ما هي خيارات قطر لمحاسبة "إسرائيل" دولياً على قصف مقرها بغزة؟

يوسف حمود - الخليج أونلاين

ما الذي أكدته قطر؟

أنها تدرس الخطوات كافة للرد على استهداف الاحتلال الإسرائيلي مقر اللجنة القطرية.

متى قصفت 'إسرائيل' مقر اللجنة؟

في 13 نوفمبر 2023.

متى تأسست اللجنة القطرية؟

في عام 2012.

يمضي الاحتلال الإسرائيلي في حربه على غزة، ملقياً ذخائره على سكان القطاع الفلسطيني المحاصر. ومع أهوال القصف ومشاهد الدم والدمار التي يخلفها يخنق الاحتلال أي فسحة آمنة يحتمي فيها الفلسطينيون من القصف، ويستهدف المستشفيات والمنشآت المختلفة بما فيها الدولية.

ولم يستثنِ الاحتلال الإسرائيلي أي منشأة دولية، حيث استهدف مقر اللجنة القطرية لإعادة إعمار القطاع، وكان ضمن سلسلة الاستهدافات الإسرائيلية، متجاهلاً القوانين والأعراف الدولية، وغير مبالٍ بأي عقوبات دولية، وسط تواطؤ دولي مع جرائمه.

لكن الاستهداف الذي تعرض له مقر اللجنة القطرية لن يمر مرور الكرام، فقد توعدت الدوحة بمحاسبة 'إسرائيل' على ما قامت به، وهو ما يطرح تساؤلات حول الخيارات القطرية المتاحة لها.

وعيد قطري

بينما كانت قطر تقود حراكاً دبلوماسياً وتعمل بكامل طاقتها بتنفيذ وساطة بين دولة الاحتلال الإسرائيلي وحركة 'حماس' لتبادل أسرى ومحتجزين، قصفت 'إسرائيل' مقر اللجنة القطرية لإعادة إعمار غزة (13 نوفمبر 2023).

وعلى ضوء ذلك القصف أكدت الدوحة أنها تدرس الخطوات كافة للرد على استهداف الاحتلال الإسرائيلي مقر اللجنة؛ 'حتى لا يمر الأمر دون رد وعقاب'.

وشدد المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري، (14 نوفمبر)، على أنه 'لن يتم السكوت عن التصعيد الخطير الذي تمارسه سلطات الاحتلال'، معتبراً 'استهداف مقر اللجنة القطرية لإعادة إعمار غزة امتداداً لعمليات الاحتلال واستهدافه المدنيين في القطاع'.

وأوضح المتحدث القطري في الإحاطة الأسبوعية أن 'اللجنة القطرية لإعادة إعمار غزة كانت تسعى لدعم- ولو بالقليل- سكان القطاع، وكانت تمنحهم بصيص أمل، لما نفذته من مشاريع دعماً للشعب الفلسطيني'.

ولفت إلى أن 'قصف اللجنة القطرية لإعادة إعمار غزة كان محاولة من سلطات الاحتلال لنقل رسالة للشعب الفلسطيني'، مشدداً على 'أن الأمر كان واضحاً أن هناك من يستهدف بقاءه في المكان'.

وأشار الأنصاري إلى أن 'لجنة الإعمار تقوم بإدارة المنحة المقدمة من الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير قطر السابق، وتقدر بنحو نصف مليار دولار'، لافتاً إلى أنها 'تجسد التزام الدوحة بمد يد العون لسكان القطاع المحاصرين'.

مبررات للقصف

ولعل تصريحات الأنصاري حول ما كانت تقوم به اللجنة القطرية، تأتي رداً على المبررات التي طرحها جيش الاحتلال قبل قصفه لمقر اللجنة، حينما عرض المتحدث باسم الاحتلال الإسرائيلي، دانيال هاغاري، فيديو، في 5 نوفمبر الجاري، أظهر فتحات أرضية في مستشفى حمد للتأهيل والأطراف الصناعية في غزة، وزعم أنها أنفاق لقواعد حركة 'حماس'، مضيفاً أن الحركة استخدمت المستشفى لتنفيذ اشتباكاتها.

وكانت قطر استنكرت حينها تلك المزاعم، على لسان رئيس اللجنة القطرية لإعادة إعمار غزة السفير محمد العمادي، معتبرة تلك المزاعم 'محاولة مفضوحة لتبرير استهداف الاحتلال للأعيان المدنية، بما في ذلك المستشفيات والمدارس وتجمعات السكان وملاجئ إيواء النازحين'.

وعقب ذلك، كشف تحليل رقمي حقيقة مزاعم الاحتلال الإسرائيلي، حيث ذكرت منصة 'إيكاد' أنه استناداً إلى صور قديمة للمستشفى اتضح وجود فتحتين كانتا ظاهرتين في ساحة المستشفى أمام الجميع، كما ظهرتا كذلك على صور الأقمار الصناعية للمستشفى، معتبرة ذلك نفياً لما يدعيه الاحتلال.

وتقول المنصة إنها حصلت على مخطط البناء الأساسي للمستشفى، والذي اتضح أن الساحة رُسم فيها شكل الفتحتين منذ بدء التصميم.

