضوء على دور الموسيقى كأداة للتوثيق والمقاومة وبناء السلام.
دراسة 'أغنيات حرب 15 أبريل'.. قراءة في دور الفن في زمن النزاع
استهلت الفعالية بعرض قدمه عضو 'سلاميديا' أكرم عبدالنبي، استعرض خلاله دراسة جديدة للمركز بعنوان 'أُغنيات حرب 15 أبريل: دراسة اجتماعية ثقافية تحليلية وملاحظات أولية 2023–2024'، والتي تناولت ظاهرة الأغاني التي رافقت الحرب السودانية الأخيرة، باعتبارها أداة ثقافية ذات أثر مباشر على الخطاب المجتمعي في أوقات العنف المسلح.
شهادات ونقاشات غنية حول الموسيقى والشتات
أعقب العرض العلمي نقاش ثري ضم مجموعة من المثقفين والنقاد والفنانين، من بينهم الناقد المسرحي السر السيد، والشاعر عبد الرحمن عبد الفضيل، إلى جانب الفنانين بيحة الأمين ومحمد خير وزوبا. وتوزعت المداخلات بين قراءات فكرية لدور الموسيقى في فترات الحرب، وشهادات شخصية من الفنانين عن تأثير النزوح والمنفى على تجربتهم الفنية.
موسيقى توثّق المنفى وتحكي الحنين
تخللت الفعالية فقرات غنائية بدأت بعرض للفنان الشاب محمد خير، ثم توالى الفنانون عماد ببو، زوبا، مبارك مانيلا، بيحة الأمين، الطيب سيقا، وأخيرًا فنان الريغي الأوغندي 'رونالس'، مقدمين مجموعة من الأغاني السودانية التي مزجت بين الألم والأمل، وتنوّعت في إيقاعاتها لتعكس جغرافيا السودان، وتحكي وجع الشتات والحنين إلى الوطن.
في اليوم العالمي للموسيقى.. رسالة للسلام والمصالحة
تأتي الفعالية في سياق الاحتفال باليوم العالمي للموسيقى، الذي يوافق 21 يونيو من كل عام، ويُحتفل به منذ انطلاقه في فرنسا عام 1982. وفي هذا الإطار، أكدت 'سلاميديا' أن الموسيقى تمثل أداة مقاومة وتوثيق وتعافي، تتجاوز كونها وسيلة ترفيهية، بحسب ما أوضح القائمون على الفعالية.
السر السيد: أغاني الحرب تمزج بين الانتماء والتمزيق
قال السر السيد، الكاتب والناقد المسرحي والمشارك في إعداد الدراسة، إن ما وصفته الدراسة بـ'أُغنيات الحرب' هي نمط غنائي جديد ظهر خلال الصراع الأخير، وتميزت بارتباطها المباشر بالحرب، وغناها مؤيدون للجيش أو لقوات الدعم السريع.
وأوضح أن هذه الأغنيات، رغم اختلاف خلفياتها، استندت جميعها إلى البنية الموسيقية السودانية المتنوعة، حيث برزت في أغاني الدعم السريع تأثيرات موسيقى غرب السودان، بينما تميزت أغاني الجيش بأنماط الأغنية الأمدرمانية المركزية.
انتشار الأغاني العسكرية لا يعني تمثيل صوت المجتمع
أشار السر السيد إلى أن الأغاني المؤيدة للقوات المسلحة كانت الأكثر انتشارًا بسبب العدد الكبير من الشعراء والمغنين الذين انخرطوا فيها، لكنه حذر من اعتبارها تعبيرًا عن موقف المجتمع السوداني ككل. فهي – بحسب قوله – تعكس مواقف داعمي الحرب فقط، الذين يصورونها إما كحرب كرامة أو كمعركة للديمقراطية.
وأكد أن هذه الأغنيات تمارس دورًا مزدوجًا؛ إذ تمجد الشجاعة وتبث الحماسة، لكنها في الوقت نفسه تكرّس خطاب الكراهية والانقسام، خاصة حين تُتداول بكثافة في مناسبات اجتماعية كالأعراس، ما يجعلها مكوّنًا من مكونات الذاكرة الجماعية.
عباس التجاني: الموسيقى أداة للحوار والتعافي
من جانبه، قال مدير مركز 'سلاميديا'، عباس التجاني، إن الهدف من تنظيم الفعالية والدراسة المرافقة لها هو إبراز الموسيقى كمنصة للحوار بين السودانيين في ظل العنف المتصاعد، مشيرًا إلى أن الحرب أثّرت بشكل مباشر على الفنانين من خلال النزوح والضائقة الاقتصادية، لكنه أكد أن الفن ما زال قادرًا على لعب دور في بناء السلام.
وأوضح التجاني أن الدراسة التي أعدها المركز طرحت تساؤلًا جوهريًا حول ما إذا كانت أغاني الحرب قد ساهمت في الحشد والتجييش، أم يمكن استعادتها كوسيلة للتعافي وبناء الوعي، مؤكدًا أن 'سلاميديا' تسعى لاستغلال كل الأدوات الممكنة لنشر ثقافة السلام، وعلى رأسها الموسيقى.
نحو دور فاعل للفنان في بناء السلام
أوضح التجاني أن اهتمام المركز لا يقتصر على مضمون الأغنية فقط، بل يمتد إلى الفنان نفسه ودوره في المجتمع، داعيًا إلى التفكير في الفنان كصاحب رسالة اجتماعية وثقافية، يمكن أن يكون له دور محوري في مستقبل أكثر سلمًا وعدلًا.
كما دعا إلى تفعيل الحوار بين الحقول المعرفية المختلفة، وتنظيم حلقات نقاش دورية بمشاركة باحثين وممارسين في مجالات الفن والاجتماع والسياسة، من أجل تعميق الفهم لدور الموسيقى في السلم الاجتماعي.
توصيات للدراسة: المرأة والفن في زمن الحرب
خلصت الدراسة إلى عدد من التوصيات أبرزها: توظيف الفن الموسيقي في بناء السلم الاجتماعي، وتفعيل دور المرأة كشاعرة ومغنية ومؤلفة، إلى جانب الدعوة لتنظيم ندوات دورية لمناقشة أثر الموسيقى في الحروب، والتشجيع على إنتاج فنون جديدة تعكس التنوع الثقافي وتدعم خطاب التعايش.