اخبار قطر
موقع كل يوم -الخليج أونلاين
نشر بتاريخ: ١٩ حزيران ٢٠٢٥
كامل جميل - الخليج أونلاين
الخبير الاقتصادي د. نمر أبو كف:
الاقتصاد لا يعيش بمعزل عن السياسة والخليج الآن يقف على حافة حذرة.
الخليج في حالة ترقب وقلق بالغ من أي توسع محتمل للحرب.
في حال استخدمت الولايات المتحدة قواعدها المنتشرة بالخليج لضرب إيران سترد طهران على مصادر الهجوم.
التصعيدإذا تحققلن يُبقي على استقرار خطوط النقل والتبادل التجاري وحركة الخدمات بين إيران ودول الخليج.
تزداد مخاوف تعرض الموانئ الإيرانية لأي توقف في العمل جراء الهجمات الإسرائيلية، وهو ما سيلقي بظلاله السلبية على الموانئ الخليجية، التي عرفت خلال السنوات القليلة الماضية ارتفاعاً في التبادل التجارة مع الجارة الشرقية إيران.
وعلى الرغم من أن الصراع بين طهران وتل أبيب أخذ يرسم ملامح تأثير على العلاقة الاقتصادية بين إيران ودول مجلس التعاون الخليجي، لكنها في الوقت نفسه لم توقف التبادل التجاري حتى الآن.
القصف الإسرائيلي الذي استهدف منشآت اقتصادية إيرانية مؤثرة، جاء في وقت تشهدمستويات التجارة غير النفطية بين دول الخليج وإيران نشاطاً لافتاً، دفع به إحياء العلاقات الدبلوماسية بين الرياض وطهران في مارس 2023.
سوق مهمة
السوق الخليجي بالنسبة إلى إيران ليست مجرد بوابة لتصريف البضائع الإيرانية؛ بل هي شريان اقتصادي حيوي يمد طهران بالعملة الصعبة والمواد الخام الصناعية والزراعية المتطورة.
وفي المقابل، تعتبر إيران سوقاً ضخمة لسلع الخليج ومستلزمات البناء والمنتجات الغذائية والاستهلاكية.
هذا التبادل على الرغم من منافعه الكبيرة لإيران حيث أن من شأنه أن يخفف وطأة العقوبات ويمنح المستثمرين الإيرانيين فرصة للاستفادة من القدرات اللوجستية والتجارية المتقدمة في الخليج، لكن في الجانب الآخر يزيد من واردات دول مجلس التعاون.
وتعدّ الإمارات دوماً الشريك الأول والأقوى لإيران، بفضل بنيتها التحتية اللوجستية القادرة على استيعاب أكبر الشحنات وأضخمها بالإضافة إلى اهتمامها بتوسيع أنشطتها التجارية ومشاريعها في إعادة التصدير، تليها سلطنة عُمان صاحبة العلاقة المستقرة تاريخياً مع طهران.
في مقابل ذلك، ظلّت البحرين شريكاً ثانوياً محدود التأثير، إذ لم تتخطَّ صادراتها ووارداتها مع إيران حدود المبادرات البسيطة والمشروعات الصغيرة، فيما نشطت التجارة القطرية مع طهران بشكل لافت في السنوات الأخيرة.
وبين إيران والسعودية نجد أن التبادل التجاري في تصاعد رفقة مشاريع واستثمارات أخرى عديدة، كل ذلك كان ثمرة عودة العلاقات قبل أكثر من عامين بعد أن قطعت المملكة علاقاتها مع إيران عام 2016 على خلفية اقتحام محتجين لسفارة الرياض في طهران.
ومع تسارع وتيرة الحرب بين إيران و'إسرائيل' وارتفاع منسوب التوتر الإقليمي، يحذر الخبير الاقتصادي د. نمر أبو كف من أن شبح الحرب بدأ يزحف بثقله نحو مصالح الخليج الاقتصادية.
في حديثه لـ'الخليج أونلاين' يؤكد أبو كف أن الخطر لم يعد محصوراً في الجغرافيا أو السياسة فقط، بل بات يهدد عمق التبادلات التجارية والشراكات الإقليمية.
