هل يمهد اتفاق تبادل السجناء الأمريكي الإيراني لإحياء "الملف النووي"؟

كامل جميل - الخليج أونلاين

مراقبون: الحديث عن إحياء ملف المفاوضات النووية ما زال باكراً لوجود العديد من الحسابات الإقليمية والدولية.

يدفع توصل طهران وواشنطن إلى اتفاق لإطلاق سراح محتجزين والإفراج عن أموال إيرانية، الآمال للذهاب إلى نقطة أبعد من ذلك قد تصل إلى إحياء الاتفاق حول الملف النووي الإيراني؛ بما يساهم في زيادة الاستقرار الأمني بالمنطقة.

واشنطن وطهران أبرمتا اتفاقاً يقضي بالإفراج عن مليارات الدولارات المجمدة لصالح إيران مقابل تبادل للسجناء بين البلدين، على أن تنقل الأموال إلى حسابات في قطر، بحسب ما ذكرت وزارة الخارجية الإيرانية في بيان يوم 10 أغسطس 2023.

البيان قال إنه تم البدء بالإفراج عن مليارات الدولارات من أموال طهران، مشدداً على أن إيران حصلت على الضمانات الكافية لتنفيذ واشنطن التزاماتها في الاتفاق، وأن السجناء الذين تطالب الولايات المتحدة بالإفراج عنهم ضمن الصفقة لا يزالون في إيران.

وكالة الأنباء الإيرانية ذكرت أنه بدأ الإفراج عن جزء من أموال طهران المجمدة في أحد البنوك الأوروبية، مشيرة إلى أن الاتفاق مع واشنطن يشمل الإفراج عن 10 مليارات دولار في كوريا الجنوبية والعراق.

وأوضحت أنه سيتم الإفراج عن أموال إيرانية من بنك التجارة العراقي ضمن الصفقة مع واشنطن، وستنقل الأموال المجمدة من كوريا الجنوبية إلى سويسرا قبل تحويلها إلى قطر.

وحسب وكالة الأنباء الإيرانية، فإن الاتفاق مع واشنطن يشمل الإفراج عن 5 سجناء من كل طرف.

الوكالة نقلت عن 'مصدر مطلع' لم تكشف عنه، بأنه 'وفقاً لهذا الاتفاق، لن يتم الافراج عن السجناء الأمريكيين حتى يتم تحويل الأموال الإيرانية بالكامل إلى قطر'.

وأوضح أن عملية تبادل السجناء ستتم في الدوحة بعد أن تتحقق إيران من قدرتها على سحب أموالها من حساب إيراني في قطر.

من هم السجناء؟

الأمريكيون المحتجزون في إيران والمقرر الإفراج عنهم، وفق صحيفة 'نيويورك تايمز'، هم: رجلي الأعمال سياماك نمازي (51 عاماً) وعماد شرقي (58 عاماً)، بالإضافة إلى داعية حماية البيئة مراد طهباز (67 عاماً)، والذي يحمل أيضاً الجنسية البريطانية، ولا توجد تفاصيل عن الشخصيتين الأخريين لكنهما عالم ورجل أعمال.

نمازي الذي أُدين في 2016 بتهم تتعلق بالتجسس تنفيها الولايات المتحدة وتصفها بأنها لا أساس لها، محتجز منذ أكثر من سبع سنوات.

أما طهباز المحتجز منذ 2018 حُكم عليه بالسجن 10 سنوات بتهمة 'الحشد والتآمر ضد الأمن القومي الإيراني' والعمل جاسوساً لصالح الولايات المتحدة.

وأدين شرقي بالتجسس في 2020 وحُكم عليه بالسجن 10 سنوات أيضاً.

أصول هؤلاء الأمريكيين جميعهم إيرانية، لكن طهران لا تعترف بازدواجية الجنسية؛ وهو ما تستغله لاستخدام الإيرانيين من حملة الجنسية الأمريكية او جنسيات أخرى رهائن لديها.

البرنامج النووي

واشنطن إزاء ذلك لا تتوقع إفراجاً سريعاً عن السجناء في إيران، والعملية قد تستغرق أسابيع، وفق ما ذكرته شبكة 'إيه بي سي' الأمريكية نقلاً عن مصدر مطلع.

