اخبار قطر
موقع كل يوم -الخليج أونلاين
نشر بتاريخ: ١٧ حزيران ٢٠٢٥
يوسف حمود - الخليج أونلاين
- طهران أوفدت رسائل غير مباشرة عبر وسطاء خليجيين.
- الاتصالات غير الرسمية لا تزال قائمة، وعمان وقطر تبذلان جهوداً متوازية لإعادة الطرفين إلى مسار الحوار.
وسط أجواء إقليمية محتقنة تعود الوساطة الخليجية إلى واجهة الوساطة السياسية في أحد أكثر الملفات تعقيداً بين إيران و'إسرائيل' والولايات المتحدة، مرتبطة بالتصعيد العسكري الأخير مع 'إسرائيل' وعدم التوصل إلى اتفاق بشأن النووي الإيراني.
ففي الوقت الذي تتصاعد فيه حدة الهجمات المتبادلة بين طهران وتل أبيب، تحاول عواصم خليجية إعادة إحياء المسار الدبلوماسي، مستخدمة أدواتهما التقليدية: الحياد، والقدرة على التواصل مع الأطراف المتنازعة.
التحركات الإيرانية الأخيرة تأتي في سياق إدراك متزايد لدى طهران أن التصعيد المفتوح قد لا يصب في مصلحتها، خاصة مع اشتداد الضغوط الاقتصادية وتراجع مستوى الردع العسكري بعد الضربات الجوية الأخيرة التي طالت منشآت استراتيجية داخل إيران.
طلب إيراني
تجري دول الخليج الأخرى، وعلى رأسها السعودية، تحركات واتصالات مكثفة في محاولة لوقف التصعيد بين البلدين، والوصول إلى تهدئة قبل تفاقم الأمور، إلا أن وسائل إعلام عبرية أوردت اسم عُمان وقطر ضمن جهود الوساطة.
بحسب تقارير صحفية غربية حديثة، فإن إيران طلبت مؤخراً من كل من الدوحة ومسقط التوسط لدى الولايات المتحدة من أجل تهدئة الأوضاع العسكرية، وتهيئة مناخ ملائم لاستئناف المفاوضات النووية المتعثرة.
كما نقلت صحيفة 'جيروزاليم بوست' العبرية عن مصادرها أن طهران أوفدت رسائل غير مباشرة عبر وسطاء خليجيين، وأن الجانبين الأمريكي والإيراني كانا يستعدان لجولة محادثات في سلطنة عُمان قبيل إلغائها بسبب التطورات الأخيرة.
ودون الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على منصة 'تروث سوشيال'، يوم الأحد (15 يونيو)، قائلاً: 'بإمكاننا التوصل بسهولة إلى اتفاق بين إيران وإسرائيل وإنهاء هذا الصراع الدموي'.
وكان من المقرر أن تستضيف مسقط الجولة السادسة من المحادثات النووية غير المباشرة بين واشنطن وطهران منتصف يونيو، لكن التصعيد العسكري الإسرائيلي دفع الجانب الإيراني إلى تأجيل المشاركة، بحسب ما أكده وزير الخارجية العُماني بدر البوسعيدي في تصريحات نقلتها وكالة 'رويترز'.
ورغم إلغاء الجولة، أوضحت مصادر دبلوماسية أن الاتصالات غير الرسمية لا تزال قائمة، وأن عُمان وقطر تبذلان جهوداً متوازية لإعادة الطرفين إلى مسار الحوار.
وقال مسؤول أمريكي كبير للوكالة: 'نحن ملتزمون بالمفاوضات ونأمل أن يجلس الإيرانيون إلى طاولة الحوار قريباً'.
اتصالات مكثفة
في الـ14 من يونيو أجرى أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، اتصالاً هاتفياً مع الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، حيث دان أمير قطر الهجوم الإسرائيلي، وشدد على 'ضرورة خفض كافة أشكال التصعيد، والتوصل إلى حلول دبلوماسية، بما يحقق السلام الدائم والشامل في المنطقة'.
