اجتماع الدوحة.. هل ينجح بوقف حظر طالبان عمل وتعليم المرأة؟

سلمى حداد - الخليج أونلاين

-       المجتمع الدولي يواصل ضغوطه على حركة طالبان للتراجع عن قرارات تتعلق بعمل وتعليم المرأة.

-       حركة طالبان ترفض الاستجابة للمطالب الدولية قبل الاعتراف بحكومتها.

-       أفغانستان بحاجة لدعم إنساني عاجل يمكن أن يسهم بتغيير موقف حكومة طالبان.

الفكرة...

يواصل المجتمع الدولي ضغوطه على حركة طالبان المسيطرة على الحكم في أفغانستان منذ أغسطس 2021، لتتراجع عن قرارات اتخذتها تتعلق بعمل وتعليم المرأة، وهو ما ترفضه الحركة في ظل عدم الاعتراف بها وتجميد الأموال العمومية لكابل بالعديد من البنوك الغربية.

وفي أحدث الخطوات لتنشيط المشاركة الدولية بالقضايا الرئيسية المتعلقة بأفغانستان، استضافت الدوحة، على مدار يومي الاثنين والثلاثاء (1-2 مايو)، اجتماعاً دولياً برئاسة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.

وشارك في الاجتماع، الذي لم تدعَ طالبان إليه، ممثلون عن 23 دولة ومنظمة بينها الولايات المتحدة والصين وروسيا، إضافة إلى دول أوروبية وقوى عربية مثل الإمارات والسعودية، وبلدان أخرى مجاورة لأفغانستان على غرار باكستان وإيران، وفق ما أعلن المتحدث باسم غوتيريش، ستيفان دوغريك.

تفاصيل أعمق.. ويرمي الاجتماع إلى بحث كيفية التعامل مع حكام أفغانستان والضغط عليهم لرفع الحظر الذي فرضوه على عمل النساء وتعليم الفتيات.

كما قالت الأمم المتحدة، في بيان: إن المحادثات تهدف أيضاً إلى 'التوصل إلى نقاط مشتركة بشأن قضايا أساسية مثل حقوق الإنسان، ومن ضمن ذلك الحكم الشامل، ومكافحة الإرهاب وتهريب المخدرات'.

وفرضت سلطات طالبان منذ أن أطاحت بالحكومة الأفغانية المدعومة من جهات أجنبية، في 2021، قوانين صارمة تتعلق بحقوق المرأة، فالنساء تُمنع من الذهاب إلى معظم المدارس الثانوية والجامعات، وتُمنع كذلك من العمل في كثير من الوظائف الحكومية، وفي وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية.

الموقف الآخر.. ممثل طالبان لدى الأمم المتحدة محمد سهيل شاهين، قال إن أي اجتماع بشأن أفغانستان بدون مشاركة حكومة تصريف الأعمال الأفغانية الحالية 'لن يساعد في حل المشكلات بل يعقدها'.

وجاءت تصريحات شاهين، في 30 أبريل الماضي، لوكالة أنباء 'شينخوا' الصينية، قبل يومين على انطلاق الاجتماع الأممي.

وقال المسؤول في طالبان: 'أي لقاء بخصوص أفغانستان بدون مشاركة وفد من الحكومة الأفغانية الحالية هو غير مثمر ولا يساعد في حل المشكلات بل يعقدها'.

وأضاف أن من حق حكومة تصريف الأعمال الأفغانية أن يسمع صوتها في الاجتماعات والمنتديات المتعلقة بحل القضايا ذات الصلة في أفغانستان.

وتابع يقول: 'في مثل هذه الاجتماعات بينما نحن نسمع أصواتهم يجب أيضاً أن يسمعوا صوتنا، ولهذا السبب فإن وجودنا ضروري'.

