بعد زيارته "إسرائيل".. ما وراء جولة بلينكن العربية؟

كامل جميل - الخليج أونلاين

مراقبون: 

بعد 24 ساعة من تأكيده وقوف بلاده إلى جانب 'إسرائيل'، ودعمها بقوة لاستخدام كافة الوسائل العسكرية لقمع الفلسطينيين في غزة، انطلق وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في جولة سريعة للقاء قادة عدة دول عربية، في محاولة لدفع قادة حماس لتهدئة الأوضاع.

بلينكن التقى الجمعة (13 أكتوبر 2023) في العاصمة الأردنية عمّان الملك عبد الله الثاني، والرئيس الفلسطيني محمود عباس، وشدد الزعيمان العربيان في حديثهما للوزير الأمريكي على ضرورة إيقاف العدوان الإسرائيلي على غزة ومنع تهجير سكانها.

بعد عمّان، وفي نفس اليوم وصل بلينكن إلى الدوحة، والتقى أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وبحثا تطورات الأوضاع في الأراضي الفلسطينية وتداعيات الوضع الإنساني هناك.

وبحسب الديوان الأميري القطري أكد أمير قطر أهمية بذل الجهود في خفض التصعيد، وفتح الممرات الآمنة في قطاع غزة للإغاثة والجهود الإنسانية.

كما أكد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ضمان عدم اتساع رقعة العنف إقليمياً، وشدد على موقف دولة قطر الثابت حول إدانة استهداف المدنيين.

وبعد قطر انتقل بلينكن إلى البحرين، حيث التقى بولي العهد ‏الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، الذي أكد 'ضرورة فتح ممرات إنسانية عاجلة لإدخال المساعدات الطبية والإغاثية والغذاء والماء والكهرباء إلى قطاع غزة'.

كما أشار سلمان بن حمد إلى أن 'موقف مملكة البحرين هو دعم وتأييد جهود السلام الشامل، ووقف وتجنب العنف الذي يهدد الأمن والاستقرار الإقليمي'.

وبعد زيارته السريعة للبحرين وصل وزير الخارجية الأمريكي إلى السعودية، وهي الدولة الرابعة التي يزورها في يوم واحد، ضمن جولته الإقليمية التي ستشمل أيضاً الإمارات ومصر.

ما قاله بلينكن، يوم الخميس الماضي 12 أكتوبر، في تل أبيب يكشف عن فحوى جولته بالمنطقة؛ إذ أوضح: 'سنواصل الضغط على الدول للحؤول دون تمدد النزاع، واستخدام تأثيرها على حماس من أجل الإفراج الفوري وغير المشروط عن الرهائن'.

وأضاف: 'سنناقش أيضاً كيف يمكننا مواصلة العمل لتحقيق رؤيتنا لمنطقة أكثر سلماً وازدهاراً وأمناً واندماجاً'.

وتابع: 'هذا هو الخيار (المطروح)، وهذا الخيار بات بطريقة أو بأخرى جلياً بشكل أكبر جراء نشاطات حماس'.

الحامل للرسائل الأمريكية، والممثل لدبلوماسيتها، لن يكون فقط ممثلاً عن بلاده، بل أيضاً يحمل تمثيلاً لدولة الاحتلال الإسرائيلي، بحسب ما أكده في تل أبيب قبل انطلاقه في جولته العربية، حين قال: 'لم آت إلى هنا بصفتي وزير خارجية الولايات المتحدة فقط، ولكن أيضاً كيهودي فر جده من القتل'.

اعتراف بلينكن بيهوديته وتمثيله لها تأكيد واضح لولائه ودعمه ودعم بلاده لدولة الاحتلال؛ وتأكيد ذلك قوله: 'الرسالة التي أحملها لتل أبيب هي أننا سنكون دائماً موجودين إلى جانبكم'، مؤكداً أن واشنطن ستقدم لـ'إسرائيل' الذخيرة لمنظومة الباتريوت وذخائر مختلفة، وأن 'الولايات المتحدة تحمي ظهر تل أبيب'.

