اخبار السودان
موقع كل يوم -نبض السودان
نشر بتاريخ: ٧ تشرين الثاني ٢٠٢٥
متابعات- نبض السودان
ليس من غير المألوف أن تُصاب بحالة ارتجاع المريء أو ما يُعرف بحرقة المعدة من حين لآخر، ولكن بعض الأشخاص يعانون من شعور حارق وانتفاخ وتجشؤ متكرر في كل مرة يتناولون فيها الطعام تقريبًا، حيث تشير الإحصاءات إلى أن نحو 20 في المائة من سكان العالم يعانون من مرض الارتجاع المعدي المريئي (GERD)، وهو حالة مزمنة من ارتجاع الأحماض إلى المريء يتم تشخيصها طبيًا.
أعراض ارتجاع المريء وتأثيره اليومي
يعرف المصابون بالارتجاع المعدي المريئي مدى الإزعاج الذي تسببه الحالة، إذ يعاني المريض من إحساس دائم بالحرقان وعدم الراحة والألم العرضي الذي قد يعوق حياته اليومية. ومع ذلك، يمكن التحكم في العديد من هذه الأعراض من خلال اتباع نظام غذائي مدروس ومخصص لتقليل حدة ارتجاع المريء.
أهمية النظام الغذائي في السيطرة على الأعراض
يلعب النظام الغذائي دورًا رئيسيًا في إدارة أعراض ارتجاع المريء، إذ تُعد الخطوة الأولى في العلاج هي تجنب الأطعمة التي تحفز المعدة على إفراز كميات أكبر من الأحماض. وبفهم طبيعة الأطعمة المحفزة لهذه الحالة وآلية تأثيرها على الجهاز الهضمي، يمكن تقليل تكرار نوبات الارتجاع وتحسين جودة الحياة بشكل كبير.
فهم آلية ارتجاع المريء
يحدث ارتجاع المريء عندما يتدفق حمض المعدة إلى المريء، وهو الأنبوب الواصل بين الفم والمعدة، مما يسبب تهيجًا في بطانة المريء وشعورًا مزعجًا بالحرقان. في الحالة الطبيعية، تعمل العضلة العاصرة المريئية السفلية LES كصمام يمنع الحمض من العودة، لكن عند ضعفها أو ارتخائها بشكل غير مناسب، يتسرب الحمض إلى المريء مسببًا الأعراض المزعجة.
العوامل المؤثرة على شدة الحالة
توجد عوامل عديدة تُسهم في تفاقم الارتجاع الحمضي، إلا أن النظام الغذائي يأتي على رأسها، فبعض الأطعمة تسبب ارتخاء العضلة العاصرة المريئية أو تحفز المعدة على إنتاج المزيد من الحمض، مما يؤدي إلى ظهور الأعراض بوضوح.
المقليات وتأثيرها على المعدة
تُعد الأطعمة المقلية من أكثر المسببات شيوعًا لحرقة المعدة، إذ تُبطئ عملية الهضم وتزيد من إنتاج الأحماض المعدية. كما يؤدي بطء إفراغ المعدة إلى بقاء الطعام لفترات أطول، مما يتيح للمعدة إفراز مزيد من الأحماض. إضافة إلى ذلك، تحفز الأطعمة المقلية إفراز هرمون الكوليسيستوكينين (CCK) الذي يُرخي العضلة العاصرة للمريء، ما يسهّل عودة الحمض إلى الأعلى ويسبب حرقة شديدة.
النعناع وتأثير المنثول على المريء
رغم أن النعناع يُستخدم أحيانًا لتخفيف عسر الهضم، فإنه قد يكون مضرًا جدًا لمصابي ارتجاع المريء، إذ يحتوي على مادة المنثول التي تُرخي عضلات العضلة العاصرة المريئية السفلية، ما يسمح بعودة الحمض إلى المريء. وينصح الأطباء بتجنب منتجات النعناع، سواء في شكل شاي أو حلوى، لتفادي تفاقم الأعراض. ويختلف تأثير النعناع من شخص لآخر، فالبعض قد يتحمل النعناع الطازج، بينما يعاني آخرون من أعراض قوية عند تناوله ممزوجًا بالشوكولاتة أو في المشروبات الساخنة.
الثوم والبصل ومحفزات الحموضة
يُعتبر الثوم النيئ والبصل من أبرز المكونات التي تزيد من حدة ارتجاع المريء، إذ يحفزان إنتاج الحمض في المعدة ويسببان تهيجًا مباشرًا في المريء. وقد أظهرت الأبحاث أن عائلة 'الثوميات' التي تشمل الثوم والبصل والكراث تُسهم في زيادة حموضة المعدة، إضافة إلى تسببها بإرخاء العضلة العاصرة المريئية. كما يحتوي البصل على نسبة عالية من الفركتوز، وهو ما يفاقم الأعراض لدى بعض الأشخاص.
الشوكولاتة وتأثير مركبات الكاكاو
الشوكولاتة، رغم شعبيتها، تُعد من أكثر الأطعمة ضررًا لمرضى ارتجاع المريء. فهي تحتوي على الكافيين ومركبات الكاكاو والدهون النباتية التي تساهم جميعها في ارتخاء العضلة العاصرة للمريء. كما أن مركبات 'الميثيل زانثينات' الموجودة في الكاكاو تزيد إفراز الحمض وتؤخر إفراغ المعدة، مما يؤدي إلى تفاقم الأعراض. وقد تكون الشوكولاتة الداكنة أقل ضررًا قليلًا من شوكولاتة الحليب، لكن الحذر يبقى واجبًا.
القهوة وتأثير الكافيين
القهوة من أكثر المشروبات التي تؤثر بشكل متباين على الأشخاص، فبينما لا تسبب مشكلة للبعض، يعاني آخرون من ارتجاع شديد بعد تناولها. يحتوي الكافيين على مواد تحفز المعدة على إفراز كميات إضافية من الحمض، كما يؤدي إلى ارتخاء العضلة العاصرة المريئية. وتختلف درجة تأثير القهوة حسب نوع التحميص، فالقهوة الفاتحة أكثر حموضة وتحتوي على كافيين أعلى مقارنة بالتحميص الداكن. وينصح الأشخاص الذين يعانون من الحرقة بتجربة القهوة الباردة أو المحمصة داكنًا لتقليل الحموضة.
الخلاصة الطبية والتوصيات
تشير استشارية أمراض الباطنية إلى أن السيطرة على أعراض ارتجاع المريء تبدأ من المطبخ، حيث يلعب نوع الطعام والمشروب دورًا جوهريًا في منع تهيج المعدة والمريء. فالتوازن الغذائي وتجنب الأطعمة المحفزة مثل المقليات، النعناع، الثوم والبصل، الشوكولاتة والقهوة، يمكن أن يقلل بشكل كبير من الشعور بحرقة المعدة ويحسن من جودة الحياة اليومية.


























