اخبار السودان
موقع كل يوم -نبض السودان
نشر بتاريخ: ٤ تشرين الثاني ٢٠٢٥
متابعات- نبض السودان
عندما أطلق الرئيس الأميركي دونالد ترامب تهديداً مفاجئاً بتنفيذ ضربات عسكرية في نيجيريا مطلع الأسبوع، كان رد وزير الدفاع سريعاً بكلمة 'أمرك سيدي'. لكن عدداً من المسؤولين في وزارة الدفاع (البنتاغون)، الذين تحدثوا لوكالة 'رويترز'، عبّروا عن صدمتهم العميقة من أوامر ترامب وهم يحاولون استيعاب الأولويات الجديدة لإدارة رفعت مؤخراً من شأن قضايا كانت تُعدّ في السابق آخر اهتماماتها، مثل التجارب النووية، والديمقراطية في فنزويلا، وعمليات تهريب الكوكايين. كان مسؤولو البنتاغون يتوقعون على نطاق واسع أن تمنح إدارة ترامب الأولوية لأمن الحدود، والقوة العسكرية المتنامية للصين، وممارسة الضغط على حلفاء حلف شمال الأطلسي لزيادة جهودهم في مواجهة روسيا.
إلا أن الإعلانات المختلفة التي صدرت عن ترامب في الأسبوع الماضي، والتي شملت أموراً مثل التجارب النووية ونيجيريا، فاجأت الكثيرين وبدت وكأنها تعيد ترتيب أولويات وزارة الدفاع، التي أطلق عليها الرئيس لاحقاً اسم وزارة الحرب. وتعليقاً على إعلان ترامب الخاص بنيجيريا، قال أحد المسؤولين العسكريين الأميركيين، مشترطاً عدم الكشف عن هويته: 'أعتقد أن الأمر يصل إلى علمنا جميعاً في الوقت نفسه'.
ترامب يلوح بالعمل العسكري والبنتاغون بلا أوامر محددة
في منشور له مساء السبت على منصة 'تروث سوشيال'، اتهم ترامب حكومة نيجيريا بالسماح بقتل المسيحيين، وأمر البنتاغون بالاستعداد 'لعمل محتمل'، محذراً من أن أي ضربات ستكون 'سريعة وشرسة'. وعندما سُئل يوم الأحد عما إذا كان يفكر في نشر قوات برية أو تنفيذ غارات جوية في نيجيريا، قال ترامب: 'قد يكون ذلك. أقصد ربما أشياء أخرى أيضاً. أتصور الكثير من الأمور'. تبعد نيجيريا أكثر من ثلاثة آلاف كيلومتر عن جيبوتي، وهي موقع القاعدة العسكرية الأميركية الدائمة الوحيدة في إفريقيا. وقد أوضح خبراء أن الجيش الأميركي بحاجة إلى المزيد من الموارد في المنطقة، وإلى الوقت اللازم لجمع المعلومات الاستخباراتية الضرورية لمهاجمة الجماعات المتشددة بفعالية.
أصبحت جماعة بوكو حرام، التي تُعدّ الأكثر شهرة بين الجماعات المتشددة في نيجيريا، أولوية بالنسبة للولايات المتحدة قبل أكثر من عشر سنوات عندما قامت بخطف ما يقرب من ثلاثمائة تلميذة، معظمهن مسيحيات، من بلدة في شمال شرق البلاد. لكن نيجيريا ابتعدت عن دائرة الضوء في السنوات القليلة الماضية، ولم يتضح بعد ما الذي دفع ترامب بالتحديد إلى إصدار إعلانه يوم السبت.
دوافع التهديد وراء الضغوط الإنجيلية والحرية الدينية
صرحت المتحدثة باسم البيت الأبيض آنا كيلي بأن 'الرئيس ترامب يستمع إلى العديد من مستشاريه الموثوق بهم في أي قضية، لكنه صاحب القول الفصل في كل ما يتعلق بالسياسة الخارجية، وبالنسبة لهذا الأمر، كان مدفوعاً للتحرك ضد التهديد الذي يتعرض له مصير المسيحيين في نيجيريا'. وأكد الزعيم الإنجيلي غاري باور لـ'رويترز' أن أشخاصاً يشعرون بقلق متزايد إزاء الهجمات على المسيحيين مارسوا ضغوطاً على ترامب قبل أن يصدر تحذيره لنيجيريا. وجاء تهديد ترامب بعد يوم واحد من قيام إدارته بإضافة نيجيريا إلى قائمة 'الدول التي تثير القلق بشكل خاص'، وهي القائمة التي تضم دولاً تقول الولايات المتحدة إنها تنتهك الحريات الدينية. وقال باور: 'أعلم أن الرئيس سمع من الكثيرين أنه عليه اتخاذ إجراء'. وكشف مسؤول دفاعي لـ'رويترز' أن بعض أفراد الجيش الأميركي توقعوا أن يتخذ ترامب إجراءً بعد أن تحدث السناتور تيد كروز عن المسيحيين في نيجيريا في شهري سبتمبر وأكتوبر. ويقول كروز إن المسؤولين النيجيريين سمحوا بـ'إبادة جماعية للمسيحيين' شملت عشرات الآلاف من عمليات القتل على مدى الخمسة عشر سنة الماضية. ومع ذلك، لم يكن المسؤول الدفاعي على علم بأي أوامر محددة لتنفيذ عمليات عسكرية في نيجيريا.
الوضع الإنساني والأمني في نيجيريا 'مزر للغاية'
يتجاوز عدد سكان نيجيريا مائتي مليون نسمة، وتضم حوالي مائتي مجموعة عرقية، وهي مقسمة بين الشمال ذي الأغلبية المسلمة والجنوب ذي الأغلبية المسيحية. وشن المتمردون مثل بوكو حرام وتنظيم 'داعش' ولاية غرب إفريقيا، هجمات في البلاد لأكثر من خمسة عشر عاماً، مما أسفر عن مقتل آلاف الأشخاص. في وسط نيجيريا، يشتبك الرعاة ومعظمهم من المسلمين والمزارعين المسيحيين بشكل رئيسي في كثير من الأحيان بسبب الوصول إلى المياه والمراعي، وفي الشمال الغربي، يهاجم المسلحون القرى بشكل روتيني ويختطفون السكان للحصول على فدية. وقالت فيكتوريا كوتس، المسؤولة السابقة في إدارة ترامب التي تعمل الآن في مؤسسة 'هيريتدج'، إن نيجيريا كدولة منتجة رئيسية للنفط تحتاج إلى توفير الأمن لطمأنة شركات النفط بأن بإمكانها القيام بأعمالها بأمان هناك. وأضافت: 'الوضع مزر للغاية'.
وأشار محللون إلى أن معظم ضحايا عنف المتشددين هم من المسلمين، وقال المبعوث الأميركي السابق إلى المنطقة جيه بيتر فام، الذي شغل هذا المنصب خلال فترة ولاية ترامب الأولى، إن المسيحيين عانوا على نحو غير متناسب مع عددهم بالنسبة لتعداد سكان نيجيريا. وأضاف: 'على أقل تقدير يثير (ترامب) الوعي بقضية أعتقد أنه تم تجاهلها منذ فترة طويلة'.


























