اخبار قطر
موقع كل يوم -الخليج أونلاين
نشر بتاريخ: ٢٧ تموز ٢٠٢٥
عمر محمود – الدوحة – الخليج أونلاين
رجل الأعمال القطري أحمدالكواري: قطر تسعى لتكريس مكانتها كمركز عالمي في النقل الجوي.
الخبير السياحي أيمن القدوة: تعاون قطر ومصر نموذج عملي وعلمي يمكن تكراره في دول المنطقة.
في خطوة تعكس المستوى الفني المتقدم لدولة قطر في مجال الطيران المدني، بدأت الهيئة العامة للطيران المدني تنفيذ المرحلة الثانية من مبادرة تقصير المسارات الجوية داخل الأجواء المصرية، في إطار شراكة استراتيجية تهدف إلى تعزيز كفاءة الملاحة الجوية في المنطقة.
وتسعى قطر، من خلال هذه المبادرة التي تعد الأولى من نوعها، إلى تعزيز التعاون الإقليمي والدولي في مجال إدارة الأجواء، وتحسين كفاءة الحركة الجوية، وتقليص زمن الرحلات، بما يحقق فوائد اقتصادية وبيئية ملموسة، وفي مقدمتها خفض استهلاك الوقود والانبعاثات الكربونية.
وتوفر المبادرة فوائد مزدوجة لدول عدة، مثل قطر والهند ودول جنوب شرق آسيا، من خلال اختصار الطرق الجوية العابرة فوق الأجواء المصرية، مما يسهم في تحقيق وفورات كبيرة في استهلاك الوقود وتقليل التكاليف التشغيلية للرحلات طويلة المدى.
تفاصيل المبادرة
وكانت المرحلة الأولى من المبادرة، التي تم تنفيذها في عام 2023، قد أسفرت عن نتائج إيجابية على المستوى الوطني لقطر، حيث سجلت الخطوط الجوية القطرية وفورات تشغيلية سنوية تقدر بنحو8.67 ملايين دولار أمريكي، نتيجة تقليل استهلاك الوقود، كما تم تقليص انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنحو 17.28 مليون كيلوغرام سنوياً.
أما المرحلة الثانية، التي انطلقت في21 يوليو 2025، فتتضمن إعادة تخطيط المجال الجوي المصري وتعديل عدد من المسارات في إقليم القاهرة لمعلومات الطيران، إلى جانب استحداث برنامج تدريبي متقدم يستهدف المراقبين الجويين المصريين لتأهيلهم على نظام 'الطيران الحر'، والذي يتيح للطائرات التحليق في مسارات أكثر مباشرة وفعالية، مما يعزز كفاءة التشغيل ويقلص زمن الرحلات.
وقد لاقت المبادرة ردود فعل إيجابية واسعة من مختلف الجهات المعنية بصناعة الطيران على المستويين الإقليمي والدولي، نظراً لما تحققه من تحسينات ملموسة في كفاءة المجال الجوي بمنطقة الشرق الأوسط، ومواءمتها مع التوجهات العالمية الرامية إلى تقليل الانبعاثات وتحقيق الاستدامة في قطاع الطيران.
الدور الإقليمي القطري
رجل الأعمال القطري أحمد بن غيث الكواري أكد أن إطلاق المرحلة الثانية من مبادرة تقصير المسارات الجوية داخل الأجواء المصرية، يعكس عمق علاقات البلدين التي شهدت تطوراً ملحوظاً في الفترة الأخيرة، خصوصاً على صعيد الاستثمار والتعاون الفني والمشاورات الاستراتيجية بين البلدين.
وأضاف الكواري في حديثه لـ'الخليج أونلاين': 'تكمن أهمية هذه المرحلة في عدة جوانب، أبرزها تقليل وقت الرحلات وتكلفة التشغيل، وهو ما يعود بالنفع المباشر على شركات الطيران، مثل الخطوط الجوية القطرية، التي كانت في السابق تضطر إلى اتباع مسارات أطول بسبب تحديات جغرافية أو سياسية'.
