اخبار قطر
موقع كل يوم -الخليج أونلاين
نشر بتاريخ: ١٢ تموز ٢٠٢٥
طه العاني - الخليج أونلاين
- حجم الإنفاق السياحي المتوقع في دول الخليجيصل لنحو 223.7 مليار دولار بحلول 2034
- تُعد السياحة قطاعاً حيوياً في الخليجلأنها تُسهم في تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط
تمثل السياحة اليوم أحد أبرز محركات النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة في مختلف دول العالم، ولا سيما في منطقة الخليج العربي التي تشهد تحولاً استراتيجياً واسع النطاق نحو تنويع مصادر الدخل وتعزيز مكانتها على خارطة السياحة العالمية.
وفي ظل الاستثمارات المتزايدة، والتسهيلات المتنامية، والبنية التحتية المتطورة، تستعد دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية لمرحلة جديدة من الازدهار السياحي، تُتوقع أن تُحدث قفزة نوعية في حجم الإنفاق، وتُعزز من جاذبية المنطقة كوجهة مفضلة للسياحة الدولية.
الإنفاق السياحي
وأظهرت بيانات رسمية صادرة عن المركز الإحصائي لدول مجلس التعاون أن حجم الإنفاق المتوقع لزوار دول الخليج سيصل إلى نحو 223.7 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2034، ما يعكس النمو الكبير المرتقب في القطاع.
وتشير هذه التقديرات إلى أن مساهمة إنفاق الزوار من إجمالي الصادرات ستبلغ 13.4%، وهو ما يعكس مدى أهمية القطاع السياحي كرافد اقتصادي رئيسي للمنطقة.
وفي السياق ذاته، كشفت البيانات أن إجمالي إنفاق الزوار الدوليين في عام 2023 بلغ 135.5 مليار دولار، بزيادة ملحوظة قدرها 28.9% مقارنة بعام 2019، مما يدل على تعافي قوي للقطاع بعد تحديات جائحة كورونا، ونمو مطرد مدفوع بسياسات جذب مدروسة.
وعلى صعيد البيئة العامة للسياحة، سجلت دول مجلس التعاون أداءً متميزاً في مؤشر الأمن والسلامة لعام 2024، حيث تجاوزت جميع دول المجلس المتوسط الإقليمي البالغ 5.86 درجات ضمن مقياس يتراوح بين 1 و7 درجات، مما يعزز ثقة الزوار ويزيد من تنافسية المنطقة.
كما احتلت جوازات سفر دول المجلس المراتب الست الأولى إقليمياً، ما يعكس قوة الحضور الدولي لدول الخليج وتيسير حركة مواطنيها.
وجهة عالمية
ويقول الباحث الدكتور حبيب الهادي إن دول الخليج تمتلك إمكانيات سياحية واعدة، مدعومة بازدهارها الاقتصادي، ومرافقها الفندقية المتطورة، وبنيتها التحتية الحديثة، بالإضافة إلى ما تتمتع به من أمن واستقرار ورخاء، وهي جوانب حيوية تدعم النشاط البشري والنمو الاقتصادي.
ويوضح لـ'الخليج أونلاين' أن هناك عوامل بيئية ومناخية فريدة، خاصة في سلطنة عُمان وبعض مناطق المملكة العربية السعودية، تسهم في تعزيز السياحة، لا سيما خلال فصل الصيف.
ويشير الهادي إلى أن المناخ المعتدل والضباب والأمطار والشلالات والخضرة والمياه والشواطئ الجميلة في محافظة ظفار بسلطنة عُمان، يعزز التكامل السياحي بين دول المجلس.
ويضيف أن منطقة ظفار يمكن أن تتحول إلى وجهة سياحية موسمية استوائية عالمية، مؤكداً على إمكانية استثمار دول الخليج في هذه المنطقة، نظراً لكونها بعيدة عن النزاعات والقلاقل.
كما يدعو إلى وضع استراتيجية موحدة للسياحة الشتوية، حيث تتميز دول المجلس ببيئات متنوعة مناسبة للسياحة البينية، تشمل الأسواق والمزارات التجارية والعمرانية والجزر والشواطئ والمناطق الرملية.
ويلفت الهادي إلى أن الرفاهية الاقتصادية لمواطني دول مجلس التعاون تدفعهم لقضاء إجازاتهم في السياحة الداخلية أو الخارجية، مما يعزز وجود سوق مزدهر للقطاع السياحي.
كما يذكر المشاريع الكبرى للمدن السياحية التي يجري إنشاؤها في مختلف دول المجلس، بما في ذلك المدن المستدامة، مبيناً أن القطاع السياحي في الخليج يُعد من القطاعات الواعدة، بشرط استغلاله بشكل جيد ووضع تصور متقدم له.
ويؤكد الهادي أن الاستثمارات في هذا القطاع ستؤدي حتماً إلى نتائج ناجحة ومزدهرة ومنعشة للاقتصاد الوطني في دول مجلس التعاون.
