بعد عامين على حكمها.. إلى أين وصلت علاقة "طالبان" مع دول الخليج؟

محمد أبو رزق - الخليج أونلاين

مر عامان على انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان، وعودة حركة طالبان إلى الحكم وإدارتها للبلاد من جديد، بعد سنوات من الحروب والصراعات مع الولايات المتحدة وقوات التحالف الدولي، علاوة على الخلافات الداخلية.

ومنذ سيطرت حركة طالبان على أفغانستان (15 أغسطس 2021)، برز دور كبير لدول الخليج في دعم أفغانستان سياسياً واقتصادياً وإنسانياً، سواء من خلال رعاية اجتماعات ومباحثات بين الحركة والولايات المتحدة، أو تقديم مساعدات للأفغان في إدارة البلاد، أو أخرى تتعلق بالوضع الاقتصادي.

وخلال العامين تطورت علاقات أفغانستان مع دول الخليج خاصة مع دولتي قطر والإمارات، من خلال عقد اتفاقيات لإدارات مطارات في أفغانستان، أو لإقامة مشاريع تنموية.

ومن أشكال تطور العلاقات بين حركة طالبان والإمارات، الاتفاق الذي وقعته الهيئة العامة للطيران المدني الإماراتية مع سلطات طالبان لتقديم خدمات المساعدة الأرضية في المطارات الأفغانية الثلاثة الرئيسية.

وأكدت الهيئة الإماراتية في مايو 2022، أن العقد مدته 18 شهراً يشمل المطارات في كابل، وقندهار، وهرات.

وعلى الصعيد الفني، أيضا، قامت دولة قطر بإعادة تأهيل وتشغيل مطار كابل، وذلك إثر تدمير أجزاء منه بعد انسحاب القوات الأمريكية من البلاد.

العلاقات مع الخليج

أقامت دول الخليج مشاورات ومباحثات مع حركة طالبان بعد عودة حكمها لأفغانستان، وكان أبرزها الذي عقد في فبراير 2022 بين الحكومة الأفغانية وممثلي دول مجلس التعاون الخليجي في الدوحة.

وأدت قطر دور الوسيط في مفاوضات واشنطن وطالبان، التي أسفرت عن توقيع اتفاق تاريخي، أواخر فبراير 2020، ينص على انسحاب أمريكي تدريجي من أفغانستان وتبادل الأسرى.

وشكل الاتفاق الذي رعته قطر نقطة تحوُّل وأملاً جديداً للأفغان بإنهاء الحرب، والعيش بسلام، والانفتاح الاقتصادي، وإعادة إعمار البلاد، والوصول إلى حل سياسي داخلي بين الأطراف الأفغانية، وتشكيل حكومة تضم كافة المكونات.

وفي أحدث تعليق لحكومة طالبان على اتفاق الدوحة قال وزير الداخلية الأفغاني  سراج الدين حقاني: إن حكومته 'ملتزمة باتفاق الدوحة لكن المجتمع الدولي اختار طريقاً مغايراً'.

وطالب حقاني في تصريحات في 19 أغسطس 2023، المجتمع الدولي بمساعدة الشعب الأفغاني 'لا أن يفرض عليه عقوبات'.

وخلال الانسحاب الأمريكي، أدت دول خليجية دوراً كبيراً في في إجلاء الآلاف من الدبلوماسيين ورعايا عدة دول، إضافة إلى مواطنين أفغان، في أكبر عملية إجلاءٍ شهدها العالم.

وبعد سيطرة طالبان على أفغانستان، أكدت دولة قطر أنها تسعى بكل جهودها لحصول 'انتقال سلمي للسلطة في أفغانستان، والتمهيد لحل سياسي شامل'.

زيارات ولقاءات

ومن أشكال تطور العلاقات القطرية الأفغانية، كانت الزيارة التي أجراها رئيس مجلس الوزراء القطري وزير الخارجية، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في 12 مايو الماضي، إلى أفغانستان.

وخلال الزيارة، التقى 'آل ثاني' بمسؤولين أفغان في حكومة تصريف الأعمال التي تقودها حركة 'طالبان' بولاية قندهار الأفغانية جنوبي البلاد.

كما أجرى محادثات سرية مع زعيم 'طالبان' هبة الله أخوند زادة حول سبل تهدئة التوترات مع المجتمع الدولي.

وعلى صعيد الوساطة بين الولايات المتحدة و'طالبان'، استمرت قطر بدورها، حيث اختتم وفدين من الحكومتين الأمريكية والأفغانية التي تقودها حركة طالبان، في نهاية يوليو 2023، مباحثات حول قضايا اقتصادية وحقوقية في العاصمة الدوحة.

وكذلك تواصل دولة قطر دورها في مساعدة أفغانستان، حيث أكد أميرها، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، خلال لقاء جمعه مع وزير الدفاع في الحكومة الأفغانية محمد يعقوب مجاهد، بالدوحة، في 6 يوليو 2022، أهمية العمل لتحقيق الاستقرار والمصالحة الوطنية في أفغانستان، وتحقيق الحياة الكريمة والتقدم والازدهار للشعب الأفغاني، وضمان تمتُّع كل أطياف المجتمع بحقوقهم.

أما على صعيد العلاقات الإماراتية الأفغانية فقد تطورت وكان أبرز أشكالها، اللقاء الذي جمع وزير الدفاع الأفغاني مع الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد، في ديسمبر الماضي.

وخلال اللقاء، بحث الجانبان 'مناقشة سبل تعزيز العلاقات الثنائية والتعاون المشترك بين البلدين، وغيرها من القضايا المهمة الأخرى'، وفق وكالة أنباء الإمارات.

