قطر.. يوم وطني بلا احتفالات وسط جهد محموم لوقف حرب غزة

كمال صالح - الخليج أونلاين

لأول مرة منذ سبعة أعوام مرّت ذكرى اليوم الوطني القطري بدون أي مظهر من مظاهر الاحتفالات، تضامناً مع غزة التي تتعرض لحرب إبادة يمارسها جيش الاحتلال بدعم أمريكي، منذ الـ7 من أكتوبر الماضي.

ويوم أمس، الموافق 18 ديسمبر، حلّت ذكرى اليوم الوطني القطري، في ظل التفات كامل من قبل الحكومة القطرية لمساندة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، حيث تقود الدوحة حراكاً دبلوماسياً منقطع النظير، للتوصل إلى اتفاق ينهي العدوان على القطاع الذي أودى بحياة أكثر من 19 ألف مدني أغلبهم أطفال ونساء، وأكثر من 52 ألف جريح، وفق إحصائيات رسمية.

وفي كل عام تحتفل قطر بهذه المناسبة بفعاليات ضخمة تعمّ أرجاء الدولة تستمر أياماً، لكن هذا العام خلا من أي مظاهر احتفالية، بعد أن أعلنت الدوحة، في 20 نوفمبر الماضي إلغاء الاحتفالات السنوية باليوم الوطني، تضامناً مع غزة.

اقتصار على التهاني

ففي 20 نوفمبر الماضي، أعلن نائب رئيس  الوزراء وزير الدولة لشؤون الدفاع، خالد العطية، عن صدور توجيه من أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، بتأجيل احتفال القوات المسلحة القطرية باليوم الوطني لهذا العام'.

ولفت الوزير العطية، في كلمة نشرتها وزارة الدفاع القطرية حينها، إلى أن 'هذا التأجيل هو أقل ما يمكن أن نقوم به تجاه ما يحدث لأشقائنا في غزة من إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية'.

خالص التهاني القلبية لشعبنا العزيز والمقيمين على أرض قطر بمناسبة ذكرى اليوم الوطني، راجين لهم موصول التقدم والازدهار.

وبمناسبة ذكرى اليوم الوطني أعرب أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، عن خالص تهانيه للشعب القطري والمقيمين في الدولة بمناسبة ذكرى اليوم الوطني، متمنياً لهم 'التقدم والازدهار'.

ووجه رئيس الوزراء وزير خارجية قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، تهنئة بالمناسبة إلى أمير البلاد والشعب القطري وقال: 'نسأل الله عز وجل أن يوفقنا جميعاً في خدمة وطننا وتحقيق رفعته'.

أخلص التهاني لسيدي صاحب السمو أمير البلاد المفدى وللشعب القطري الكريم بمناسبة ذكرى اليوم الوطني، ونسأل الله عز وجل أن يوفقنا جميعاً في خدمة وطننا وتحقيق رفعته.

من جهته وجه رئيس مجلس الشورى القطري، حسن بن عبد الله الغانم، التهنئة بهذه المناسبة إلى أمير قطر، و'الأمير الوالد' الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، ونائب الأمير الشيخ عبد الله بن حمد، وإلى الحكومة وعموم الشعب القطري والمقيمين.

وبهذه المناسبة، قال رئيس وزراء قطر الأسبق، حمد بن جاسم بن جبر: 'في اليوم الوطني المجيد لوطننا الحبيب، نستذكر مسيرة أجدادنا وآبائنا الميامين ورجالات قطر وما قدموه من تضحيات وكفاح في سبيل نهضة بلادنا واستقلالها وعزتها'.

وأضاف: 'إننا إذ نحتفل اليوم بهذه المناسبة العزيزة على أنفسنا فإننا نهنئ شعبنا وقائدنا، ونسأل الله العلي القدير أن يحفظ بلدنا وأميرنا ويديم علينا نعمه ظاهرة وباطنة'.

في اليوم الوطني المجيد لوطننا الحبيب فإننا نستذكر مسيرة أجدادنا وآبائنا الميامين ورجالات قطر وما قدموه من تضحيات وكفاح في سبيل نهضة بلادنا واستقلالها وعزتها. وإذ نحتفل اليوم بهذه المناسبة العزيزة على أنفسنا فإننا نهنىء شعبنا وقائدنا ونسأل الله العلي القدير ان يحفظ بلدنا وأميرنا…

وذكرى تأسيس قطر على يد الشيخ المؤسس جاسم بن محمد آل ثاني، في 18 ديسمبر 1978، تعتبر يوماً بهيجاً في قطر، وفيه تتجسد حالة التلاحم بين القيادة القطرية وشعبها، وتستذكر الحكومة القطرية خلالها الإنجازات العظيمة التي تحققت تحت قيادتها.

دلالة عظيمة

فرضت تداعيات التصعيد الإسرائيلي على قطاع غزة، واستمرار المجازر بحق السكان، أجندة وأولويات لدى القيادة القطرية، دفعت الاحتفال والابتهاج باليوم الوطني إلى الهامش؛ فقطر تتصدر الجهد العالمي لوقف عدوان الاحتلال، وتحولت الدوحة إلى مركز للتحركات العالمية، وقبلة لكبار مسؤولي العالم، ومن ضمنهم طرفا النزاع.