السياحة الخليجية
في ظلّ التحديات الاقتصادية العالمية الناتجة عن الاضطرابات الجيوسياسية، وارتفاع الرسوم الجمركية بين القوى الكبرى، برز قطاع السياحة في دول مجلس التعاون الخليجي كأحد المحركات الأساسية للتنمية الاقتصادية، نظراً لما يتمتع به من مرونة وقدرة على التكيف والنمو.
ويشير مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية بتقرير نشره في أبريل 2025 إلى أن المؤشرات تدل على أن هذا القطاع مرشح للعب دور محوري في تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط، خاصة مع تبني استراتيجيات طموحة من قِبل دول المجلس لتعزيز الاستثمارات السياحية وتطوير البنية التحتية، وجذب الزوار من مختلف أنحاء العالم.
وأكد وزير الإعلام والثقافة ووزير الدولة لشؤون الشباب في دولة الكويت، عبدالرحمن بداح المطيري، خلال كلمته في الاجتماع التاسع للجنة الوزراء المسؤولين عن السياحة بدول مجلس التعاون الخليجي، في 17 فبراير الماضي، أن السياحة لم تعد مجرد نشاط اقتصادي.
وشدد المطيري على أن السياحة باتت ركيزة أساسية في التنمية المستدامة وجسراً للتواصل الثقافي، مؤكدا على ضرورة تنسيق الجهود الخليجية لتعزيز هذا القطاع الحيوي.
وتُعد الإمارات نموذجاً إقليمياً رائداً في الاستثمار السياحي، إذ بلغت مساهمة القطاع 12% من الناتج المحلي في 2024 محققة 236 مليار درهم (64.3 مليار دولار)، مع خطط لرفعها إلى 450 مليار درهم (122.5 مليار دولار) بحلول 2031، واستقبال 40 مليون نزيل سنوياً.
وقد أضافت 16 فندقاً جديداً في 2024، مع وصول عدد الزوار إلى 30.9 مليون، وتركّز الاستراتيجية الوطنية للسياحة على الابتكار، والاستدامة، وتأشيرات مرنة للإقامات الطويلة.
بدورها وضعت السعودية السياحة في قلب 'رؤية 2030'، بهدف استقبال 150 مليون زائر بحلول نهاية هذا العقد، وقد شهد عام 2023 زيارة أكثر من 100 مليون شخص، مع تطورات كبيرة في مشاريع مثل 'العلا' و'نيوم' و'البحر الأحمر'، وفتح التأشيرة السياحية لـ49 دولة، مما يعزز مكانتها كوجهة عالمية ناشئة.
وتسعى سلطنة عمان لرفع مساهمة السياحة في الناتج المحلي من 3% إلى 10% بحلول 2040، وقد استقبلت في 2023 نحو 4 ملايين سائح، وبدعم حكومي واستراتيجيات مدروسة، من المتوقع أن تصل مساهمة القطاع إلى 7.6% في 2024، مع توقعات بارتفاع عدد العاملين إلى 205 آلاف شخص، ما يمثل فرصة واعدة لريادة الأعمال.
وعززت قطر حضورها السياحي بعد استضافة كأس العالم 2022، عبر تطوير البنية التحتية والمرافق السياحية، وتهدف إلى استقبال أكثر من 6 ملايين زائر سنوياً بحلول 2030، بدعم من مشاريع كبرى، وتوسعة شبكة النقل، والترويج لسياحة المؤتمرات والفعاليات الرياضية.
وتعمل الكويت على تحفيز السياحة من خلال خطة 2035، وتحقيق تنوع اقتصادي أوسع، رغم أن مساهمتها السياحية لا تزال منخفضة نسبياً.
وتركز جهودها على تطوير البنية التحتية، وتنشيط السياحة الداخلية وسياحة الأعمال، عبر تشريعات استثمارية وتسهيلات في التأشيرات.
وحققت البحرين قفزة نوعية في قطاع السياحة، إذ ارتفعت الإيرادات بنسبة 13% وعدد الزوار بنسبة 20% في 2024، بفضل الاستراتيجية السياحية (2022–2026).
ومن المتوقع أن تستقطب المنامة 14 مليون سائح في 2026، مع عائدات تصل إلى 3.6 مليارات دولار في 2028، حيث تم تعزيز الاستثمار في الفنادق، وزيادة القدرة الاستيعابية لاستقبال السياح.
ولفت تقرير صادر عن موقع Travel and Tour World، المتخصص في أخبار السياحة العالمية، في 11 فبراير 2025، إلى التحول الملحوظ الذي شهدته دول مجلس التعاون الخليجي في قطاع السياحة خلال الأعوام الأخيرة.
ونوّه التقرير إلى أن الاستراتيجية المشتركة لدول الخليج (2023-2030) تركّز على تحقيق هدفين رئيسيين، هما رفع عدد السياح الدوليين إلى 128.7 مليون بحلول عام 2030، وزيادة إنفاقهم إلى 188 مليار دولار، وقد قطعت المنطقة شوطاً كبيراً في تحقيق هذا الهدف.