اخبار قطر
موقع كل يوم -الخليج أونلاين
نشر بتاريخ: ١٤ حزيران ٢٠٢٥
كامل جميل - الخليج أونلاين
الخبير الاقتصادي د. محمد موسى:
- ما يشهده العالم اليوم ليس مجرد تصعيد عسكري بين 'إسرائيل' وإيران، بل هو زلزال اقتصادي أشبه بيوم 7 أكتوبر.
- استمرار الضربات المتبادلة قد يطلق سلسلة من التداعيات العنيفة على الأسواق العالمية، لا سيما أسواق الطاقة والسلع والنقل.
ضربات متبادلة، وتوتر إقليمي، وقلق عالمي؛ هكذا بدا المشهد في أعقاب العملية العسكرية التي شنتها 'إسرائيل' ضد إيران فجر الجمعة (13 يونيو الجاري)، مُفجرةً موجة من التقلّبات العنيفة في الأسواق العالمية، وسط مخاوف من استمرارها وما يترتب على ذلك من تداعيات اقتصادية.
في الساعات الأولى من صباح الجمعة، أعلنت 'إسرائيل' بدء 'عملية الأسد الصاعد'، التي تستهدف، بحسب وصف الجيش الإسرائيلي، 'إزالة التهديد النووي الإيراني'.
الهجوم طال منشآت حساسة، بينها مفاعل نطنز، وأدى إلى مقتل عدد من كبار العلماء والقيادات العسكرية الإيرانية.
وأوضح الجيش الإسرائيلي أن العملية، التي تُنفّذ وفق خطة تدريجية وطويلة الأمد، استندت إلى معلومات استخباراتية دقيقة، وأحدثت 'أضراراً كبيرة في البنية النووية'.
لكن طهران لم تتأخر في الرد، فأطلقت عملية مضادة تحت اسم 'الوعد الصادق 3'، استهدفت من خلالها 'عشرات الأهداف والقواعد العسكرية' داخل الأراضي الإسرائيلية، وفق إعلان رسمي، ما رفع منسوب القلق العالمي وأشعل فتيل التقلبات في الأسواق.
وكما في كل مرة يتصاعد فيها التوتر في الشرق الأوسط، ترتفع أسعار الخام بفعل ما يعرف بـ'علاوة المخاطر الجيوسياسية'.
وما إن بدأت الهجمات الإسرائيلية، حتى التهبت أسعار النفط؛ حيث قفز خام برنت بنحو 7% ليبلغ 74.23 دولاراً للبرميل، بعد أن سجل ذروة يومية تجاوزت 78.50 دولاراً.
وارتفع خام غرب تكساس بنسبة 7.6% إلى 72.98 دولاراً، مسجلاً ارتفاعاً أسبوعياً بلغت نسبته 12.5%.
تلك المخاوف تعزّزت مع التذكير بأهمية مضيق هرمز، حيث يمر نحو 20 مليون برميل نفط يومياً.
وبينما لا يزال المضيق مفتوحاً أمام الملاحة، إلا أن الضربات المتبادلة بين طهران وتل أبيب أثارت تساؤلات جدّية بشأن أمن الإمدادات.
في هذا السياق، دعت شركة 'أمبري' البريطانية للأمن البحري شركات الشحن إلى إعادة تقييم مساراتها وتفادي المرور عبر المضيق إذا لزم الأمر.
وفي مقابل تراجع الثقة بالأسواق والأسهم، اندفع المستثمرون إلى الذهب باعتباره الملاذ الآمن الأقدم في العالم، ما أدى إلى ارتفاع الأونصة بنسبة 1.3% لتبلغ 3,428.10 دولارات، مسجّلة أعلى مستوى لها خلال أسبوع، مع مكاسب أسبوعية تجاوزت 4%.
وشهدت أسواق التجزئة قفزات مماثلة، حيث سجّل سعر غرام الذهب عيار 24 في دبي ارتفاعاً بـ4 دراهم، في ثاني أكبر زيادة خلال عام 2025.
الأسواق المالية التقطت الصدمة سريعاً، إذ تراجع مؤشر داو جونز بأكثر من 769 نقطة، فيما خسر مؤشر ستاندرد آند بورز 500 نحو 1.1% من قيمته، وتراجع مؤشر ناسداك بنسبة 1.3%.
