اخبار قطر
موقع كل يوم -الخليج أونلاين
نشر بتاريخ: ٧ تشرين الثاني ٢٠٢٥
طه العاني - الخليج أونلاين
- ما مدة إصدار رخص البناء في قطر بعد تطبيق النظام الذكي؟
120 دقيقة فقط بدلاً من 30 يوماً سابقاً.
- إلى أي مدى تحقق الأتمتة في النظام الجديد؟
تصل إلى 70% دون تدخل بشري في المرحلة الأولى.
تواصل قطر ترسيخ موقعها في صدارة الدول التي توظف التقنيات الحديثة في الخدمات الحكومية، إذ أطلقت وزارة البلدية نظاماً ذكياً جديداً لإصدار رخص البناء يعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي، في خطوة تعكس حجم التقدم في مسار التحول الرقمي الوطني.
ويأتي هذا التطور ضمن رؤية قطر الوطنية 2030 التي تضع الرقمنة والابتكار في صميم استراتيجيتها للتنمية المستدامة.
ويجسد النظام الجديد نهجاً عملياً نحو تسريع إنجاز المعاملات الحكومية وتحسين جودة الخدمات، بعدما كانت إجراءات إصدار تراخيص البناء تستغرق أسابيع طويلة، ما يعزز كفاءة الأداء ويرفع مستوى رضا المستفيدين، ويعكس في الوقت ذاته قدرة قطر على التحول نحو بيئة خدمية رقمية متكاملة.
التحول الذكي
وفي تدشين رسمي احتفت به الدوحة، أعلن وزير البلدية عبد الله بن حمد العطية إطلاق نظام رخص البناء الذكي، واصفاً إياه بأنه 'إنجاز وطني نوعي' يعزز مسار التحول الرقمي في الدولة ويضع قطر في مقدمة الدول التي توظف تقنيات الذكاء الاصطناعي في الخدمات العامة.
ونقلت وكالة الأنباء القطرية 'قنا'، في 26 أكتوبر 2025، عن العطية تأكيده أن النظام الجديد يشكل نقلة نوعية في مجال تراخيص البناء، إذ يتيح إصدار الرخص خلال 120 دقيقة فقط بدلاً من 30 يوماً.
وأضاف أن المشروع يندرج ضمن برنامج التحول الرقمي لوزارة البلدية الذي يستهدف تسريع الإجراءات وتوحيد المعايير الفنية، بفضل قدرته على قراءة المخططات الهندسية والتحقق من مطابقتها للمعايير الفنية آلياً، دون الإخلال بالدقة التقنية المطلوبة.
من جانبه رئيس قسم الدراسات الفنية بوزارة البلدية، كشف درويش يوسف فخرو، في تصريحات لـ'تلفزيون قطر'، عن أن إدراج تقنيات الذكاء الاصطناعي في نظام رخص البناء يمثل خدمة تُنفذ لأول مرة عالمياً، مشيراً إلى أن هذا التطوير يسهم في تسهيل مهام الاستشاريين والمراجعين، ويدعم الابتكار والاستدامة تماشياً مع رؤية قطر 2030.
وفي وقت سابق، نشرت وزارة البلدية عبر حسابها على منصة 'إكس 'مقطعاً دعائياً أكدت فيه أن التحول الذكي في الخدمات الحكومية، يشكل خطوة جديدة نحو مستقبل رقمي متكامل في منظومة العمل البلدي.
كفاءة رقمية
ويقول المهندس أحمد طه طاهر، الخبير التقني وصانع المحتوى، إن الحكومة القطرية تنظر إلى التحول الرقمي بوصفه وسيلة لرفع جودة الخدمات وتقليص زمن إنجاز المعاملات، بعدما كانت الإجراءات الورقية تستغرق فترات طويلة.
ويشير في حديثه مع 'الخليج أونلاين' إلى أن الأنظمة الذكية تُمكّن من إصدار التراخيص بسرعة قياسية، وهو ما يعكس نقلة نوعية في كفاءة الأداء وسرعته.
ويلفت طاهر إلى أن هذا التطور يرسل رسالة واضحة للمستثمرين بأن البنية التحتية الرقمية في قطر تتطور بوتيرة عالية، وأن الدولة منفتحة على دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات، ما يعزز الثقة في بيئة الأعمال القطرية، ويجعلها أكثر جذباً للاستثمارات المحلية والدولية.
ويؤكد أن تسهيل إصدار التراخيص يخفف من العقبات الإدارية ويقلل من المخاطر والتأخيرات التي كانت تواجه المستثمرين، ما يجعل القطاع العقاري والمشروعات الكبرى أكثر جاذبية.
