بعد دبابة "ألتاي".. ما إمكانية تطوير الشراكة الدفاعية بين قطر وتركيا؟

يوسف حمود - الخليج أونلاين

كم تملك قطر في الشركة المصنعة للدبابة؟

نسبة 49%.

متى دشنت أول دبابة من صنع الشركة؟

في أبريل 2023.

ما أبرز مواصفات الدبابة؟

أنها دبابة قتال رئيسة من الجيل الثالث.

على الرغم من التحولات الهائلة في طبيعة العلاقات بين الدول إقليمياً وعالمياً، وما تشهده السياسة الدولية من تصاعدٍ في الأزمات والصراعات، حافظت تركيا وقطر على علاقات وثيقة مستقرة ومتنامية على الأصعدة كافة.

ويعتبر الملف العسكري والأمني من أبرز ملفات التعاون المشترك، فمنذ عام 2015 بدأ التنسيق فيه يأخذ بالتنامي، حيث بدأت القوات المسلحة للبلدين تنفيذ مشاريع مشتركة على مستوى التدريب والصناعات، بالإضافة إلى الاتفاقيات الدفاعية.

ووصل حد التعاون بين الجانبين في الصناعات العسكرية إلى إنتاج أول دبابة بشراكة ثنائية، وهو ما يطرح تساؤلات حول إمكانية تطور الشراكة القطرية التركية في الصناعات الدفاعية.

أول دبابة بشراكة ثنائية

بالتزامن مع حملته الانتخابية للكشف عن أبرز إنتاجات بلاده، شارك الرئيس التركي رجب طيب أردوغان (23 أبريل 2023) في مراسم تسلم الجيش التركي الدبابة الجديدة 'ألتاي'، والتي صنعت بشراكة تركية قطرية.

وقال الرئيس التركي إن الدبابة الجديدة 'ألتاي' ستمثل نقطة قوة مهمة للجيش التركي في المنطقة، واصفاً إياها بـ'درة الصناعات الدفاعية التركية'.

وتعد 'ألتاي' دبابة قتال رئيسة من الجيل الثالث، وقد طوّرت بخبرات تركية محلية.

وشركة 'BMC' التي صنعت الدبابة الجديدة هي نتاج شراكة تركية قطرية، حيث يستحوذ الجانب التركي على 51% منها، في حين يستحوذ الجانب القطري على 49%.

وكان المدير التنفيذي لشركة 'BMC' ذات الشراكة التركية القطرية المتخصصة بتصنيع المركبات العسكرية والمدنية، مراد بالشينتاش، أكد مؤخراً جاهزية الدبابة 'ألتاي' الجديدة لتسليمها للقوات المسلحة التركية من أجل الاختبار، مشدداً على أن جميع العوائق أمام دخول الدبابة مرحلة الإنتاج المتسلسل أزيلت.

وأضاف بالشنتاش أن الهدف من هذه الشراكة 'هو تعزيز التعاون في التصنيع العسكري الذي يوفر آليات عسكرية لا غنى عنها في الدفاع عن أمن الشعبين القطري والتركي'، مشيراً إلى أن إنتاج الدبابة يحقق ميزة أمنية استراتيجية؛ إذ يوفر لكل من قطر وتركيا استقلالية في استخدام الدبابات الدفاعية دون الحاجة إلى الحصول على موافقات من الدول المصنعة كما جرت العادة.

وقال إن الشراكة القطرية التركية تضم ثلاثة مشروعات مستقبلية أخرى تشمل 'تصنيع الدبابات، وناقلات الجنود، ومعدات عسكرية لوجستية'.

ويشير إلى أن الشركة تنتج سيارتين مدرعتين من طراز 'كيربي' و'أمازون'.

محاولات لإعاقتها

في عام 2017، استحوذت دولة قطر على 49٪ من أسهم شركة 'BMC' التركية لصناعة العربات المدرعة.

بعدها بعامين، في مارس من عام 2019، أعلن نائب رئيس حزب العدالة والتنمية التركي، علي إحسان يافوز، توقيع 'أنقرة والدوحة اتفاقية تاريخية لشراء 100 دبابة ألتاي التركية'.

ووفقاً للإعلان حينها، فإن الشركة المصنعة للدبابات والمركبات المدرعة 'BMC' ستنتج 40 دبابة من طراز 'Altay' وتسلمها إلى الدوحة خلال 24 شهراً كجزء من المرحلة الأولى، فيما كان من المقرر أن يبدأ الإنتاج على نطاق واسع لدبابات ألتاي بـ 250 وحدة بعد تسليم الدفعة الأولى إلى قطر.

لكن في ديسمبر 2020، تلقت الصناعات العسكرية التركية ضربة موجعة من واشنطن عبر تعرضها لعقوبات غير مسبوقة؛ ما عرقل العديد من مشروعاتها التسليحية، من بينها صنع الدبابة 'ألتاي'.