الانخفاض لم يقتصر على وول ستريت، بل انسحب على الأسواق الأوروبية والآسيوية التي سجّلت تراجعات بين 0.5 و1%، خصوصاً في قطاعات الطيران والسياحة والسلع الاستهلاكية.
في المقابل، لوحظت استفادة ملحوظة في أسهم شركات الطاقة والدفاع، مع تزايد التوقعات بارتفاع الطلب على منتجاتها في ظل استمرار التوترات.
واللافت أن موجة القلق لم تؤدِّ فقط إلى صعود الذهب، بل دفعت كذلك المستثمرين نحو سندات الخزانة الأميركية، التي شهدت ارتفاعاً في الطلب، في وقت عزز فيه الدولار مكاسبه أمام سلّة من العملات العالمية.
التطورات الجارية في المنطقة لم تعد مجرد حدث سياسي أو عسكري، بل تحوّلت إلى متغيّر اقتصادي واسع التأثير، يعيد صياغة اتجاهات المستثمرين ويُربك توقّعات الأسواق.
وبينما يترقّب العالم خطوات الطرفين المقبلتين، تبقى الأسواق في حالة تأهّب قصوى، رهناً بصوت صافرة الصواريخ أو نداءات التهدئة.
يرى الخبير الاقتصادي د. محمد موسى، في حديثه لـ'الخليج أونلاين'، أن ما يشهده العالم اليوم ليس مجرد تصعيد عسكري بين 'إسرائيل' وإيران، بل هو 'زلزال اقتصادي أشبه بيوم 7 أكتوبر (طوفان الأقصى وبداية العدوان على غزة)'، محذّراً من أن استمرار الضربات المتبادلة قد يطلق سلسلة من التداعيات العنيفة على الأسواق العالمية، لا سيما أسواق الطاقة والسلع والنقل.
وحول تداعيات ذلك يقول موسى باختصار:
الاقتصاد العالمي لم يتعافَ بعد من سلسلة أزمات بدأت بجائحة كورونا، مروراً بحرب الرسوم التجارية في عهد ترامب، ثم التضخّم الناتج عن حرب أوكرانيا.
التصعيد العسكري الجديد 'زاد الطين بلّة'، وفتح جبهة جديدة من المخاطر الاقتصادية.
أسعار النفط ارتفعت بين 10–12% خلال الساعة الأولى من الضربة الإسرائيلية.
بنوك تجارية كبرى تتوقّع قفزة بأسعار الخام قد تتجاوز 150 دولاراً للبرميل إذا تعطّلت الملاحة في مضيقي هرمز وباب المندب.
هذا قد يؤدي إلى موجة تضخّم عالمية تطال جميع القطاعات: النقل، الصناعة، التوريد، وأسعار السلع الأساسية.
التضخّم سيؤثّر على تكاليف التأمين والشحن، ويُجمّد القطاع السياحي، ويُضعف الخدمات.
النشاط الاقتصادي في مدن مثل دبي (بدخل يتجاوز 55 مليار دولار) وإسطنبول مهدد بخسائر كبيرة بسبب اعتمادها على السياحة والخدمات.
على الدول ذات الثقل الدبلوماسي مثل السعودية وقطر وروسيا وتركيا التدخّل العاجل و'لجم التصعيد'.
العودة إلى طاولة المفاوضات باتت أصعب من أي وقت مضى.
الاقتصادان الإيراني والإسرائيلي في مأزق.
الاقتصاد الإسرائيلي اقتصاد حرب منذ عامين، بتكاليف بالمليارات.
تراجع النمو في 'إسرائيل'، وتدهور الشيكل، وتأثرت سمعة القطاع التكنولوجي.
الدعم الغربي والأمريكي يعوّض جزئياً من خسائر'إسرائيل'، لكن إلى متى؟
اقتصاد إيران منهك وهو تحت العقوبات منذ عام 1979.
التقط اقتصاد إيران أنفاسه في عهد الرئيس باراك أوباما، لكنه عاد للاختناق بسبب ضعف العملة، وغلاء السلع، ومشكلات التوريد.
اقتصادا الطرفين الإيراني والإسرائيلي لا يحتملمزيداًمن التصعيد.
إذا لم تُضبط هذه المواجهة، فإن التكلفة الاقتصادية قد تكون أفدح من التكلفة العسكرية ليس على إيران و'إسرائيل' فقط، بل على العالم كله.