وقبلها بيوم أبلغ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، خلال اتصال هاتفي، أمير قطر استعداده للمشاركة في مساع لحل الأزمة بين 'إسرائيل' وإيران، في ظل الاشتباكات المتبادلة بينهما.
وذكر بيان للديوان الأميري أن أمير قطر بحث مع ترامب 'آخر التطورات ومستجدات الأوضاع في المنطقة، لا سيما ما يتعلق بالهجوم الإسرائيلي على الأراضي الإيرانية'، وشدد الشيخ تميم على 'ضرورة العمل على خفض التصعيد، والتوصل إلى حلول دبلوماسية'.
وأفادت وزارة الخارجية القطرية بأن رئيس الوزراء الشيخ محمد بن عبد الرحمن أجرى اتصالاً هاتفياً مع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، بحثا خلاله آخر المستجدات في المنطقة، وعلى رأسها الهجوم الإسرائيلي، إضافة إلى سبل احتواء التصعيد وضمان عدم انزلاق الأوضاع نحو مزيد من التوتر.
وأجرى المسؤول القطري اتصالات منفصلة مع وزراء خارجية السعودية، ومصر، والأردن، وسلطنة عمان، تناولت تطورات المشهد الإقليمي بعد الهجوم، وآفاق التنسيق المشترك في ظل التحديات الأمنية المتصاعدة، تبعتها اتصالات مشابهة مع وزراء خارجية الإمارات وبريطانيا وإسبانيا وإيطاليا وكندا واليونان، منذ بدء الهجوم على إيران في 13 يونيو.
بدوره كان لسلطان عُمان اتصالات ضمن مساعي تهدئة الأزمة، كان أهمها مع الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (16 يونيو)، أكد خلاله السلطان هيثم بن طارق أهمية التهدئة والعودة للمفاوضات والحوار والتفاهم، لإيقاف شبح الصراع الدائر وتداعياته الكارثية.
كما بحث التصعيد العسكري بين 'إسرائيل' وإيران، وتبادل وجهات النظر حول سبل التهدئة وخفض التوتر بما يحفظ أمن الدول واستقرار شعوبها، خلال اتصالين هاتفيين منفصلين من كل من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والمستشار الألماني فريدريش ميرتس، يوم الأحد 15 يونيو.
وأعلنت وكالة الأنباء العمانية، الاثنين (16 يونيو)، أن السلطنة شهدت نشاطاً دبلوماسياً مكثفاً، في محاولة لحشد الجهود الدولية لوقف التصعيد المتزايد في المنطقة، في أعقاب تصاعد الحرب بين 'إسرائيل' وإيران.
بدوره، أجرى وزير الخارجية العُماني اتصالات هاتفية مكثفة مع عدد من وزراء خارجية الدول، 'بهدف حشد الضغط السياسي والقانوني، ودفع الجهود الدولية لوقف الهجمات على إيران والتصدي لانتهاكات القانون الدولي'، وناقش هذا الملف مع وزير خارجية ألمانيا في مسقط، وفق الوكالة.
تدخلات إقليمية
يقول الدكتور عايد المناع، الأكاديمي والباحث السياسي، في تصريحٍ لـ'الخليج أونلاين'، إن 'الحرب القائمة قد تستغرق عدة أيام وربما تمتد، لكن من المؤكد أن هناك تدخلات إقليمية للضغط على إسرائيل من أجل وقف هجماتها، وفي الوقت ذاته لحث إيران على التهدئة في حال توقف القصف الإسرائيلي'.
وأضاف أن 'دولاً مثل قطر وسلطنة عُمان، وبالتأكيد السعودية، في طليعة الدول المضطلعة بهذه الجهود'، مشيراً إلى أن الاتصال الذي أجراه أمير دولة الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يأتي في هذا السياق، وقد تضمّن إدانة للهجوم الإسرائيلي ودعوةً إلى وقف التصعيد واللجوء إلى الحلول السلمية.
