قنصلية قطرية بكردستان العراق.. كيف تدفع علاقات الدوحة وأربيل قدماً؟

طه العاني - الخليج أونلاين

افتتاح قنصلية قريباً لقطر في إقليم كردستان العراق.

تعزيز العلاقات الثنائية، وتهيئة الأرضية لرفع التبادل الاستثماري والتجاري.

بلغ نحو 145.3 مليون دولار عام 2021.

يتزايد التعاون الثنائي بين قطر وإقليم كردستان العراق بشكل ملحوظ على مدار الأشهر الماضية، حيث يسعى الطرفان إلى تبادل الخبرات في مجالات الاستثمار والتنمية الاقتصادية.

وتوفر أربيل للمستثمرين القطريين فرصاً للاستثمار في قطاعات مختلفة، أبرزها النفط والغاز والبنية التحتية والسياحة والزراعة، ويعمل الجانبان على تعزيز التجارة الثنائية وتبادل المنتجات والخدمات المتنوعة.

وتستند العلاقة بين الدوحة وأربيل إلى مجموعة من العوامل المشتركة في مجالات السياسة والاقتصاد والثقافة، ويميزها التعاون والتفاهمات المبنيّة على مبدأ الشراكة.

قنصلية قطرية

ويأتي إعلان حكومة إقليم كردستان العراق عن قرب افتتاح قنصلية لدولة قطر في أربيل عاصمة الإقليم، ليؤكد مساعي الجانبين لتعزيز العلاقات المشتركة.

وخلال لقاء جمعه مع السفير القطري لدى العراق خالد بن حمد السليطي، أعرب مسؤول مكتب العلاقات الخارجية في حكومة إقليم كردستان سفين دزيي، في 10 مايو 2023، عن استعداد حكومة الإقليم لتقديم كافة التسهيلات اللازمة لإتمام فتح قنصلية قطر في أربيل.

وشدد الجانبان، وفق بيان مكتب حكومة كردستان العراق، على أهمية تعزيز العلاقات الثنائية، لا سيما بعد افتتاح القنصلية القطرية في الإقليم.

من جانبه، أعرب السفير القطري في العراق عن سعادته بتعزيز العلاقات بين الدوحة وإقليم كردستان، مؤكداً قطع خطوات جيدة نحو الأمام لافتتاح قنصلية عامة في أربيل، متوقعاً تنفيذ الخطوة 'خلال وقت قريب وبشكل رسمي'.

لقاءات رفيعة

وشهدت علاقات دولة قطر مع حكومة كردستان العراق العديد من الزيارات واللقاءات الرفيعة خلال العامين الماضيين.

وكان رئيس حكومة إقليم كردستان العراق، مسرور البارزاني، أجرى زيارة إلى قطر في فبراير 2022 على رأس وفد رفيع، والتقى خلالها بأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وكبار المسؤولين القطريين.

وبحث البارزاني في الدوحة مع وزير الطاقة القطري سعد بن شريدة الكعبي، آفاق التعاون في مجال الغاز الطبيعي ومشاريع الطاقة المتجددة، والتعاون الإقليمي في هذا القطاع.

وناقش رئيس حكومة إقليم كردستان والوفد المرافق له مع وزير الدولة القطري للطاقة، إمكانات الغاز الضخمة في الإقليم، وسبل الاستفادة من الخبرات القطرية في هذا المجال.

كما التقى البارزاني مع وزير التجارة والصناعة القطري، الشيخ محمد بن حمد آل ثاني، لبحث تعزيز التعاون في المجالين التجاري والصناعي، كما استعرض الجانبان فرص تطوير التبادل التجاري بينهما.

وفي مايو 2023، تجدد اللقاء بين أمير قطر والبارزاني على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، وأكّد الجانبان مواصلة العمل نحو مزيد من التعاون الثنائي، كما ناقش البارزاني مع وزير التجارة والصناعة القطري سبل تعزير التعاون في قطاعات التجارة والاستثمار والصناعة.

وقبل ذلك بثلاثة أشهر التقى رئيس إقليم كردستان العراق نيجيرفان البارزاني، مع وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، على هامش فعاليات مؤتمر ميونيخ للأمن.

وجرى خلال الاجتماع استعراض علاقات التعاون بين قطر وإقليم كردستان، لا سيما سبل توسيع الاستثمارات والشراكة الاقتصادية، بالإضافة إلى عددٍ من القضايا الإقليمية.

زيادة التعاون

وتتجه تطلعات الدوحة وأربيل نحو مزيد من التعاون السياسي والأمني والاقتصادي والاستثماري، خاصة في مجالات الطاقة والتبادل التجاري.

وخلال استقباله السفير القطري لدى العراق، في 13 سبتمبر 2022، رحّب نيجيرفان البارزاني بجهود افتتاح قنصلية عامة قطرية في أربيل، واستعرض فرص الاستثمار القطري في إقليم كردستان.

