اخبار قطر
موقع كل يوم -الخليج أونلاين
نشر بتاريخ: ٢٥ حزيران ٢٠٢٥
كامل جميل - الخليج أونلاين
المستشار الإعلاميد. واثق عباس:
الإعلام الخليجي لم يعد مجرد ناقل للأحداث، بل تحول إلى أداة فاعلة في تشكيل الوعي الجماهيري وتوجيه الرأي العام.
الإعلام الخليجي بات اليوم أداة فاعلة في صناعة الرأي العام، لا سيما مع التوسع في الإعلام الرقمي وصعود المؤثرين.
الإعلام الخليجي تمكن من تطويع التطور التقني في صالح إيصال روايته مدعمة بالأدلة.
في منطقة الخليج، حيث يتداخل الأمن القومي مع المصالح الإقليمية والدولية، يلعب الإعلام دوراً متصاعداً في بناء الوعي وتوجيه الانفعالات الجماعية، لا سيما في وقت الحروب، حيث لم يعد الإعلام مجرّد مرآة تعكس الواقع، بل صار أداة فاعلة في تشكيله.
في الأيام الأخيرة، ومع اتساع رقعة التوتر بين 'إسرائيل' وإيران، بدا الإعلام الخليجي كأنه على خطوط الجبهة الأولى، لا ينقل فقط الأحداث، بل يعيد تشكيلها.
ففي كل نشرة إخبارية، وفي كل مقال رأي، يبرز سؤال جوهري: كيف نقرأ هذه الحرب؟ ومن المستفيد؟ وما الذي تعنيه لدول الخليج التي تقف في قلب العاصفة الجيوسياسية؟
بين الاتزان والانفعال
بعض وسائل الإعلام الخليجية اختارت أن تتبنى خطاباً متزناً، يستند إلى التحليل الاستراتيجي والقراءة الهادئة للتطورات، محذرةً من الانجرار خلف خطاب التعبئة والانفعال.
بينما ذهب إعلام آخر نحو تبنّي سرديات أكثر وضوحاً وانحيازاً، مستنداً إلى مصالح الأمن القومي والموقف من النفوذ الإيراني في الإقليم من جهة، وتماهي 'إسرائيل' في الاعتداء المستمر على دول المنطقة وشعوبها.
المتخصصون في مجال السياسة دائماً ما يبتعدون عن العواطف، ويبحثون عن النتيجة التي تفضي إلى استقرار الأمن من أجل البناء والتنمية، وهو ما دعا إليه محللون وكُتاب لهم حضور واسع، يساهمون عبر آرائهم في تثقيف وتوعية المجتمع وإبعاده عن التشنج والتأثر والاصطفاف غير المجدي.
في هذا الخصوص كتب حمود أبو طالب في مقال بصحيفة 'عكاظ' تحت عنوان 'وماذا بعد قصف المنشآت النووية؟'، قال فيه محذراً: إن 'الوضع في غاية الخطورة، ويجب أن لا يستمر بهذا التصعيد المتسارع'.
أبو طالب أكد أن منطقة الخليج هي المتضررة 'بشكل مباشر'، ومعها العالم كله من ناحية الاقتصاد والأمن والسلم، داعياً جميع الأطراف المتورطة في الحرب إلى 'التعقل، خصوصاً أمريكا'.
وشدد الكاتب السعودي على أن 'التصلب في المواقف سيؤدي إلى كارثة حقيقية غير مسبوقة، والسلم كلما تأخر أصبح صعب المنال'.
توازن ووعي
ورغم أن الإعلام ليس بديلاً عن السياسة، فإنه أصبح يمهّد لها الأرض، وهذا ما يظهر في مواضيع مختلفة تبثها وسائل الإعلام الخليجية، ومنها ما جاء في تقرير حديث لـ'سكاي نيوز عربية'، سلط الضوء على المصالح الخليجية، مبيناً أنها هي من ترسم مواقف بلدان مجلس التعاون الخليجي.
يشير التقرير إلى أن المصالح الخليجية لا تصب في مصلحة طرف أو آخر، وأن الدول الخليجيةترعى مصالحها، مشدداً على أن هذه المصالح استراتيجية وأمنية واقتصادية تصب في صالح المواطن الخليجي واستقرار دول الخليج وأمنها.
أكد التقرير أن 'إسرائيل إذا أرادت أمناً واستقراراً في المنطقة، فلتبدأ بالإصلاح السياسي، خصوصاً حل الدولتين، الذي تصر عليه دول الخليج'.
كما لفت إلى أن 'إسرائيل' وإيران تريدان أن تكون دول الخليج تابعة لهما، موضحاً: 'إذا مست مصالح دول الخليج أو أمنها فستكون ضد أي طرف، مهما كان، سواء إسرائيل أو إيران'.