وأوضح المناع أن 'تصريحات الرئيس الأمريكي حول عزمه وقف الحرب بين الطرفين، كما فعل سابقاً مع باكستان والهند، تُشير إلى أن هناك تحركات مكثفة تجري لاحتواء هذا الجنون الإسرائيلي الذي بدأ العدوان على إيران'.
وتابع: 'رغم اختلافنا مع السياسة الإيرانية التي لا تُريح دول الإقليم، فينبغي ألا نفرح بما تتعرض له إيران، خاصة حين يأتي ذلك من طرف يحتل أراضي دول عربية مثل فلسطين وسوريا'.
وختم بالقول: 'في هذه الحالة، إيران تدافع عن نفسها، ومن الواجب على الأقل مساندتها سياسياً، إن لم يكن عسكرياً، في مواجهة هذا العدوان'.
عرض الوساطة
في مقال للكاتبة دنيا ظافر، في منتدى الخليج الدولي،أشارت إلى أن دول الخليج، ومن ضمنها قطر وعُمان، 'باتت أكثر حرصاً على النأي بنفسها عن الصراعات الإقليمية الكبرى، متبنية خطاباً واضحاً مفاده: ليست حربنا، ولا يجب أن تقع على أرضنا'.
ووفق الكاتبة، يُظهر هذا التوجه 'رغبة خليجية متزايدة في الحفاظ على الاستقرار الداخلي، ورفض تحويل أراضيها إلى ساحات مواجهة بين أطراف خارجية'.
وتوقعت حدوث موجة جديدة من 'الدبلوماسية الخلفية' بين عواصم الخليج، وطهران، وواشنطن، بهدف تخفيف التوترات الإقليمية المتصاعدة.
كما توقعت أن تعرض دول مجلس التعاون الخليجي، وخاصة سلطنة عُمان وقطر، وساطتها بين الأطراف المتحاربة، مستفيدة من تاريخها الطويل في التهدئة الإقليمية، ومن رغبتها في تجنيب المنطقة تبعات الصراع المباشر.
دور محوري سابق
تاريخياً، لعبت سلطنة عُمان دوراً محورياً في التمهيد للاتفاق النووي الإيراني عام 2015، عبر استضافتها لقاءات سرية بين الجانبين الأمريكي والإيراني في عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما.
وقد احتفظت مسقط بعلاقات وثيقة مع طهران، كما حافظت على قنوات اتصال مفتوحة مع واشنطن، ما جعلها طرفاً موثوقاً به في مثل هذه النزاعات، واستمر هذا الدور خلال الأعوام اللاحقة، حيث استضافت عمان جولات محادثات عدة في 2021 و2022 و2025 والتي كانت آخرها ستعقد الـ15 من يونيو الجاري قبل أن تلغى.
أما قطر، فقد برزت خلال العقد الماضي كوسيط دبلوماسي في عدد من الأزمات الإقليمية والدولية، حيث لعبت دوراً مهماً في صفقات تبادل السجناء بين واشنطن وطهران، كما حدث في سبتمبر 2023، حين ساعدت الدوحة في إطلاق سراح خمسة أمريكيين مقابل تحرير أرصدة مالية إيرانية مجمدة.
ولا تنفصل هذه الوساطات عن سياسة خارجية تتبناها الدوحة تقوم على الانخراط الفاعل في ملفات حساسة، مع الحفاظ على خطوط تواصل مع جميع الأطراف، ومن بينهم خصومها، وهو ما جعل قطر تحظى بثقة نسبية لدى كل من الولايات المتحدة وإيران في وقت واحد، وهو أمر نادر في منطقة تزداد فيها الاستقطابات الحادة.
ولعل ذلك قد تجلى في منتصف مايو الماضي، حينما قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إن إيران 'محظوظة بأن يكون في قطر أمير يكافح من أجل عدم توجيه ضربه لهم'، مشيراً إلى أنه يجب على طهران شكر أمير قطر 'شكراً عظيماً، فآخرون يودون أن توجه الولايات المتحدة ضربة قاسية لإيران على عكس قطر'.