وأكد الجانبان رغبتهما في زيادة تعزيز العلاقات والتعاون المشترك بينهما، وتمهيد الأرضية الملائمة للاستثمارات القطرية في مختلف القطاعات والمجالات في إقليم كردستان وعموم العراق.

ونوّه الجانبان بأهمية تدشين الرحلات المباشرة للخطوط الجوية القطرية إلى العراق وإقليم كردستان، بما يعزز تقارب الجانبين.

وشددت قطر على أهمية استمرار الأمان والاستقرار السياسي في العراق وإقليم كردستان، لبدء مشاريع استثمارية كبيرة في مختلف المجالات.

ويحظى إقليم كردستان بنسبة مهمة من حجم التبادل التجاري بين قطر والعراق، الذي بلغ عام 2021 نحو 145.3 مليون دولار. وتوجد في قطر 304 شركات عراقية تعمل في العديد من القطاعات والأنشطة الاقتصادية المهمة.

تقارب مهم

يؤكد المستشار السياسي لرئيس برلمان إقليم كردستان، محمود خوشناو، أن التعاون الدبلوماسي بين إقليم كردستان وقطر أو أي دولة أخرى، سيكون مؤثراً في عدة مجالات، سياسياً واقتصادياً وأمنياً وتجارياً وثقافياً، لافتاً إلى ترحيب حكومة كردستان بفتح أي قنصلية في الإقليم.

ويضيف خوشناو لـ'الخليج أونلاين' أن قطر لها خصوصية مع إقليم كردستان، تكمن في التقارب بين الشعبين الكردي والخليجي بصورة عامة، كما أن لقطر حضوراً كبيراً في المنطقة سياسياً واقتصادياً، ولها تأثير في صناعة القرار الإقليمي والدولي.

ويعتقد أن الشعب الكردي ليس ببعيد عن الشعب القطري، لا سيما من الناحية الثقافية، إذ إن هناك روابطَ مشتركة وتشابهاً في الثقافات، مشيراً إلى أن وجود ممثلية قطرية يعيد حيوية وإنضاج التبادل الثقافي بين الجانبين.

ويلفت إلى أن الإقليم يتطلع إلى إعادة فتح القنصلية لتطوير التقارب والعلاقات بين الطرفين، إضافة إلى التبادل التجاري والاقتصادي والاستثمار، لافتاً إلى أن عدم فتح القنصلية في السنوات السابقة يعود إلى أوضاع المنطقة الأمنية وبعض التغيرات السياسية المؤثرة.

وأعرب عن أمله في أن يكون حضور القنصل القطري في إقليم كردستان فاعلاً ينسجم مع التوجهات السياسية والاجتماعية لشعب كردستان، كما أمل أيضاً بتطوير العلاقات والتعاون الاستخباري والأمني إضافةً إلى السياسي والاقتصادي والتجاري، عبر منظومة الأمن والدفاع الوطنية العراقية وفق الدستور.

تجاوز المعوقات

بدوره يقول الكاتب والباحث كفاح سنجري، إن دولة قطر وشعبها يحظيان باحترام كبير لدى شعب كردستان وحكومته، وبينهما علاقات سياسية متينة منذ سنوات طويلة، عززتها زيارات رئيس حكومة الإقليم ورئيس الإقليم للدوحة، مقابل زيارات مهمة لوزير خارجية قطر إلى أربيل ولقاءاته مع قيادات الإقليم.

ويشير 'سنجري'، في حديثه مع 'الخليج أونلاين'، إلى أن هناك زيارات متبادلة بين أربيل والدوحة لمجموعات من رجال الأعمال القطريين والأكراد، مبيناً أنه 'نظراً لهذه التواصلات، ولأهمية دور الإقليم في المنطقة، ودور قطر المحوري في إرساء السلام والاستقرار؛ اتفقت حكومتا قطر وكردستان على فتح قنصلية عامة للدوحة في أربيل'.

ويؤكد على العلاقات المتينة بين شعبي قطر وكردستان وبين حكومتي أربيل والدوحة، ومساعي الطرفين في تطوير آفاق هذه العلاقة التي تتمثل في التبادل التجاري والتعاون الاقتصادي الأكثر أهمية في مجالات الاستثمار في حقول الطاقة والتصنيع والزراعة.

ويبيّن الباحث المتخصص في الشأن الكردي أن فكرة فتح قنصلية قطر تعود إلى عام 2008، وقد طرحها في ندوة المسألة الكردية التي أقامها مركز دراسات الجزيرة، حيث دعوا إلى ضرورة تطوير العلاقة مع كردستان من خلال فتح قنصلية، لما لدولة قطر من أهمية إقليمية ومن مقبولية لدى شعب كردستان وقيادته.

لكن سنجري استدرك بالقول إن هناك معوقات سببها الأساسي 'بعض القوى النافذة في الحكومة الاتحادية ببغداد'، التي قال إنها كانت تعترض على مثل هذا الانفتاح على الخليج وتحديداً على قطر، بحجج واهية لا أساس لها من الصحة، وهي ذاتها كانت تحارب تطوير العلاقة بين الدوحة وبغداد أيضاً.