ويقول أبو كف إن الفصل بين المخاطر الاقتصادية والسياسية لم يعد ممكناً في ظل التصعيد الراهن، مشيراً إلى أن المؤشرات الحالية ـ خاصة مع تزايد الحديث عن تدخل أمريكي وشيك وربما أطراف أخرى ـ توحي بأن 'الكرة تتدحرج في منحدر خطير، ولا أحد يمكنه التنبؤ بالحجم الذي قد تبلغه الأزمة'.
وأضاف أن إيران، بما تمثله من ثقل جيوسياسي واقتصادي في المنطقة، ليست كياناً هامشياً، وأي ضربة تستهدفها أو تنطلق منها ستنعكس بالضرورة على دول الخليج والمنطقة برمتها، وربما تتجاوزها إلى الأسواق العالمية.
ويشدد على أن هذا التصعيد، إذا تحقق، لن يُبقي على استقرار خطوط النقل والخدمات، قائلاً: 'الرحلات الجوية ستتأثر دون شك، وهي من أهم قنوات التبادل التجاري وحركة الخدمات بين إيران ودول الخليج'.
ارتفاع منسوب القلق
من الطبيعي أن ترفع الحرب الإسرائيلية–الإيرانية منسوب القلق التجاري، فتؤخر وصول البضائع وتزيد من كلفة التأمين البحري والجوي.
ومن غير المعقول فصل تداعيات هذا الصراع عن واقع السوق الخليجي–الإيراني؛ فعلى الرغم من أنه حتى الآن لا يوجد ما يشير إلى أن التجارة البينية بين دول الخليج وإيران تأثرت بالهجمات الإسرائيلية، لكن أي استهداف للموانئ الإيرانية بغرض ضرب الاقتصاد الإيراني قادر على فعل ذلك.
ومنذ أن شنت 'إسرائيل' هجومها الأول فجر الجمعة (13 يونيو الجاري) يترقب العالم بقلق منطقة الخليج العربي خوفاً من إغلاق هذا الممر المائي شديد الأهمية عالمياً لكون أن 20% من الوقود تخرج إلى العالم عن طريقه.
ولا يستبعد مراقبون أن تستهدف 'إسرائيل' الموانئ الإيرانية لمواصلة خنق إيران اقتصادياً، وهو الذي بدوره يؤثر سلباً على الاقتصاد الخليجي.
يؤكد الخبير الاقتصادي نمر أبو كف أن العلاقات الخليجية الإيرانية شهدت في الفترة الأخيرة تحسناً ملحوظاً، وإن بدرجات متفاوتة بين دولة وأخرى.
وأشار إلى أن السعودية، بصفتها الدولة القائدة في الخليج، أبدت تقارباً واضحاً في المواقف السياسية مع طهران فيما يتعلق بالعدوان الإسرائيلي على غزة، حتى أنها أدانت الاستهداف الإسرائيلي لإيران مؤخراً.
لكن أبو كف يلفت إلى أن الاقتصاد لا يعيش بمعزل عن السياسة، موضحاً أن 'الخليج الآن يقف على حافة حذرة، في حالة ترقب وقلق بالغ من أي توسع محتمل للحرب، لا سيما في حال استخدمت الولايات المتحدة قواعدها المنتشرة في الخليج لتوجيه ضربات لإيران'.
ويحذر من أن رد طهران على مثل هذا السيناريو سيكون مباشراً، إذ سبق أن هددت بقصف تلك القواعد الأمريكية داخل أراضي الخليج، ما يعني إدخال هذه الدول في دائرة النيران، لافتاً إلى أن مراكز الثقل الاقتصادي، مثل الموانئ ومصافي النفط، ستكون على الأرجح أهدافاً إيرانية محتملة.
وإن كان الخليج قد نجح في السنوات الأخيرة في بناء جسور اقتصادية مع طهران، لكن نيران الحرب، كما يراها أبو كف، 'قد تحرق هذه الجسور في لحظة واحدة إذا تجاوز التصعيد حدوده الحالية، وهو ما يهدد ليس فقط المصالح التجارية، بل استقرار المنطقة برمتها'.
بذلك يرى أبو كف أن العلاقات التجارية بين دول الخليج لن تتعرض للضرر فقط بتوقفها او ضعف نشاطاها جراء تطور الحرب، بل أن العلاقات الإيرانية الخليجية بكل جوانبها ستفقد قوتها، إذا ما شنت طهران هجمات صاروخية على مواقع خليجية رداً على التدخل الأمريكي المتوقع.