"مونديال عائلي".. هكذا قدمت قطر صورة جديدة لكأس العالم

أشرف كمال - الخليج أونلاين

ما هي أبرز مميزات مونديال قطر؟

أنه مناسب للعائلات، ولا يضم أي ممارسات خارجة.

ما هو رأي المشجعين في المونديال؟

شعروا بالأمان بسبب غياب شرب الكحول والشعور العام بالالتزام.

ما هي أبرز التعليقات على المونديال؟

الغارديان قالت إنه غيّر سلوك الجماهير.

لم يكن راكان يعتقد يوماً أنه سيحضر مباراة كرة قدم هو وزوجته، لكن الأمر تحقق عندما تمكن من اصطحاب زوجته لحضور إحدى مباريات كأس العالم قطر 2022، دون خوف من سلوكيات مشجعي الكرة القادمين من كل حدب وصوب.

يقول راكان، وهو سوري مقيم في قطر، إنه مهتم بكرة القدم وإنه كان عازماً على حضور مباريات خلال البطولة، خصوصاً أن ظروف الدوام (العمل) أصبحت أكثر مرونة خلال البطولة، لكنه لم يكن يفكر في اصطحاب زوجته.

لكن القوانين التي فرضتها الحكومة القطرية، وحالة الالتزام التي سيطرت على أجواء الملاعب، والشعور الكبير بالأمن، كلها عوامل جعلته يصطحب (أم العبد) كما يناديها، إلى ملعب الثمامة، لحضور أول مباراة حيّة في حياتهما.

على خلاف المونديالات السابقة وصفت نسخة كأس العالم قطر 2022 بأنها الأكثر صداقة للعائلات بالنظر إلى خلوها من مظاهر عديدة كانت أشبه بقواعد راسخة في مباريات كرة القدم.

إذ ساعدت قوانين حظر تناول الكحول في الأماكن العامة ومنع استخدام شعارات أو ممارسة سلوكيات مخالفة للأخلاق العامة في قطر، لتعزيز الحضور العائلي بالمباريات وفي الفعاليات المتنوعة التي تعج بها قطر.

وقال راكان، في حديثه لـ'الخليج أونلاين'، إنه استمتع بالمباراة، ولم يكن متخوفاً أبداً من أن تتعرض (أم العبد) ولو لنظرة خارجة من مشجع، بعدما أصبح جميع المشجعين يعيشون شعوراً عاماً بالالتزام.

وتدوالت مواقع التواصل صور أسرة كندية ترفع لافتة شكرت فيها أمير البلاد، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، على تمسكه بقيم بلاده، وهو ما جعل المونديال صديقاً للعائلة، حسب وصفهم.

غيّر سلوك الجماهير

وكانت 'الغارديان' البريطانية قالت، في تقرير هذا الأسبوع، إن منع شرب الكحول في المدرجات جعلت المشجعين أكثر شعوراً بالأمان، مشيرة إلى أن هذا المونديال غير ثقافة المشجعين.

ونقلت الصحيفة، في تقرير يوم 4 ديسمبر الجاري، عن مشجعين إنجليز قولهم 'لأن قطر دولة مسلمة، ومن الصعب العثور على الكحول، فقد شعرنا بأمان أكبر في السفر مع عائلاتنا وأطفالنا لدعم منتخب إنجلترا.. كنا نعلم أننا لن نتعرض للخطر، وأن السلوك المعادي سيكون أقل'.

هذا الشعور العام بتحول المونديال من بطولة محظورة إلى حد بعيد على النساء، إلى بطولة متاحة للجميع، حتى العائلات، خصوصاً أن الإجراءات الأمنية الصارمة عززت الشعور بالأمان.

خلال مسيرنا في سوق واقف التقينا العديد من المشجعين الأجانب، وقال مشجع كراوتي إن السمة التي لفتت نظره في المونديال هو اختلاط الجماهير، وعدم الفصل بينها، مشيراً إلى أن جماهير كراوتيا كان بإمكانها الجلوس إلى جانب جماهير اليابان في مباراة الاثنين 5 ديسمبر الفاصلة، دون وقوع أي خوف من حدوث احتكاك.

