اخبار قطر
موقع كل يوم -الخليج أونلاين
نشر بتاريخ: ٢٢ أيلول ٢٠٢٥
يوسف حمود - الخليج أونلاين
تميزت العلاقة بين البلدين بتوقيع سلسلة اتفاقيات دفاعية وأمنية منذ أوائل التسعينيات
منذ ثلاثة عقود تكرست الشراكة الدفاعية بين قطر والولايات المتحدة كإحدى الركائز الأساسية للأمن الإقليمي في الخليج، إذ تحولت قاعدة 'العديد' الجوية إلى نقطة ارتكاز عسكرية رئيسية للقوات الأمريكية، تستضيف ما يقارب 10,000 جندي وتدير عمليات حيوية في الشرق الأوسط.
وقد تميزت العلاقة بين البلدين بتوقيع سلسلة اتفاقيات دفاعية وأمنية منذ أوائل التسعينيات، مكنت من تطوير تعاون عسكري واسع شمل التدريب واللوجستيات والاستخبارات، كما ترافق ذلك مع صفقات أسلحة ضخمة تجاوزت قيمتها 100 مليار دولار منذ عام 2014، مما عزز القدرات الدفاعية القطرية وربطها بمنظومات متقدمة أمريكية.
وبعد أقل من أسبوع على الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف قطر، في 9 سبتمبر، وأثار إدانات عربية ودولية واسعة، خرج وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو بإعلانه أن بلاده والدوحة تقتربان من إبرام اتفاق دفاعي جديد معزز، في خطوة تعكس أبعاد الشراكة العسكرية بين الطرفين وسط تصاعد التوترات الإقليمية.
تصريح أمريكي
تصريحات الوزير الأمريكي جاءت فجر الثلاثاء 16 سبتمبر، قبيل مغادرته 'إسرائيل' متجهاً إلى الدوحة، حيث قال: إن 'الولايات المتحدة وقطر أوشكتا على استكمال اتفاق جديد للتعاون الدفاعي، في ظل تزايد المخاطر الإقليمية'، بحسب ما نقلته وكالة 'فرانس برس'.
وأضاف أن 'قطر الدولة الوحيدة القادرة على التوسط بشأن غزة'، لافتاً إلى أن على الدوحة أن تقرر إن كانت ستواصل هذا الدور 'بعد ما حصل الأسبوع الماضي'.
وأكد الوزير الأمريكي: 'نريد منهم أن يعلموا أنه إذا كانت هناك دولة في العالم يمكنها المساعدة في إنهاء هذا عبر مفاوضات فهي قطر'.
ويأتي هذا الإعلان في وقت حساس، إذ تتعرض قطر لضغوط متزايدة بعد الاستهداف الإسرائيلي، بينما تحاول تثبيت موقعها كوسيط رئيسي في المفاوضات حول غزة، كما يرسخ الاتفاق المرتقب حضورها كشريك استراتيجي لواشنطن في مجالات الدفاع والأمن الإقليمي.
أهداف أمريكا
يقول الباحث السياسي سالم الجهوري إن إعلان وزير الخارجية الأمريكي اتفاقاً دفاعياً وشيكاً بين الولايات المتحدة وقطر جاء بعد الاعتداء الإسرائيلي الأخير على الدوحة، ونتيجة للاتصال الهاتفي الذي أجراه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وكذلك اللقاء الذي عقده مع رئيس الوزراء ووزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني خلال مشاركته في اجتماعات الأمم المتحدة.
ويضيف لـ'الخليج أونلاين' أن بعض الدول لا ترغب في صدور إدانات عربية جماعية تزعج الشارع، فيما يتساقط يومياً في غزة عشرات المدنيين بين 80 و100 شخص، وسط توسع العمليات الإسرائيلية للضغط على حركة 'حماس'.
ويشير الجهوري إلى أن مثل هذه الاتفاقيات قد تفتح الباب لاتفاقيات مشابهة مع السعودية أو البحرين أو مصر أو الأردن، لكن التعاطي معها يجب أن يكون بحذر، 'لأن واشنطن لن تخوض مواجهة مع إسرائيل من أجل دولة عربية'.
وتساءل: 'لماذا لا تكون هذه الاتفاقية مع مجلس التعاون ككل بدلاً من الاقتصار على دولة واحدة؟'.
وختم الجهوري بالقول إن الوحدة العربية والإسلامية باتت ضرورة قصوى في هذه المرحلة، معتبراً أن البدائل تكمن في بناء قوة ردع اقتصادية وأمنية وعسكرية مشتركة، تضم دول الخليج وتركيا وإيران والشام ومصر وشمال أفريقيا وصولاً إلى آسيا، بما يضع حداً لتفرد الاحتلال.
لا تأثير على العلاقات
فيما يقول ديفيد دي روش، أستاذ مركز الدراسات الاستراتيجية للشرق الأدنى وجنوب آسيا، والزميل غير المقيم الأول في منتدى الخليج الدولي، إن محاولة الاغتيال الإسرائيلية الأخيرة لن يكون لها تأثير طويل الأمد على الوجود الأمريكي أو على العلاقات الدفاعية بين الولايات المتحدة وقطر.
وأوضح دي روش في تقرير نشره منتدى الخليج، أن العلاقة بين واشنطن والدوحة متينة، مشيراً إلى عقود من الشراكة تشمل التدريب والتثقيف الأمني والمشتريات العسكرية.
ويؤكد أن مثل هذه الحوادث 'يُنظر إليها في قطر على أنها مرتبطة أكثر بإسرائيل منها بالولايات المتحدة'، مشدداً على أن أي قلق قطري 'سيكون جزءاً من استياء أوسع تجاه سلوك إسرائيل'، دون أن يؤثر ذلك على متانة العلاقة القطرية الأمريكية، التي وصفها بأنها 'إيجابية للغاية'.
