اخبار قطر
موقع كل يوم -الخليج أونلاين
نشر بتاريخ: ٢٢ تشرين الأول ٢٠٢٥
عمر محمود – الدوحة – الخليج أونلاين
يأتي التقارب التركي القطري في وقت تشهد فيه المنطقة تحديات متصاعدة، ما يضفي عليه بعداً سياسياً مهماً يعزز الدور المشترك للبلدين في دعم الاستقرار الإقليمي وجهود السلام والحوار.
خلال العقد الماضي تطورت العلاقات القطرية التركية بشكل لافت، ووصفت بأنها علاقات استراتيجية متينة ومتطورة تقوم على الشراكة والتنسيق السياسي والأمني والإقليمي.
كما تمتاز هذه العلاقات بتقارب فريد في وجهات النظر حيال العديد من القضايا الإقليمية والدولية، إلى جانب تناغم الرؤى السياسية إزاء مختلف الملفات.
ويتبنى الجانبان نهج الحوار والدبلوماسية وتفعيل جهود الوساطة كركائز لتحقيق الأمن والاستقرار والسلام، وحل النزاعات على المستويين الإقليمي والدولي.
تعاون استراتيجي
ومنذ عام 2014، عقد أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ستة وثلاثين اجتماعاً بينهما، كان آخرها في 22 أكتوبر 2025.
كما ترأس الزعيمان الاجتماع الحادي عشر للجنة القطرية – التركية الاستراتيجية العليا الذي عقد في الدوحة، حيث بحثا علاقات التعاون الاستراتيجي وسبل تعزيزها وتطويرها في مجالات عدة، لا سيما الدفاع والتجارة والاستثمار والطاقة وتكنولوجيا المعلومات.
وأكد أمير دولة قطر أن العلاقات التاريخية والتعاون النموذجي بين قطر وتركيا يمضيان بثبات نحو آفاق رحبة وواعدة، في ظل المكتسبات الكبيرة للجنة الاستراتيجية العليا بين البلدين.
وأضاف في منشور عبر حسابه على منصة 'إكس' (الأربعاء 22 أكتوبر): 'تمضي العلاقات التاريخية والتعاون النموذجي بين قطر وتركيا بثبات نحو آفاق رحبة وواعدة، في ظل المكتسبات الكبيرة للجنة الاستراتيجية العليا بين بلدينا الشقيقين، والتي ترأست اليوم اجتماعها الحادي عشر مع أخي الرئيس رجب طيب أردوغان، الذي سعدت بلقائه في الدوحة'.
ويأتي التقارب التركي القطري في وقت تشهد فيه المنطقة تحديات متصاعدة، ما يضفي عليه بعداً سياسياً مهماً يعزز الدور المشترك للبلدين في دعم الاستقرار الإقليمي وجهود السلام والحوار.
التعاون الدفاعي
وشهدت زيارة الرئيس التركي إلى الدوحة(الأربعاء 22 أكتوبر) التوقيع على عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم بين البلدين، من أبرزها مذكرة التعاون في مجال الصناعات الدفاعية بين وزارة الدفاع القطرية وهيئة الصناعات الدفاعية التركية، في خطوة تؤكد توجه البلدين نحو تعزيز التعاون العسكري وتوسيع الشراكة الدفاعية.
كما يشكل التعاون العسكري بين قطر وتركيا أحد أبرز ركائز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، إذ يتضمن العديد من الجوانب والمجالات الحيوية.
ففي فبراير 2025، تم توقيع مجموعة من الاتفاقيات بين شركة برزان القابضة التابعة لوزارة الدفاع القطرية، وكل من شركتي 'م كي إي' و'أسفات' المملوكتين لوزارة الدفاع التركية، بهدف تعزيز التعاون في مجالات تكنولوجيا الدفاع والتصنيع العسكري وتبادل الخبرات في هذا القطاع الحيوي.
كما يعد من أبرز أوجه التعاون العسكري بين البلدين الاتفاقية العسكرية الشاملة التي أبرمت عام 2014، وتهدف إلى تعزيز الشراكة الدفاعية وتطوير التنسيق الميداني.
وأنشئت بموجبها آلية مشتركة للتعاون تشمل مجالات التدريب العسكري، والصناعات الدفاعية، والمناورات المشتركة، وتمركز القوات المتبادل، بما يعكس عمق الثقة الاستراتيجية والتكامل الدفاعي بين الدوحة وأنقرة.