وهذه هي المرة الأولى التي توقف قطر احتفالاتها بمناسبة يومها الوطني، منذ ديسمبر عام 2018، حينما ألغت إحياء اليوم الوطني تضامناً مع حلب، التي كانت تتعرض لحرب إبادة من قبل قوات النظام السوري.

وتعليقاً على قرار وقف الاحتفالات، أشار الدكتور تركي عبيد المري، أستاذ الفقه بجامعة قطر إلى أن 'هناك دلالة عظيمة جداً في اختيار قطر يومها الوطني ليعبر عن قضية فلسطين، التي تعتبر قضية الأمة الجامعة'، لافتاً إلى أنها بذلك 'تثبت للناس يوماً بعد آخر أنها قادرة على توجيه الناس إلى واجبهم تجاه الأمة'.

وأضاف، في حوار مع تلفزيون قطر: 'هذا الموقف يشعرنا جميعاً بانتمائنا للأمة، هذا الانتماء الذي ضعف مع ضغط النظام الدولي، الذي قسمنا إلى أشلاء مقسمة، فأصبحنا نشعر أننا قطع ممزقة'.

وأوضح أن 'هذا القرار يشعر الجميع بالتكاتف في نصرة قضية المسلمين الأولى، قضية فلسطين'، لافتاً إلى أن 'قطر عودت الجميع بمواقفها المشرفة على مستوى الدعم والمساعدة المادية، أو على المستوى السياسي'، مؤكداً أن الناس يثنون على قطر وشعبها بسبب موقفها من قضية فلسطين.

وتزامناً مع اليوم الوطني أطلقت هيئة قطر الخيرية حملة 'واجب فلسطين' الإغاثية، لمساعدة المتضرّرين من العدوان على قطاع غزة، والتي تبرع خلالها أمير البلاد بـ100 مليون ريال (قرابة 27.5 مليون دولار).

وشارك في الحملة جمعية الهلال الأحمر القطري، بالتعاون مع المؤسسة القطرية للإعلام (تلفزيون قطر)، وذلك بعد أيام من تعهد الدوحة بتقديم 50 مليون دولار، على شكل مساعدات إنسانية لسكان قطاع غزة، إضافة إلى 100 منحة دراسية للشباب الفلسطيني، وفقاً لبيان نشرته الخارجية القطرية يوم 14 ديسمبر.

كما تعهدت قطر في وقت سابق، بتوفير الرعاية الصحية لـ1500 من الجرحى المدنيين، إضافة إلى كفالة 3000 آلاف طفل، ومساعدات تتجاوز أكثر من 1500 طن، إلى جانب مستشفى ميداني في قطاع غزة، وإجلاء العشرات من المواطنين المقيمين من قطاع غزة.

ريادة الدور

وتحتل دولة قطر مساحة مهمة من الاهتمام العالمي السياسي والإعلامي، فهي تقود جهود الوساطة في الحرب الدائرة في قطر منذ 7 أكتوبر الماضي، وفي أزمات عدة، حالية وسابقة.

وألقت الدوحة بثقلها السياسي للتوصل إلى وقف إطلاق نار دائم في قطاع غزة، وكان لها دور محوري في التوصل إلى الهدنة المؤقتة التي تم التوصل إليها في 24 نوفمبر، واستمرت حتى مطلع ديسمبر، وجرى خلالها تبادل مئات الأسرى بين المقاومة وجيش الاحتلال.

????????????????????????????????

ولم تتوقف الدوحة عن بذل مزيد من الجهود لوقف الحرب، واستئناف الهدنة، وإليها يتجه قادة العالم وأصحاب القرار في الدول الكبرى، بحثاً عن حلول لأعقد مشاكل وأزمات العالم، والتي كان آخرها قضية الحرب على غزة، وسبقها حرب أفغانستان والانسحاب الأمريكي منها، والملف النووي الإيراني، وأزمة الرهائن بين واشنطن وطهران، وكذا أزمة لم شمل الأطفال الأوكرانيين.

وعلقت وزيرة الدولة للتعاون الدولي القطرية، لولوة الخاطر، بمناسبة اليوم الوطني قائلةً: 'ستظل دولة قطر حريصة على تطوير علاقاتها مع الدول والمنظمات الإقليمية والدولية والمساهمة الفاعلة في تعزيز السلم والأمن الدوليين من خلال الوساطات الرامية لفضّ المنازعات بالطرق السلمية'.

وأكدت أنه في صدارة الأولويات يأتي وقف العدوان الوحشي على غزة ودعم الشعب الفلسطيني لنيل حقوقه المشروعة.

وكلما وجدت واشنطن وحلفاؤها أنفسهم في مأزق كانت قطر هي قبلتهم بحثاً عن المخرج، وهذا ما يحدث بالنسبة للحرب في غزة، فهذا موقع أكسيوس' الأمريكي أكد أن مدير المخابرات المركزية الأمريكية وليام بيرنز، سيلتقي رئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ورئيس جهاز الموساد الإسرائيلي دافيد بارنياع، في العاصمة البولندية؛ لمناقشة صفقة جديدة لتبادل المحتجَزين بين 'إسرائيل' وحماس.