اتفاقيات كبيرة
وفقاً لتقارير رسمية من وزارة الخارجية الأمريكية والكونغرس، هناك عدة اتفاقيات رئيسية للتعاون الدفاعي والعسكري الموقعة بين البلدين حتى الآن (بما في ذلك الاتفاق الرئيسي وامتداده وغيره من الاتفاقيات الفرعية).
هذه الاتفاقيات تغطي مجالات مثل تبادل المعلومات الأمنية، واللوجستيات، والاستخبارات، والأمن البحري، فيما سيكون الاتفاق الجديد المعلن في الثامن منسبتمبر 2025، بهدف تعزيز القدرات في ظل التوترات الإقليمية، ومن ذلك الوساطة في غزة.
وقّع البلدان اتفاقية التعاون الدفاعي الأساسية عام 1992 عقب حرب الخليج، لتسمح للولايات المتحدة باستخدام المنشآت العسكرية القطرية، وعلى رأسها قاعدة 'العديد' الجوية.
شكلت هذه الاتفاقية بداية الوجود العسكري الأمريكي الكبير في قطر، وأتاحت تنسيق عمليات واسعة النطاق في العراق وأفغانستان.
في عام 2012، وُقعت اتفاقية تبادل المعلومات العسكرية السرية، التي سمحت للبلدين بتبادل البيانات الحساسة لدعم العمليات المشتركة.
جاءت هذه الخطوة لتعزيز التنسيق الاستخباري، خصوصاً في سياق الحرب ضد الإرهاب، وأسهمت في تحسين قدرة الجانبين على التعامل مع التهديدات العابرة للحدود.
وقعت الدوحة وواشنطن في 2013 اتفاقاً يتيح تبادل الدعم اللوجستي مثل الوقود والإمدادات والصيانة.
ساعدت هذه الترتيبات في تسهيل العمليات اليومية في قاعدة العديد، وضمان استمرار المناورات والتدريبات المشتركة التي تشارك فيها القوات الأمريكية والقطرية دورياً.
في العام نفسه اتفق الطرفان على تبادل المعلومات الجيومكانية، من ذلك الصور الفضائية والخرائط عالية الدقة.
عززت هذه الاتفاقية من القدرات الاستخبارية للبلدين، خاصة في متابعة التهديدات البحرية ومراقبة الأنشطة الإقليمية في الخليج.
إلى جانب الاتفاقيات الجديدة، جدد اتفاق التعاون الدفاعي عشر سنوات إضافية حتى 2023.
تضمن هذا التجديد توسيع مجالات التدريب العسكري، وتعزيز الدفاعات الجوية، فضلاً عن التزامات قطرية بتمويل مشاريع تطوير قاعدة العديد بكلفة قاربت 400 مليون دولار.
شهد عام 2014 توقيع اتفاقية أسلحة كبرى بقيمة 11 مليار دولار، شملت طائرات مقاتلة من طراز F-15 وأنظمة دفاع جوي متقدمة.
جاءت الاتفاقية لتعزيز القدرات المشتركة في مواجهة التهديدات الإقليمية، من ذلك التوترات المتصاعدة مع إيران.
في 2016، وقعت مذكرة تعاون لتأمين الاتصالات العسكرية، بما يتيح توافقاً تكنولوجياً بين الأنظمة الأمريكية والقطرية.
ساعدت هذه المذكرة على تعزيز التكامل أثناء العمليات المشتركة، خاصة في التدريبات البحرية والجوية ضمن التحالفات الدولية.
في 2020، وُقعت اتفاقية لتعزيز التعاون في الأمن البحري، مع تركيز على حماية طرق الملاحة في الخليج ومكافحة القرصنة والتهريب.
وشاركت قطر بموجبها في قوات المهام المشتركة مثل 'CTF 150' و'CTF 152'، ما عزز دورها كشريك في تأمين مضيق هرمز والممرات البحرية الاستراتيجية.
في مايو 2025، خلال جولة ترامب في الخليج، وُقعت مع قطر اتفاقيات وصفقات ضخمة، من ضمنها صفقة أسلحة دفاعية كبيرة، منها ما بلغ 42 مليار دولار، وتضمنت شراء نظام الدفاع الجوي 'THAAD' وغيرها من المعدات الدفاعية.
وتم الاتفاق أيضاًعلى صفقة لشراء طائرات 'MQ-9B' بدون طيار تزيد قيمتها على 1.9 مليار دولار تقريباً.
صفقات وجنود
إلى جانب هذه الاتفاقيات، بلغت قيمة صفقات الأسلحة بين الدوحة وواشنطن أكثر من 100 مليار دولار منذ 2014، بينها صفقة مايو 2025، تضمنت أنظمة دفاع جوي وصواريخ متطورة.
عززت هذه الصفقات القدرات العسكرية القطرية وربطتها بالمنظومات الدفاعية الأمريكية.
ويتمركز نحو 10,000 جندي أمريكي في قطر، معظمهم في قاعدة العديد الجوية التي تعد أكبر قاعدة أمريكية خارج الولايات المتحدة، حيث تشهد القاعدة تدريبات مشتركة سنوية، كما تمثل نقطة قيادة رئيسية لعمليات واشنطن في المنطقة.
على الصعيد الإقليمي، شكلت هذه الاتفاقيات دعامة أساسية للتحالف الدولي ضد تنظيم الدولة منذ 2014، كما دعمت جهود مواجهة التوترات مع إيران.
وفي الوقت نفسه ساعدت على ترسيخ مكانة قطر كوسيط دبلوماسي أساسي، خاصة في ملف غزة، حيث تعتبرها واشنطن اللاعب الوحيد القادر على التوسط بين الأطراف.