أيضا شهدت العلاقات الأفغانية السعودية تطوراً، كان أبرز سماته، لقاء الوزير الأفغاني ذاته مع ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، خلال استقبال الأخير الشخصيات الإسلامية الذين أدوا مناسك الحج هذا العام، في يونيو الماضي.

واتخذت دول الخليج موقفاً موحداً ضد قرار حكومة حركة طالبان، بتعليق دراسة الفتيات في المدارس والكليات الأفغانية، مؤكدة رفضها للقرار وعلى حق المرأة في التعليم.

وفيما يتعلق بالعلاقات الأفغانية السعودية فقد شهد فبراير الماضي، حدثاً مهماً وهو مغادرة السفير السعودي لدى أفغانستان، جاسم بن محمد الخالدي، أراضي ‏العاصمة الأفغانية كابول بصورة مفاجئة، وكان برفقته أعضاء البعثة الدبلوماسية للمملكة.‏

وفي حينها، كشفت مجلة 'فورين بوليسي' الأمريكية، أن أسباب مغادرة السفير كانت تلقيه تهديدات أمنية من قبل تنظيم 'الدولة' في البلاد، المعروف باسم 'ولاية خراسان'.

تطور كبير 

يؤكد الكاتب والباحث السياسي، بشير الأفغاني، أن علاقات حركة طالبات مع دول الخليج تطورت بشكل كبير بعد عودتها لحكم أفغانستان، حيث أرسلت معظم الدول الهيئات الدبلوماسية.

ويقول الأفغاني في حديثه لـ'الخليج أونلاين': إن 'من أشكال تطور العلاقات بين حكومة طالبان ودول الخليج؛ وجود رحلات جوية منظمة إلى وجهات عالمية متعددة'.

ويوضح، أن شركة إماراتية باتت تدير مطار كابل بشكل منتظم، إضافة إلى أن المساعدات الإنسانية الخليجية لم تتوقف عن أفغانستان.

ويشير إلى أن أحد أشكال تطور العلاقات تمثل بسفر المسؤولين على المستوى الوزاري في أفغانستان إلى دول خليجية، خاصة في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد في ظل الحصار الاقتصادي والاجتماعي والسياسي الغربي.

وحول وضع أفغانستان بعد مرور عامين على حكم طالبان، يلفت الأفغاني، إلى أن البلاد تمر بحالة أمنية مستقرة، ولكن هناك نسبة مرتفعة من البطالة والفقر.

مساعدات إنسانية

كذلك برز دور دول الخليج في أفغانستان، خلال زلزال ضرب مدينة بكتيكا جنوب شرقي البلاد في 22 يونيو 2022، أدى إلى مقتل 1500 شخص على الأقل، فضلاً عن أكثر من 200 مصاب، ومئات المفقودين.

وسارعت دول خليجية إلى تقديم مساعدات عاجلة إلى الحكومة الأفغانية؛ لمساعدتها على مواجهة تداعيات الزلزال المدمر.

وقدمت السعودية من خلال مركز الملك سلمان للإغاثة مساعدات إغاثية وطبية، كما أعلنت دولة قطر تقديم 13 طناً من المساعدات الغذائية إلى أفغانستان على متن طائرة عسكرية؛ لتوزيعها في أكثر المناطق تضرراً من الزلزال.

وإلى جانب مساعدات الزلزال، أعلنت الحكومة السعودية، في يونيو 2022، تقديم 30 مليون دولار لدعم الصندوق الائتماني الإنساني لأفغانستان، الذي يعمل تحت مظلة البنك الإسلامي للتنمية، بالتنسيق مع منظمة التعاون الإسلامي.

كما أمر الرئيس الإماراتي حينها، تسيير جسر جوي يشمل مساعدات طبية وفريقاً طبياً ومستشفى ميدانياً؛ لمساعدة أفغانستان على مواجهة تداعيات الزلزال.

صعوبات أفغانية

مع ذلك لا تزال الحركة الأفغانية، تواجد تحديات سياسية واقتصادية، في ظل سعي من قبل قيادة حركة طالبان إنهاء تلك الأزمات والخروج بالبلاد إلى بر الأمان.

وتسعى حكومة طالبان التي شكلت في سبتمبر 2021، في إنهاء أزمات البلاد ولكنها اصطدمت بقرار من الولايات المتحدة تمثل في تجميد 7 مليارات دولار، وهو ما زاد من أعباء البلاد وقلل من فرص إنهاء الأزمات الاقتصادية.

وداخلياً تعاني البنية التحتية والاقتصاد الأفغاني من الدمار الشديد بسبب عقود من النزاعات والحروب.

وحول الذكرى الثانية لعودة طالبان للحكم قال المتحدث باسم الحركة ذبيح الله مجاهد، في بيان:'في الذكرى الثانية لغزوة كابل، نود أن نهنئ شعب أفغانستان المجاهد ونطلب منه حمدَ الله تعالى على هذا النصر العظيم'.

وقال مجاهد 'الآن، بعد ضمان استتباب الأمن العام في البلاد، تدير قيادة واحدة أراضي البلاد بالكامل وهناك نظام إسلامي قائم وكل شيء يُفسر من منظور الشريعة'.

كما تعهدت الحركة في بيان لها أيضاً بمقاومة أي تهديد لاستقلال أفغانستان، مؤكدة  أن استعادة كابل 'أثبتت مرة أخرى أن لا أحد يستطيع السيطرة على الأمة الأفغانية الأبية وضمان بقائه في هذا البلد'، مضيفة أنه 'لن يُسمح لأي محتل بتهديد استقلال وحرية أفغانستان'.