هذا الأمر دفع أنقرة إلى تأجيل تدشين أول دبابة إلى أبريل 2023، بعدما عملت عقب عام 2020 على الاعتماد على إمكانياتها بإنتاج الدبابة دون الحاجة لقطع إضافية من واشنطن، لتكون بشكل كامل بصنع تركي ومشاركة قطرية.

توفر الأسباب لقيامها

يؤكد الباحث في الشأن التركي والعلاقات العربية التركية محمد قدو الأفندي، أن آفاق التعاون التركي القطري غير محدودة في جميع النواحي الاقتصادية والمالية والصناعية منذ فترة طويلة، مرجعاً ذلك إلى 'توفر أسباب قيامها واستمرارها'.

ويشير إلى أن الشراكة القطرية التركية في مجال الصناعات الدفاعية 'لن تكون الأخيرة لوجود العوامل والروابط'، إضافة إلى أن 'وجود التكافؤ العلمي بين أحد الطرفين مع توفر التمويل لدى الطرف الآخر كفيل باستمرارها بناء على الروابط القائمة بينهما'.

ولفت في حديثه لـ'الخليج أونلاين' إلى أن العلاقات بين البلدين 'علاقات استراتيجية معلنة منذ سنوات طويلة'، وأنها 'طبقت على أرض الواقع وأصبحت أقوى بمرور الوقت'.

وتابع: 'بعد سلسلة من الوقفات التاريخية الأخوية للبلدين، فقد فرضت نفسها كنموذج لعلاقات شراكة حقيقية أو أكثر من هذا المصطلح، رغم عدم وجود رابط جغرافي بين الدولتين، هذا النموذج من العلاقات ينهي أية عقبات للتعاون بينهما'.

فيما يؤكد المحلل العسكري إسماعيل أيوب أن تصنيع هذه الدبابة بالتشارك بين قطر وتركيا 'يعد خطوة إيجابية'، مشيراً إلى أن 'الصناعات الدفاعية تعزز من قدرات الدول التي تقوم بالتصنيع'.

ويتوقع في حديثه لـ'الخليج أونلاين' أن تتطور المشاركة القطرية التركية في الصناعات العسكرية المختلفة لأسباب عديدة؛ منها 'التفاهم بين البلدين، إضافة إلى أنه سيصبح مصدر دخل إضافي لقطر من خلال تسويق الصناعات العسكرية'.

وأوضح بقوله: 'النفط والغاز ليسا دائمين، بعكس الدخل الصناعي، حيث تعتبر الصناعة العسكرية مورداً هاماً قد يسهم في تنويع الدخل الوطني لقطر'.

وفيما يتعلق بدبابة 'ألتاي' يقول أيوب: 'الدبابة تصنف من ضمن أفضل الدبابات على مستوى العالم؛ لما تملكه من مميزات مختلفة، ووجود دولة مشاركة في صناعة هذه الدبابة مثل قطر أمر جيد في أن تسهم مع تركيا في الصناعات العسكرية'.

وتابع: 'كما يمكن لقطر أن ترفد جيشها بدبابات من صناعة وطنية مشتركة، وأيضاً بأسلحة أخرى لو استمر التشارك مستقبلاً'.

كما يشير إلى أن 'تطوير الصناعات العسكرية في دول العالم الثالث، سواء بالشراكة مع دول العالم الثاني أو الأول، يعتبر إيجابياً، ويأتي في إطار خطوة لوقف تحكم الدول المصنعة للسلاح، والتي لا تبيع الأسلحة إلا بعد طرح شروطها من خلال تقنين استخدام السلاح المباع لهذه الدول'.

شراكات دفاعية مختلفة

في 2018، أسست الدوحة شركة 'كيو سور'؛ من خلال شراكة بين 'برزان القابضة' الدفاعية القطرية، وشركة 'سور العالمية' التركية للغزل والنسيج.

ووقعت 'برزان' القطرية اتفاقاً مع شركة 'سور العالمية' التركية والحرس الأميري القطري؛ لإنشاء مشروع مشترك تحت مسمى 'QSur' لتصنيع الزي العسكري المتطور وملحقاته.

وتملك برزان القطرية 61٪ من الشركة، و39% تعود لشركة 'سور العالمية'.

وفي أكتوبر 2018، أعلنت مجموعة 'أسيلسان' للصناعات الدفاعية التركية تأسيس شركة تحت اسم 'برق' في قطر، بالاشتراك مع كل من شركتي 'برزان القابضة' التابعة لوزارة الدفاع القطرية، و'سستك' التركية لتقنيات الصناعات الدفاعية.

والهدف الذي من أجله أنشئت الشركة إنتاج أنظمة قيادة وتحكم، وكاميرات الرؤية الحرارية والليلية، وأنظمة تشفير، وأنظمة أسلحة تحكم عن بعد، وتبلغ حصة 'برزان القابضة' 51%، و'أسيلسان' 48% و'سستك' 1%.