توقعات واشنطن مبنية على طريقة الإفراج والشروط الإيرانية التي تحقق ذلك، حيث نقلت شبكة 'الجزيرة الإخبارية' عن 'مصدر إيراني مطلع'، قوله إن الخطوة القادمة تتلخص في إيداع الأموال المجمدة في حسابات خاصة بدولة قطر، واصفاً إياها بالعملية المعقدة.

واشنطن تأمل أن تؤدي العملية في نهاية المطاف إلى عودة المحتجزين، وتهيئة الظروف لإحراز تقدم في المحادثات بشأن البرنامج النووي، وفق ما ذكرته صحيفة 'فاينانشال تايمز' البريطانية نقلاً عن مسؤولين أمريكيين.

وأضافت الصحيفة أن عودة السجناء إلى الولايات المتحدة يمكن أن تحدث بمجرد إفراج واشنطن عن 6 مليارات دولار من عائدات النفط الإيراني المجمدة في كوريا الجنوبية.

في حديثه لـ'الخليج أونلاين'، يصف المحلل السياسي د. فراس إلياس، الاتفاق الأخير بين إيران والولايات المتحدة بأنه 'أبرز تحول في مسار العلاقات الأمريكية الإيرانية، خصوصاً بعد توقف جولات التفاوض حول الاتفاق النووي منذ العام الماضي'.

يقول إلياس: 'مما لا شك فيه تحاول كل من الولايات المتحدة وإيران تحقيق نصر دبلوماسي يمكن توظيفه في الداخل، لا سيما أن كلا البلدين مقبل على انتخابات مصيرية في العام المقبل'.

واستطرد قائلاً: إن ذلك 'سيشكل ضغطاً كبيراً على التيار المحافظ في إيران، والديمقراطيين في الولايات المتحدة، لحسم الملفات المعقدة من أجل التفرغ للاستحقاقات الداخلية'.

ويرى المحلل السياسي أن الحديث عما إذا كان هذا الاتفاق سيمهد الطريق لعودة الطرفين للمفاوضات النووية 'ما زال باكراً'.

والسبب أن 'هذا الملف تتداخل فيه عديد من الحسابات الإقليمية والدولية، ومن ثم فإن مدى نجاح الطرفين في كسر حالة الجمود الدبلوماسي، وكذلك قدرة كل طرف على تهدئة مخاوف الحلفاء، سيسهمان في تحقيق اختراق دبلوماسي يمكن البناء عليه مستقبلاً'، بحسب إلياس.

دور قطر لافت

التطور الإيجابي الكبير الذي تحقق في مسار المباحثات الأمريكية الإيرانية، لا بد عند التطرق إليه عدم إغفال الدور الذي أدته الدبلوماسية القطرية بما ساهم في التوصل لاتفاق بين واشنطن وطهران.

ذلك الدور أكدته الولايات المتحدة، حيث قال منسق الاتصال الاستراتيجي بمجلس الأمن القومي الأمريكي جون كيربي، في تصريحات لقناة 'الجزيرة'، إن واشنطن تعبر عن امتنانها لقطر لدعمها في التوصل إلى الاتفاق.

وأضاف كيربي: 'دولة قطر كانت صديقاً مميزاً'.

بدوره كشف وزير الدولة في وزارة الخارجية القطرية محمد بن عبد العزيز الخليفي، أن بلاده كان لها دور مهم في الحوار الأمريكي الإيراني، معرباً عن أمله أن يتوج هذا المسعى باتفاق في الملف النووي.

وقال الخليفي لقناة 'الجزيرة': إن 'قطر أدت دوراً محورياً في تيسير الحوار بين أمريكا وإيران لإطلاق سراح عدد من السجناء وإنشاء قناة مصرفية تعالج عدداً من المسائل المتفق عليها بين الطرفين'، موضحاً أن  الدوحة 'تؤمن بحل الخلافات بالطرق السلمية والحوار'.

وأعرب الخليفي عن أمله أن 'يفضي اتفاق واشنطن وطهران إلى الاتفاق في الملف النووي'، لافتاً إلى أن 'الاتفاق سبقته زيارات مكثفة لمسؤولين قطريين إلى واشنطن وطهران'.