أعمدة التوازن الإقليمي
ويؤكد مراقبون أن العلاقات القطرية – التركية شهدت تطوراً ملموساً خلال السنوات الماضية، نتيجة التقارب في الرؤى والمواقف السياسية تجاه قضايا المنطقة، إلى جانب حرص البلدين على مواصلة تعزيز علاقاتهما الوطيدة في مختلف المجالات، بما يعكس إرادة مشتركة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية وتوسيع آفاق التعاون الثنائي.
ووصف خبير العلاقات السياسية والدولية المستشار د. أحمد محمد غيث الكواري، اجتماعات الدورة 11 للجنة الاستراتيجية العليا بين قطر وتركيا بأنها غير مسبوقة في مسار العلاقات بين البلدين، موضحاً أن 'هذه المرحلة تقوم على التكامل لا التقاطع، وتعكس تقدماً سياسياً واستراتيجياً لافتاً'.
وأوضح الكواري، في تصريح لـ'الخليج أونلاين'، أن 'الشراكة القطرية التركية لم تعد قائمة على المصالح الظرفية أو العلاقات الشخصية بين القيادتين فحسب، بل تحولت إلى تحالف استراتيجي مؤسسي تتقاطع فيه الرؤية السياسية مع الأهداف الاقتصادية والأمنية المشتركة'، مضيفاً:
- استمرار التنسيق على أعلى المستويات يمثل رسالة واضحة بأن المحور القطري التركي أصبح أحد أعمدة التوازن الإقليمي في الشرق الأوسط.
- في ظل الاستقطابات الحادة التي تشهدها المنطقة، تبرز الدوحة وأنقرة كنموذجين لدول تمارس الدبلوماسية الإيجابية وتدير تحالفاتها بمنطق التكامل الاستراتيجي لا الاصطفاف السياسي.
- اجتماعات قادة البلدين تحمل دلالات سياسية مهمة، إذ تؤكد أن قطر وتركيا لا تتعاملان بردود الفعل، بل تعملان وفق رؤية مستقبلية قائمة على الاستقرار والاحترام المتبادل والسيادة المتكافئة.
- مذكرات التفاهم التي تم توقيعها خلال زيارة أردوغان إلى قطر تمثل نقلة نوعية من التعاون السياسي إلى الشراكة العملياتية، ففي ظل التحولات الجيوسياسية المتسارعة لا يكفي التنسيق السياسي ما لم يترجم إلى أدوات تنفيذية ملموسة.
- الاتفاقيات الموقعة في مجالات الدفاع والصناعات العسكرية تؤكد سعي البلدين إلى توطين القدرات الدفاعية وتبادل الخبرات الميدانية، وهو ما يمنح الطرفين استقلالية أكبر في قرارات الأمن القومي.
- التعاون في مجال التخطيط الاستراتيجي يضيف بعداً جديداً للعلاقات الثنائية، إذ ينقلها من مرحلة التنسيق اللحظي إلى بناء استراتيجيات مشتركة طويلة المدى تقوم على التنمية والحوكمة وإدارة المخاطر واستشراف السيناريوهات المستقبلية.
- هذه المذكرات لا تعزز فقط القدرات العسكرية والاقتصادية، بل تعيد تعريف مفهوم الشراكة في المنطقة، منتقلة من تحالف دفاعي إلى شراكة تنموية شاملة.
- توقيت زيادة الرئيس التركي بالغ الحساسية، حيث تأتي فيما يعيشالشرق الأوسط مرحلة إعادة تشكيل لموازين القوى، خصوصاً بعد التطورات الدراماتيكية في فلسطين.
- القمة القطرية التركية تمثل تحالف توازن وعقلانية، في مواجهة لغة التصعيد والعنف التي تشهدها المنطقة.
- الدوحة وأنقرة تمسكان بملف الوساطة السياسية في عدد من القضايا المعقدة، وتتحركان برؤية أخلاقية وإنسانية.
- القضية الفلسطينية كانت وما زالت معيار المصداقية السياسية في العالمين العربي والإسلامي، وموقف البلدين منها يعكس توازناً بين دعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني والحفاظ على الاستقرار الإقليمي والالتزام بالقانون الدولي.
- الشراكة القطرية التركية ليست مجرد حدث ثنائي، بل رسالة إلى العالم بأن هناك نموذجاً عربياً إسلامياً قادراً على إدارة الأزمات بمنطق الحوار والواقعية والمسؤولية، بعيداً عن منطق المحاور والمواجهة.























