في ظل الفشل الأمني.. هل تخفض دول الخليج تمثيلها في أفغانستان؟

أشرف كمال - الخليج أونلاين

الإمارات العربية وتركيا، وهناك حديث عن سحب البعثة السعودية.

وجود تهديدات أمنية كبيرة لها.

في ظل التهديدات الكبيرة وفشل طالبان الأمني وسلوكها السياسي قد تقلص هذه الدول حضورها وفق مراقبين.

يعتقد خبراء أن دول الخليج قد تتجه لتقليص وجودها الدبلوماسي في العاصمة الأفغانية كابل؛ بسبب فشل حركة طالبان في بسط الأمن حتى في أماكن وجود البعثات الدولية.

وكانت وكالة 'سبوتنيك' الروسية نقلت، يوم 5 فبراير 2023، أن حكومتي الإمارات وتركيا تخططان لتقليص بعثتيهما الدبلوماسيتين في كابل؛ بسبب وجود تهديدات أمنية لموظفي البعثة الأممية ومنظمات دولية أخرى.

وأكد مسؤول بارز في طالبان للوكالة أن السفارة التركية لديها خطة لتقليص أنشطتها الدبلوماسية في كابل؛ بسبب بعض المخاوف الأمنية، وأن الإمارات العربية المتحدة تريد نقل بعثتها الدبلوماسية إلى مكتب صغير قبل إغلاق سفارتها.

كما أكد عدد من موظفي البعثة الأممية لمساعدة أفغانستان أنهم يتلقون، منذ الجمعة الماضي، رسائل تهديد أمنية دفعت مسؤولي البعثة لمطالبتهم بحماية أنفسهم ضد أي هجوم محتمل.

تهديدات وتحذيرات

وأفاد عدد من موظفي بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى أفغانستان لـ'سبوتنيك' بأنهم 'تلقوا عدداً من رسائل التهديد'.

وقالت الوكالة إن مكاتب البعثة الأممية والمنظمات الدولية الأخرى في أفغانستان حذرت موظفيها بعدما أبلغت مخابرات طالبان عدداً من البعثات أن سيارة محملة بالمتفجرات قد تسللت بنجاح إلى المنطقة الخضراء في كابل، وهو ما دفع السعوديين إلى إخلاء مقارهم، حسب 'سبوتنيك'.

وأكد موظفون في السفارة السعودية للوكالة الروسية أن 'سبب مغادرة البعض لم يكن دبلوماسياً؛ وإنما خطة خاصة قد تستغرق وقتاً طويلاً'.

وأوضح المتحدث باسم طالبان ذبيح الله مجاهد، لوسائل إعلام محلية، أن إغلاق السفارة السعودية في كابل 'يعود لأن الموظفين غادروا لتلقي تدريبات في السعودية لمدة أسبوع'، وأضاف أن 'أي شائعات أخرى بهذا الصدد غير صحيحة'.

ولم تؤكد هذه التقارير رسمياً أي من سفارات الدول المذكورة، لكن تقارير صحفية تحدثت عن إجلاء موظفي سفارة المملكة في كابل، إلى جانب سفارات بعض الدول الغربية.

ونقلت وكالة 'تسنيم' الإيرانية، يوم 5 فبراير 2023، عن الناشط الإعلامي الأفغاني بلال سروري، أن جميع موظفي السفارة السعودية في كابل البالغ عددهم 19 موظفاً قد أخلوا مبنى السفارة دون أي توضيح.

وقالت الوكالة إن وسائل إعلام أفغانية أوضحت أن دبلوماسيي السفارة السعودية في كابل عادوا إلى بلادهم بعد أن منعت طالبان الموظفات في هذه الممثلية السياسية من مواصلة أنشطتها.

ونقل موقع 'هشت صبح' الأفغاني عن مصادر -لم تسمها- أن السعوديين قاموا بذلك رداً على حظر دخول الموظفات، فيما أشارت بعض المصادر إلى احتمال إخلاء السفارة السعودية في كابل بسبب التهديدات الأمنية المتزايدة، بحسب 'تسنيم'.

ونقل موظفو السفارة السعودية إلى الرياض عبر إحدى شركات الطيران الأفغانية.

ومنذ سيطرة طالبان على البلاد، في 2021، وقع عديد من التفجيرات أودت بحياة عشرات المدنيين والمسؤولين، وكان آخرها تفجير استهدف وزارة الخارجية الأفغانية، في يناير الماضي، وأدى لمقتل 7 أشخاص وإصابة 10 آخرين.