وفي حديثه مع 'الخليج أونلاين'، قال المشجع الذي كان يرتدي قميص منتخب بلاده بعد فوزه على اليابان، إنه يشعر 'بتعامل مختلف من رجال الأمن'؛ مشيراً إلى أنهم 'يتعاملون مع الناس بود كبير، ولا يمارسون أي تسلط، وإنهم حريصون على إظهار حسن الأخلاق في المعاملة'.

ولم تحدث أي احتكاكات بين الجماهير داخل أو خارج الملاعب منذ انطلاق البطولة في 20 نوفمبر الماضي، وهو سلوك جديد على مشجعي الكرة الذين اشتهروا بالتعصب والاحتكاك.

وفي محطات المترو الرئيسية، خصصت السلطات مسارات خاصة للعائلات بعيداً عن المسارات العامة لتحقيق مزيد من الخصوصية.

ودعا بعض المؤثرين القطريين إلى استغلال هذا التطور وهذه التجربة في تعزيز السياحة العائلية بالبلاد والبناء على ما شاهده العالم من أمن والتزام في هذا البلد العربي المسلم.

وعزز خصوصية المونديال أن كثيرين من المقيمين في قطر استضافوا ذويهم أو أصدقائهم لحضور المونديال، بعدما سمحت الحكومة لحامل بطاقة هيا باستضافة 3 أفراد.

كرم لافت

إلى جانب ذلك، فإن كرم القطريين مع الضيوف أثار إعجاب غير العرب تحديداً، فعلى سبيل المثال، دأب المواطن القطري نبيل الشيبة الذي يتجاور بيته مع ملعب الثمامة، لتقديم المشروبات والحلويات للضيوف بعد كل مباراة.

دأب الشيبة على إعداد مكان كبير للجلوس وتناول المشروبات والحلويات بعد كل مباراة يستضيفها ملعب الثمامة، وقال راكان إنه لاحظ انبهار الأجانب بفكرة أن يقدم أحد شيئاً للآخرين بالمجان؛ لأنهم ليست موجودة عندهم.

وفي سوق واقف، كانت أعلام فلسطين والأغنيات الوطنية حاضرة بلا توقف وكان الزوار الأجانب ملتفين حول الجمع الذي يحمل أعلام فلسطين ويغني لها بلا توقف.

عندما تحدثنا مع بعضهم قالوا إنهم لم يكونوا مهتمين أبداً بقضية فلسطين قبل أن يحضروا المونديال ويروا هذا التضامن العربي الكبير.

لم تعد قطر خلال المونديال كما كانت قبله، ويبدو أنها لن تعود أبداً، فقد اكتسى البلد بملامح البلد السياحي الذي عرف معنى استقبال الضيوف من العرب وغيرهم.

في مطار حمد الدولي، إجراءات دخول حاملي بطاقة 'هيا' شديدة السهولة حيث لا يحتاج القادم إلا إلى وضع جواز سفره على شاشة إلكترونية من أجل تحصيل ختم المرور.

ويبدو الحضور الأمني لافتاً في كل مكان دون صخب، حيث لا يحتاج الزائر الكثير من الوقت ولا الجهد للحصول على مساعدة، فضلاً عن طلب الإنقاذ.

على مقهى في منطقة مشيرب، التقينا بشاب سعودي يدعى عمر، من سكان الرياض، قال إنه نسي هاتفه في سيارة أجرة 'كروة' خلال ذهابه من المطار إلى مقهى الكورنيش الجديدة بمشيرب.

وقال عمر إنه استعاد هاتفه بعد أقل من عشرين دقيقة من اتصال أحد الجالسين على المقهى بالشرطة التي سألته عن قيمة الأجرة التي دفعها ومكان التحرك ومكان الوصول ونوع الهاتف.

تبدل المواقف

عالمياً، أثنى رئيس الوزراء البريطاني، ريشي سوناك، على التنظيم الرائع للمونديال، وقال في تغريدة (الاثنين 5 ديسمبر) إن دور المجموعات كان من بين الأروع تاريخياً.

كما أثنى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على تنظيم قطر للبطولة التي تقام لأول مرة في المنطقة، وقال إنه سيحضر الأدوار النهائية حال تأهل منتخب بلاده.

وتعرض مونديال قطر لهجمة غربية شرسة ردت عليها الدوحة بالفعل وقالت إنها حملة ممنهجة تقوم على المزاعم، ووعدت بتقديم نسخة تغير الصورة النمطية التي يحاول الغرب ترسيخها عن العرب.