وأكد أن هذه المبادرة تعزز من الدور الإقليمي لقطر في الملاحة الجوية، مشيراً إلى أنها تسعى لتكريس مكانتها كمركز عالمي في النقل الجوي من خلال مطار حمد الدولي وشركة الخطوط الجوية القطرية.
واستطرد قائلاً: 'مساهمة قطر في تحسين الملاحة الجوية بأجواء دول شقيقة مثل مصر تضعها في مقدمة الدول الرائدة تقنياً ومهنياً في هذا المجال'.
ويشير إلى أن هذا التعاون سيسهم في تسهيل حركة الطيران ودعم تدفق الاستثمارات والسياحة، لا سيما في ظل التطور الجاري في البنية التحتية للمطارات المصرية، مثل مشروع تطوير مبنى الركاب رقم 4 في مطار القاهرة بالتعاون مع شركة صينية.
ويتابع الكواري: 'من المهم أن يكون هناك مجال جوي يتماشى مع هذا التوسع، خاصة مع التوقعات بزيادة عدد المسافرين بأكثر من 60 ألف سنوياً على الرقم الحالي، وتحسين كفاءة المجال الجوي الإقليمي سيسهم في دعم هذه التطلعات'.
واختتم حديثه بالتأكيد على أن قطر عضو نشط في المنظمات الدولية المعنية بالطيران المدني، وتسعى باستمرار إلى تطوير قدرات الملاحة الجوية في المنطقة.
التنمية المستدامة
من جانبه يرى الخبير السياحي أيمن القدوة، أن المبادرة القطرية لتطوير وتقصير المسارات الجوية داخل الأجواء المصرية تعكس الدور الريادي الفني والتقني للدوحة في مجال الملاحة الجوية، وخصوصاً في دعم البنية التحتية للدول الشقيقة.
وأوضح القدوة في حديث لـ'الخليج أونلاين': 'لا يقتصر هذا الدور على تقديم الاستشارات أو المبادرات النظرية، بل يمتد إلى تصميم حلول تقنية متقدمة وتوفير برامج تدريبية للكفاءات المحلية، كما هو الحال في تدريب المراقبين الجويين المصريين على نظام الطيران الحر (FRA)، ما يعكس عمق الشراكة الفنية بين الدوحة والقاهرة'.
ويؤكد أن هذه المبادرة تمثل نموذجاً متقدماً للتعاون الإقليمي البناء، حيث توظف قطر خبراتها وخططها التطويرية في خدمة تحسين إدارة الأجواء في دولة مجاورة، بما يحقق فوائد تشغيلية وبيئية مشتركة.
ولفت القدوة، إلى أن 'هذه الفلسفة التشاركية التي تنتهجها قطر، والقائمة على التكامل بدل التنافس، لطالما كانت ركيزة من ركائز سياستها الإقليمية والدولية'.
وعن أثر المبادرة على الإقليم، يبيّن القدوة أن هذه الخطوة 'تظهر قدرة قطر على تحسين كفاءة وسلامة الحركة الجوية في منطقة الشرق الأوسط، لا سيما في ظل التحديات الأمنية والجيوسياسية المعقدة'، لافتاً إلى أنه من خلال تقليص زمن الرحلات وتخفيف الضغط على المسارات التقليدية، ترتفع الطاقة الاستيعابية للمجالات الجوية وتقل احتمالات الحوادث الناتجة عن التشبع التشغيلي.
ويوضح أن 'اعتماد نظام (FRA) وإعادة تصميم المسارات يعدان خطوة ذكية واستباقية تعزز التنسيق الإقليمي، وتتماشى مع معايير منظمة إيكاو (ICAO) والاتحاد الدولي للنقل الجوي أياتا (IATA)، مما يعزز الثقة بكفاءة الأجواء الإقليمية'.
واختتم القدوة حديثه بالقول: 'تعاون قطر ومصر في هذا المجال لا يمثل فقط نجاحاً تقنياً مشتركاً وحسب، بل هو نموذج عملي وعلمي يمكن تكراره في دول أخرى، بما يعزز تكامل الأجواء الإقليمية ويخدم أهداف التنمية المستدامة والنقل السياحي والاستثماري في المنطقة'.