مخاطر كبيرة وسلطة غير مستقرة

الباحث المتخصص في الحركات الإسلامية حسن أبو هنية، قال إن حركة طالبان لم تنجح منذ سيطرتها على البلاد، منتصف 2021، في فرض الأمن، وفشلت في منع هجمات طال بعضها مناطق شديدة التحصين.

وأضاف أبو هنية في حديثه لـ'الخليج أونلاين'، أن 'ولاية خراسان' التابعة لتنظيم الدولة استهدفت مقرات دبلوماسية صينية وروسية في المنطقة الخضراء شديدة التحصين، وهو ما يعني وجود مخاطر على البعثات الدبلوماسية.

وأشار إلى أن هذه التهديدات الأمنية ما تزال قائمة، وهو أمر لا يشجع الدول على إبقاء بعثاتها الدبلوماسية، خصوصاً أن الحركة غير معترف بها دولياً، ولا تحظى بأي شرعية؛ بسبب فشلها وسلوكها أيضاً.

ويعتقد المتحدث أن فشل طالبان في فرض الأمن مع وجود منافسين أقوياء لها، في مقدمتهم 'ولاية خراسان'، يزيد مخاوف الدول، ولا سيما أنها تتعامل مع الحركة كسلطة أمر واقع.

وخلص أبو هنية إلى أن هذه التهديدات تجعل احتمال تقليص الحضور الدبلوماسي عموماً في كابل أمراً متوقعاً، باستثناء دول مثل روسيا وإيران، التي لها مصالح استراتيجية في أفغانستان، وحتى هذه ستظل موجودة بشكل محدود وتحت رقابة أمنية مشددة.

ولم تعترف دول العالم بالحكومة التي شكلتها طالبان حتى الآن، مشترطة وفاءها بعدة شروط، في مقدمتها ضمان الحريات واحترام حقوق المرأة والأقليات، وألا تصبح الأراضي الأفغانية نقطة انطلاق لـ 'الأعمال الإرهابية'.

وتسعى الحركة إلى انتزاع اعتراف دولي بحكمها لأفغانستان، وتحسين صورتها أمام العالم، من أجل استعادة دعم ضروري لمواجهة تحديات اقتصادية خانقة.

لكنها واجهت انتقادات حادة مؤخراً؛ بسبب منعها النساء من العمل والفتيات من التعليم، وهي خطوات تتنافى مع الوعود التي أطلقتها الحركة فور سيطرتها على البلاد.

هجمات دامية

ومنذ سيطرة حركة طالبان على أفغانستان، شهدت البلاد سلسلة تفجيرات أودت بحياة مئات الأشخاص بينهم مسؤولون، وقد تبنّى تنظيم الدولة عديداً منها.

ووقعت عدة انفجارات مميتة في مساجد خلال صلاة الجمعة، في الأشهر القليلة الماضية، وأعلن التنظيم مسؤوليته عن بعضها.

ففي 23 سبتمبر 2022، وقع تفجير مسجد وزير أكبر خان في المنطقة الخضراء بالعاصمة كابل، وأودى بحياة 19 شخصاً وأصاب 42 آخرين. وبعدها بأسبوع واحد لقي أكثر من 50 شخصاً حتفهم وأصيب 100 آخرون في هجوم انتحاري استهدف مركزاً تعليمياً غربي العاصمة كابل.

وفي 4 فبراير 2023، أُصيب شخصان إثر انفجار سيارة مفخخة بالقرب من طريق بشتونستان القريب من القصر الرئاسي وعدد من المقار الحكومية في كابل.

كما قتل 21 شخصاً، بينهم 3 عناصر من حركة طالبان، في انفجار وقع قرب مقر وزارة الخارجية الأفغانية، في العاصمة كابل، في 11 يناير الماضي.

وتسلط هذه الهجمات الضوء على التحديات الأمنية التي تواجه الحكومة التي شكلتها حركة طالبان بعد تفكك الحكومة السابقة الموالية للرئيس أشرف غني، الذي غادر البلاد قبيل وصول مقاتلي الحركة إلى كابل، من دون مقاومة.

ويرى أبو هنية أن هذه الحوادث المتواصلة وهذا الفشل من حكومة طالبان مع استمرار العقوبات الغربية على البلاد يعني 'مزيداً من عزل الحركة عن العالم؛ لأنها لا تشجع الدول على البقاء في ظل هذه المخاطر الكبيرة'.

ومنذ وصول الحركة للحكم، أكدت دول الخليج مراراً استعدادها لتقديم المساعدات والتعامل مع الحركة في حال نفذت ما تعهدت به من تحقيق الأمن والاستقرار ورعاية حقوق الإنسان وضمان حقوق المرأة وعدم إعادة البلاد إلى ملاذ للجماعات المتطرفة مجدداً.