تأتي جولة وزير خارجية الولايات المتحدة في وقت تشهد فيه غزة قصفاً فظيعاً من قبل قوات الاحتلال، أدى إلى استشهاد 1799 فلسطينياً و6388 جريحاً، ونزح ما يزيد على 400 ألف من منازلهم.

يرى الفلسطينيون أن قوات الاحتلال ستواصل استهدافهم بعنف لتهجيرهم من غزة، في خطة تستهدف تغييراً ديموغرافياً.

ذلك ما جاء تفسيراً لما دعا إليه جيش الاحتلال الإسرائيلي في بيان جديد وجهه إلى جميع سكان مدينة غزة، دعاهم فيه إلى إخلاء منازلهم والتوجه جنوباً، زاعماً أنه يتم تنفيذ هذا الإخلاء من أجل أمنهم الشخصي.

وشدد بيان الاحتلال على أنه 'لن يسمح بالعودة إلى مدينة غزة إلا بعد صدور بيان يسمح بذلك'، مضيفاً: 'ممنوع الاقتراب إلى منطقة السياج مع دولة إسرائيل'.

وأكد جيش الاحتلال أنه سيواصل في الأيام القريبة 'العمل بشكل ملموس في مدينة غزة'.

وردّ المتحدث باسم كتائب القسام على هذا البيان بالقول: 'في جعبتنا الكثير بالساعات القادمة، والهجرة في قاموسنا ليست واردة، إلا هجرة العودة إلى أرضنا'.

المحلل السياسي ياسر عبد العزيز، الذي تحدث لـ'الخليج أونلاين'، يقول إنه منذ إطلاق عملية طوفان الأقصى أخذ يطلق على دبلوماسية أمريكا بدبلوماسية العنف أو دبلوماسية الإجبار.

يرى عبد العزيز أن أمريكا تهدف إلى دعم 'إسرائيل' في تهجير سكان غزة، وتوفير ما تحتاج إليه لهذا الأمر.

كما يرى أيضاً أن حماس تعمل على عرقلة المشاريع الأمريكية، وتفتح أمامها جبهة أخرى تشغلها عن 'عدوين' لدودين هما روسيا والصين، وعليه تأتي جولة بلينكن.

عبد العزيز الذي يقول إن عملية طوفان الأقصى قلبت الموازين، يلفت إلى أن 'أمريكا بعدما أخذت القرار بإرسال حاملة الطائرات لشرق المتوسط لردع حماس كانت الرسالة لم تستهدف حماس وحدها/ بل شعوب المنطقة لتخويفها، وأيضاً لتطمين الحكومات المطبعة'.

ويواصل: 'رسالة إسرائيل لأهالي غزة بأن يتجهوا جنوباً ناحية مصر، وطلب بلينكن بفتح ممرات باتجاه سيناء كلها تشير بوضوح إلى صفقة القرن بتهجير أهالي غزة نحو سيناء'. 

زيارة بلينكن للمنطقة مهمة جداً، وتأتي في وقت حساس جداً، بحسب عبد العزيز، مبيناً أنها تأتي 'في إطار تنفيذ أمريكا لخطتها ومشروعها في المنطقة، التي تهدف واشنطن إلى استقرارها من خلال صفقة تطبيع علاقات مع جميع دول المنطقة'.

وتابع: 'أمريكا في سياستها هذه تسعى إلى تهدئة منطقة ساخنة جداً من أجل الالتفات إلى عدوين مهمين وخطيرين جداً؛ أولهما واضح هو روسيا، والثاني اقتصادي يتحرك بسرعة وقوة تشكل تهديداً لأمريكا وهو الصين'.

وعليه يرى عبد العزيز أن واشنطن تسعى إلى 'تهدئة الأوضاع وتمرير هذا المشروع لتهدئة الشرق الأوسط من أجل الالتفات إلى مناطق أكثر سخونة، وغالباً ما تكون شرق آسيا'.