وعند سؤاله عما إذا كانت حكومة طالبان مستعدة لأي تسوية في حال عرض المجتمع الدولي الاعتراف بها مقابل تغيير طريقتها في الحكم أو في القضايا المتعلقة بعمل النساء وغيرها من المسائل الخلافية، أجاب أنه 'في البداية من الضروري أن تظل جميع الأطراف منخرطة مع الحكومة الأفغانية الحالية لفهم القضايا وإدراك كيفية المضي قدماً'.

أين العقدة؟.. ويربط المجتمع الدولي الاعتراف بطالبان والإفراج عن المساعدات الإنسانية والمالية التي تعتبر حيوية لدعم الأفغان العالقين في براثن الفقر، باحترام الحركة لحقوق الإنسان، وخصوصاً حقوق النساء في الدراسة والعمل.

وإقامة علاقات رسمية مع حكومة طالبان ستساعدها في المطالبة بأصول أفغانية تبلغ قيمتها مليارات الدولارات مجمّدة في الخارج منذ عودة الحركة إلى الحكم.

وفي 17 أبريل الماضي، قالت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة أمينة محمد خلال اجتماع في جامعة برينستون: إن 'سلطات طالبان تريد أن يتم الاعتراف بها'.

وأضافت أن 'إقامة علاقات رسمية مع الأمم المتحدة ستساعد الحكومة على استعادة مليارات الدولارات من الأموال التي تمت مصادرتها في الخارج بعد أن استولت الحركة على السلطة'.

لكن دبلوماسيين من دول عدة مشاركة في محادثات الدوحة قالوا إن هذا لن يكون ممكناً ما لم يحصل تغيير حول حقوق النساء.

هل يمكن أن تنجح الضغوط؟.. حسن الدعجه، أستاذ الدراسة الاستراتيجية ومستشار معهد 'الحزام والطريق' في جامعة بكين، يقول: إن 'السلطة القائمة في أفغانستان المتمثلة بحركة طالبان تمنع عمل المرأة بسبب الضغط الذي تفرضه عليها طبيعة الحركات المتطرفة مثل داعش الموجودة في الدولة'.

ويضيف الدعجه في حديثه لـ'الخليج أونلاين': 'طالبان تحاول التوازن بين ما تطلبه الجماعات المتطرفة من جهة، وبين بقائها بالسلطة من جهة أخرى ومحاولة إرضاء الأطراف الدولية المختلفة التي تعترض على منع عمل وتعليم المرأة'.

ويتابع: 'الحركة لم تعترف بها دول العالم بعد، وهذا يمنعها من الحصول على الأموال الحكومية المحتجزة في البنوك الغربية والولايات المتحدة؛ لذلك هي ترفض الاستجابة لشروط المجتمع الدولي'.

ورأى أن مسألة الاعتراف بحكومة طالبان قد تفضي لانفراج تدريجي بالأوضاع الحقوقية، خاصة فيما يتعلق بعمل وتعليم المرأة.

'قد يبدأ الأمر بالسماح للمرأة الأفغانية بالعمل في المهن المرتبطة بها مثل التدريس والتمريض وغيرها، ومن ثم تتوسع تدريجياً، لكن هذه الاستجابة مرتبطة بشكل أساسي باستجابة المجتمع الدولي لمطالب طالبان'، يكمل الخبير السياسي.

ويستبعد أن تستجيب طالبان في الوقت القريب لضغوط المجتمع الدولي تجاه ملف عمل وتعليم المرأة طالما أن الدول الغربية لم تعترف بحكومتها.

ورأى أنه يمكن تسهيل تنفيذ المطالب الغربية في حال تم تقديم المساعدات والمنح المالية للشعب الأفغاني الذي هو بأمسّ الحاجة إليها حالياً؛ بسبب وضعه الإنساني الصعب.

واعتبر أن عدم دعوة طالبان للاجتماع في الدوحة 'لن يأتي بنتيجة أفضل؛ لأنه بالنتيجة يجب التواصل مع الحركة من أجل محاولة الوصول لحل وسط إنهاء الأزمة الحقوقية القائمة من جهة وتحسين الوضع الإنساني للشعب الأفغاني من جهة أخرى'.