اهتمام بطرح الإعلام الخليجي
كثيراً ما كانت تغطيات الإعلام الخليجي للأحداث الجارية في المنطقة منذ 13 يونيو الجاري- حيث انشغل العالم بالقصف الإسرائيلي الإيراني المتبادل- تحمل قراءات واعية يشيد المتابعون بما فيها من استنتاجات وتحليلات.
لعل قناة 'الجزيرة' من أبرز إن لم تكن أكثر المحطات بروزاً في هذا الشأن في تغطيتها للأحداث بالمنطقة، من خلال استضافة أبرز المختصين بالشؤون السياسية والعسكرية والأمنية لتحليل الوقائع والخروج بنتائج وسناريوهات.
ونتيجة للقراءات التي كثيراً ما تكون متطابقة لما يحصل لاحقاً، نالت هذه المحطة متابعة واسعة، وثقة لدى الجمهور العربي.
من بين القراءات التي أحدثت صدى، تلك التي تحدث بها د.لقاء مكي، الباحث الأول في مركز الجزيرة للدراسات، الذي توقع قبل أيام من الهجوم الأمريكي على القواعد النووية الإيرانية، أن الهجوم سيقع، وأن أمريكا ستدخل طرفاً في الحرب.
وأكد عبر قناة 'الجزيرة' أن الحرب التي تستعر بين إيران و'إسرائيل'، هي حرب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وليست حرب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لافتاً إلى أن ترامب هو من دفع نتنياهو إلى الدخول في الحرب وتهيئة الأجواء لدخول الولايات المتحدة.
تلك القراءات التي يقدمها الإعلام الخليجي باتت محط اهتمام عربي واسع؛ لما فيها من توازن في الطرح وابتعاد عن الميول والتوجهات، ما يمنح المتابع معلومات أوفى تساعده في تكوين صورة أوضح لما يجري على الأرض.
مصادر قوة الإعلام الخليجي
المستشار الإعلاميد. واثق عباس، الذي تحدث لـ'الخليج أونلاين'، يؤكد أن الإعلام الخليجي، بمختلف أشكاله، لم يعد مجرد ناقل للأحداث، بل تحول إلى أداة فاعلة في تشكيل الوعي الجماهيري وتوجيه الرأي العام.
وأشار إلى أن ثلاث قوى رئيسية تمنح الإعلام الخليجي قوة ليكون فاعلاً في تشكيل الرأي العام وتشمل:
استمرار المؤسسات التقليدية في التأثير بشكل واسع عبر تقديم السردية الرسمية الموحدة، وهو ما يرسّخ وعياً جماعياً مستقراً، خاصة في الأزمات.
قوة المنصات الرقمية التي تُتيح تعدداً في الآراء، مما يفكك هيمنة الرواية الواحدة.
تحوُّل المؤثرين وحسابات التواصل الاجتماعي إلى قوة إعلامية مؤثرة.
يؤكد عباس أن 'هذه العوامل الثلاثة منحت الإعلام الخليجي قوة، لا سيما مع التزام المؤثرين، بعدم الخروج عن الخط الوطني أو القومي أو العقائدي، لذلك رأينا الطروحات خلال الهجمات الإيرانية الإسرائيلية، تحمل هماً وطنياً، وعربياً وعقائدياً'.
عباس يلفت إلى أن الإعلام الخليجي بات اليوم أداة فاعلة في صناعة الرأي العام، لا سيما مع التوسع في الإعلام الرقمي وصعود المؤثرين.
لكن هذا التحول صاحبته تحديات معقدة، على حدّ قوله، أبرزها 'ضعف الموثوقية، وتزايد الاستقطاب، وضبابية الحقيقة'، مبيناً أن ذلك 'يتطلب من الجمهور مهارات تفكير نقدي عالية وقدرة على التحقق في بيئة سريعة ومتغيرة'.
واستدرك: 'لكن الإعلام الخليجي تمكن من تطويع التطور التقني في صالح إيصال روايته مدعمة بالأدلة'.
ولفت إلى أن السرّ وراء استقطاب الإعلام الخليجي الجماهير الخليجية والعربية لمتابعة تغطياته لحرب 'إسرائيل' وإيران الأخيرة، يتمثل في:
التغطية المستمرة على مدار الساعة، التي تقدمها المؤسسات الكبرى، ونقلها معلومات من قلب الحدث.
تنوّع المصادر الذي عزز ميول الجمهور نحو التلقي الانتقائي لما يوافق قناعاته.
سرعة المنصات والمؤثرين في نقل الأخبار.