وتشهم الأنظمة الذكية في تقليل الأخطاء البشرية، وتزيد من الشفافية في عمليات الموافقة والرفض، الأمر الذي يعزز الاستقرار والثقة في بيئة الاستثمار.
ويشير الخبير التقني إلى أن المرحلة المقبلة تتطلب ربط الأنظمة الحكومية ببعضها البعض لتحقيق التكامل الرقمي الكامل.
ويوضح طاهر أن فعالية أي نظام ذكي تعتمد على مدى ارتباطه بأنظمة الكهرباء والمياه والتخطيط العمراني وغيرها، لتبادل البيانات بسلاسة وتفادي الفجوات التشغيلية.
ويردف أن توحيد البيانات ووضع بروتوكولات مشتركة للذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي يمثلان خطوة أساسية لضمان التبادل الآمن للمعلومات بين الجهات الحكومية.
كما يرى ضرورة توسيع قدرات الأنظمة لتشمل مستقبلاً التحليل والتنبؤ والصيانة الوقائية والبناء الذكي، بما يحافظ على الاستثمارات ويطور بيئة الأعمال.
ويعتقد طاهر أن نجاح التحول الرقمي لا يكتمل دون تجربة مستخدم بسيطة وسلسة، تدعمها مؤشرات أداء دقيقة مثل سرعة إصدار التراخيص ورضا المستفيدين، مشيراً إلى أن التطوير المستمر لهذه الأنظمة يعزز تكامل المنظومة الذكية ويجعلها أكثر استجابة لاحتياجات المستخدمين.
ويختتم قائلاً إن دخول الذكاء الاصطناعي في الخدمات الحكومية قلل من البيروقراطية والأخطاء اليدوية، وساهم في رفع كفاءة العمل وتسريع وتيرة الإنجاز.
لكنه يلفت إلى ضرورة التعامل بحذر مع الفجوة الرقمية المحتملة، إذ قد يواجه بعض الموظفين صعوبة في التكيّف مع التقنيات الجديدة، ما يتطلب من الدولة برامج توعية وتدريب مكثفة لضمان التحول السلس والشامل.
نظام متكامل
ويُعتبر نظام رخص البناء الذكي خطوة متقدمة في أداء الخدمات البلدية، إذ يعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحليل المخططات الهندسية ومقارنتها آلياً بالمعايير الفنية المعتمدة.
ويمثل هذا النظام نموذجاً فريداً في تطوير تراخيص البناء رقمياً على المستوى العالمي، إذ يمكّن من إصدار الرخص خلال ساعتين فقط، بفضل تكامله مع نظام المعلومات الجغرافية (GIS) وقواعد بيانات هيئة الأشغال العامة وكهرماء.
ونقلت صحيفة الشرق القطرية، عن العطية تأكيده أن هذه المنظومة تمثل نموذجاً متطوراً في إدارة البيانات الهندسية، حيث تُحلّل الخرائط والمخططات تلقائياً وتتحقق من مطابقتها للمعايير عبر ثلاث مراحل رئيسية:
وعقب هذه الخطوات يُصدر النظام تقريراً تفصيلياً (To-Do List) يوضح العناصر التي تحتاج إلى تعديل قبل إحالة الطلب إلى الجهة المختصة، ما يقلل الأخطاء البشرية ويعزز جودة الخدمة.
ويوضح العطية أن هذا التطوير لا يختصر الوقت فحسب، بل يعزز كفاءة الأداء ويعمّق الثقة في المنظومة الحكومية، ويستهدف المشروع دعم المكاتب الاستشارية والمستثمرين عبر إجراءات أكثر مرونة وكفاءة، مع تحقيق نسبة إنجاز إلكتروني تبلغ 70% في مرحلته الأولى.
وأكد أن وزارة البلدية ماضية في توسيع استخدام التكنولوجيا الذكية في مجالات أخرى ضمن برنامج التحول الرقمي الشامل الذي يضع الإنسان في قلب العملية التنموية.
كما ثمّن الوزير جهود الفرق الفنية والشركاء في القطاعين العام والخاص الذين أسهموا في إنجاز المشروع، مشيراً إلى أن هذه الخطوة ليست نهاية المسار، بل بداية مرحلة جديدة من التطوير المستمر، ترسخ موقع قطر كدولة رائدة في التحول الرقمي الحكومي.
ويبرهن نظام رخص البناء الذكي أن التحول الرقمي في قطر لم يعد خياراً تقنياً بل مساراً استراتيجياً يغيّر منهج إدارة الخدمات العامة، ويكرّس الكفاءة والشفافية في العمل الحكومي.























