اخبار السودان
موقع كل يوم -نبض السودان
نشر بتاريخ: ٤ كانون الأول ٢٠٢٥
متابعات – نبض السودان
أكدت الدكتورة نجلاء مرعي، أستاذة العلوم السياسية وخبيرة الشؤون الإفريقية، أن المشهد السوداني يشهد حاليًا أعلى مستويات التصعيد الميداني منذ اندلاع الحرب، مشيرة إلى أن ما يجري يتجاوز كونه مواجهة عسكرية ليشكّل محاولة لفرض أمر واقع جديد يعيد رسم الخريطة السياسية والجيوإستراتيجية للبلاد، خاصة بعد السيطرة على مدينة الفاشر.
أوضحت مرعي في تصريحات خاصة لـ نيوز رووم أن السيطرة على الفاشر مثلت نقطة تحول كبرى في مسار الحرب، لكنها لا تعني نهايتها، إذ أصبح الصراع في السودان – بحسب وصفها – صراعًا مركّبًا يتجاوز السيطرة على المدن إلى صراع هويات وبُنى سلطة.
وأضافت أن الجيش السوداني أطلق خلال الأسبوع الماضي عملية عسكرية واسعة في إقليم كردفان، تمكن خلالها من استعادة مواقع استراتيجية مثل منطقة 'كازقيل' غرب مدينة الأبيض، مؤكدة أن الجيش يتقدم بشكل متسارع، وأن عملياته قد تشمل ولايات شمال وجنوب وغرب كردفان بأكملها، مع استمرار الاشتباكات في منطقة باب نوسا.
وأشارت إلى أن السيطرة على كردفان قد تمثل مفتاحًا للتقدم نحو دارفور، نظرًا لأن الطريق الإستراتيجي المؤدي إلى الإقليم يمر عبر كردفان، ولأن قوات الدعم السريع تتمركز بكثافة داخله، ما يجعل تقدم الجيش عاملًا حاسمًا في تغيير موازين القوى.
وشددت مرعي على أن لا الجيش ولا الدعم السريع قادران على تحقيق انتصار ساحق، معتبرة أن نهاية الحرب ستكون سياسية وليست عسكرية. غير أن غياب الإرادة السياسية، واستمرار سباق التسلح، ورفض الجيش الدخول في مفاوضات قبل استعادة مدن مثل بارا والخوي والنهود، يجعل التصعيد هو السيناريو الأقرب.
أضافت أن السودان يقف اليوم أمام مفترق طرق خطير، فالتصعيد الأخير في الفاشر والخرطوم والجزيرة وكردفان يفاقم معاناة المدنيين، ويُسهم في تدهور الوضع الإنساني، الذي وصفته الأمم المتحدة بأنه واحد من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، حيث يعاني 25 مليون سوداني من انعدام حاد في الأمن الغذائي.
وفي ما يتعلق بالتحركات الدولية، قالت مرعي إن الرباعية الدولية – وفي مقدمتها الولايات المتحدة ومصر – تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد، مشيرة إلى أن زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي لبورتسودان تعكس اهتمامًا مصريًا واضحًا بمنع انزلاق السودان إلى حرب أهلية شاملة.
وأوضحت أن الولايات المتحدة تتبنى مؤخرًا موقفًا أكثر تشددًا تجاه ضرورة وقف القتال، بينما تدفع الإمارات باتجاه إدماج قوات الدعم السريع في العملية السياسية، في حين يرى البرهان أن التدخل الخارجي يعقد الأزمة، خصوصًا بعد سقوط الفاشر.
وعن مخاطر تقسيم السودان، اعتبرت مرعي أن السيناريو الليبي يبقى مستبعدًا في الوقت الراهن، لأن ما يسمى بـ'الحكومة التأسيسية' التابعة للدعم السريع لا تمتلك أي سند إقليمي أو دولي، ولأن المعارك في شمال دارفور ما زالت مستمرة، إلى جانب دعم بعض الحركات المسلحة للجيش.
واختتمت مرعي بالتأكيد على أن السودان قادر على تجاوز الأزمة إذا تحقق تنسيق دولي فعّال داخل الرباعية، ومع ضمان مشاركة جميع القوى المدنية السودانية، مشيرة إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسي شدد أكثر من مرة على أن الحل يجب أن يكون سودانيًا – سودانيًا بالأساس، لأن المسار السياسي هو الطريق الوحيد لإنهاء الحرب.


