كما نشرت فيديو قالت إن شركة 'سقا وخضري' للمقاولات في غزة، التي قامت ببناء المستشفى، نشرته سابقاً، يوثق مراحل البناء، والتي تشير إلى موقع الفتحتين اللتين زعم الاحتلال أن إحداهما نفق لحماس، مؤكدة أنه 'تمت إحاطتها وتغطيتها بسقف خراساني، فيما يُشبه الخزان الأرضي'.

وحول ذلك أشارت إلى أنها عثرت في موقع 'ASPR TRACIE' التابع لوزارة الصحة والخدمات الإنسانية الأمريكية على تقرير تحدث عن أن المستشفيات قد تلجأ لبناء الخزانات الأرضية لتخزين المياه.

استراتيجية إسرائيلية

يرى المحلل السياسي محمود علوش أن استهداف مقر اللجنة القطرية 'هو جزء من الاستراتيجية الإسرائيلية لاستهداف كل شيء في قطاع غزة؛ من المستشفيات والمدارس والمؤسسات'.

وأوضح، في حديثه لـ'الخليج أونلاين'، أن هدف الاحتلال لتحويل قطاع غزة إلى مدينة غير قابل للحياة في المستقبل، ودفع القطاع إلى تفريغه من سكانه.

وأضاف: 'هذا جزء أساسي من الأهداف الكبرى لـ'إسرائيل' في هذه الحرب والتي تستمر حتى اليوم'.

ويرى أن أي تحرك قطري ربما يواجه 'عجزاً في القانون الدولي من التعامل مع الجرائم الإسرائيلية المرتكبة ضد فلسطين'، مضيفاً: 'منذ قيام دولة الاحتلال وحتى اليوم هناك عجز واضح في المحاكمة والقوانين الدولية في التعاطي مع الجرائم الإسرائيلية'.

وعلى الرغم من أنه يرى أن استهداف اللجنة ربما يؤثر سلبياً في الجهود القطرية فيما يتعلق بالتوصل إلى صفقة لتبادل الأسرى والرهائن، فإنه في الوقت ذاته يؤكد أن الدور القطري 'يبقى كبيراً ومهماً لأمريكا و'إسرائيل' فيما يتعلق بالتوصل إلى ترتيبات معينة تؤدي إلى الإفراج عن الأسرى ووقف إطلاق النار وإنهاء هذه الحرب في المستقبل'.

لكنه يعتقد أنه رغم ذلك 'لا يمنع أن يكون هناك رأي عام سياسي وحقوقي على مستوى واسع يسلط الضوء على هذه الجرائم الإسرائيلية والحاجة لإدانتها'، مؤكداً أن أي تحرك ضد الاحتلال دولياً 'يعمل على تشكيل رأي عام مهم على المستوى الدولي لإدانتها على هذه الجرائم'.

وفي المقابل يؤكد أنه 'من المهم أن تُظهر دول المنطقة، خصوصاً التي لديها علاقات مباشرة وغير مباشرة مع 'إسرائيل'، الرفض الصريح لما ترتكبه من جرائم في قطاع غزة، وتحذيرها من أن استمرار الحرب قد يكون له تأثير كبير على علاقتها في المنطقة'.

قطر بين الإغاثة والوساطة

ومنذ سنوات تؤدي قطر دوراً هاماً في إغاثة قطاع غزة، والعمل كوسيط خلال حروبٍ سابقة، تمكنت خلالها من إيقاف عدة حروب إسرائيلية على القطاع.

ولجنة إعادة إعمار غزة التي قصف مقرها، هي لجنة منبثقة عن وزارة الخارجية القطرية، أسست في شهر أكتوبر من عام 2012 خلال زيارة أمير قطر السابق الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني لغزة، ويديرها السفير محمد العمادي.

نفذت اللجنة سلسلة من المشاريع في مجالات الإسكان والأبنية والطرق والبنية التحتية والصحة والزراعة، وغيرها من القطاعات؛ كما أنها تشرف على توزيع المنحة القطرية الشهرية لأسر قطاع غزة.

كما تقوم بإدارة وتنفيذ المنحة القطرية التي تبلغ قيمتها 407 ملايين دولار أمريكي، إضافة إلى منح قطرية أخرى.

وأشرفت اللجنة على مئات المشاريع الإنسانية ضمن خطط متكاملة، لتوفير وتلبية احتياجات سكان غزة في مختلف المجالات.

وحالياً تضطلع قطر، نظراً لعلاقاتها الجيّدة مع الولايات المتحدة الأمريكية، ومع حركة' حماس' الفلسطينية، بدور أساسي في الجهود الرامية إلى الإفراج عن الأسرى المحتجزين لدى حركة المقاومة الإسلامية (حماس) منذ عملية 'طوفان الأقصى' التي شنتّها على 'إسرائيل' في 7 أكتوبر 2023.

ويمكن القول إن الوساطة التي تقوم بها الدوحة حالياً لحل أزمة الأسرى ووقف العدوان على غزة هي الأصعب على الإطلاق، مقارنة بالحروب السابقة التي استطاعت في إيقافها بشكل أسرع من الحرب الحالية.