مع توالي إصلاحاتها.. هكذا تحولت دول خليجية ملاذاً للأثرياء والنجوم

سلمى حداد - الخليج أونلاين

الفكرة.. أصبحت دول الخليج العربي ملاذاً آمناً للأثرياء والنجوم والمشاهير على مستوى العالم في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي شهدتها خلال العقد الأخير، بالتزامن مع ما يعيشه العالم من أزمات متنامية على مختلف الأصعدة.

ويشير العديد من التقارير الدولية إلى تحول دول الخليج، خاصة السعودية والإمارات وقطر، إلى نقاط جذب لرجال الأعمال والمواهب والنجوم، لكونها تصنف من أفضل المدن للعيش، لما توفره من ظروف مثالية للحياة، إضافة إلى كون عدد كبير من المدن الخليجية مراكز أعمال إقليمية ودولية رئيسية.

تفاصيل ومؤشرات.. في سبتمبر 2022، كشف تقرير لمجلة 'إيكونوميست' الاقتصادية البريطانية عن تربع مدن خليجية على قائمة تصنيف أكثر المدن ملاءمة للعيش بالعالم.

واستند هذا التقييم إلى مؤشر نوعية الحياة الاجتماعية، ومناخ الأعمال، والبيئة، إضافة للظروف الصحية ومواجهة الأوبئة.

وفي التقييم لمنطقة الشرق الأوسط حلت أبوظبي أولاً، تلتها دبي، ثم الدوحة بالمرتبة الثالثة، وبالمركز الخامس جاءت الكويت، والمنامة سادساً، وتلتها مسقط بالمركز السابع، ثم الرياض بالمركز الثامن، وتاسعاً حلت مدينة جدة.

وارتقت الدوحة ستة مراكز في التصنيف العالمي لأكثر المدن ملاءمة للعيش، فيما قفزت الكويت تسعة مراكز، وهو أكبر تحسن في المنطقة.

وضمن أحدث التقارير سلطت صحيفة 'وول ستريت جورنال' الأمريكية الضوء على تحول دول الخليج العربي لنقطة جذب لرجال الأعمال والنجوم والمواهب.

وقالت الصحيفة الأمريكية، في تقرير نشرته في 19 مايو 2023: إن 'الخليج الغني بالنفط أصبح نقطة جذب للثروة العالمية بعد استقطاب النجوم والمواهب ورجال الأعمال في دول لا تفرض ضرائب على الدخل'.

وأضافت: 'باتت دول الخليج تجتذب المصرفيين الأوروبيين ومديري صناديق التحوط الأمريكية ومؤسسي التكنولوجيا'.

وأشارت الصحيفة إلى أن هذا الازدهار الذي حول دول الخليج لنقطة جذب يتركز في الإمارات والسعودية وقطر.

وفي 22 مايو 2023، توقع تقرير دولي حديث تسارع النمو في أعداد الأثرياء الذين يتوقع انتقالهم للإقامة في وجهات جديدة خارج بلدانهم هذا العام إلى مستويات غير مسبوقة، نتيجة لتصاعد التوترات الجيوسياسية، وتردي الأوضاع الاقتصادية، وارتفاع الضرائب، وتفشي الجريمة في العديد من دول العالم.

وقدر التقرير، الصادر عن شركة 'هينلي آند بارتنرز' للاستشارات، أن إجمالي عدد المليونيرات المتوقع هجرتهم من بلدانهم خلال عام 2023 مرشح للصعود إلى 125 ألف مليونير، مقابل 88 ألف مليونير في عام 2022، ونحو 110 آلاف في عام 2018، وقرابة 51 ألف مليونير فقط في عام 2013.

وأوضح التقرير أن دبي برزت، خلال العام الماضي، في صدارة الوجهات التي استقطبت الأثرياء، وسط توقعات بأن يتسارع هذا التوجه خلال العام الحالي.

ووفق تقرير صحيفة 'وول ستريت جورنال'، في 19 مايو 2023، فإن أرقام الصفقات العقارية المتنامية التي يبرمها المشاهير والأثرياء في دبي، والنمو الكبير في حركة الطيران الخاص، تشير إلى أن الإمارة في طريقها للاستئثار بالنسبة الكبرى من المليونيرات المنتقلين للإقامة في وجهات خارج دولهم هذا العام، متفوقة بذلك على وجهات تقليدية منافسة مثل كندا وأستراليا وسنغافورة و'إسرائيل' وسويسرا.

وقالت الصحيفة: إن 'حركة الطائرات الخاصة، التي تحمل الأثرياء والمشاهير في مطار دبي الدولي، تجسد المكانة المتنامية للإمارة كوجهة مفضلة للعيش والعمل لقائمة متنامية من الأثرياء الذين وفدوا إليها من مختلف أرجاء العالم، حيث يشهد المطار أكثر من 30 رحلة يومياً للطائرات الخاصة بالأثرياء والنجوم وكبار رجال الأعمال'.

ولكن ما أسباب هذا التوجه الكبير لدول الخليج العربي للعيش أو الاستثمار؟ 'وول ستريت جورنال' قالت في تقريرها إن استضافة قطر التاريخية لنهائيات بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022 سمحت لكثير من الأجانب بزيارتها والاطلاع على ظروف الحياة المثالية فيها، ما يجعلها تستقبل المزيد من الزوار والمقيمين.

وذكرت الصحيفة أن الإمارات والسعودية تبحثان عن طرق لمواصلة الازدهار حتى بعد انخفاض أسعار النفط، إذ تعملان على تحرير اقتصادهما من خلال سياسات هجرة أكثر مرونة لجذب مزيد من السياح والعمال الأجانب من جميع أنحاء العالم.

وأشارت إلى أن الإمارات، التي يشكل الأجانب 90% من سكانها، خفضت الضرائب على الكحول، وسمحت لغير المتزوجين بالعيش معاً، وأصدرت تأشيرات جديدة تشجع الناس على البقاء مدة أطول.

كما ألغت الدولة تجريم حمل منتجات الماريغوانا إلى البلاد، وأشارت إلى أن تحركاتها التالية ستكون نحو السماح بالكازينوهات، على حد وصف الصحيفة.

وبخصوص السعودية أشارت إلى أنه 'من المتوقع أن تلغي المملكة قريباً الحظر المفروض على الكحول بعد أن أدخلت إصلاحات اجتماعية، خلال السنوات الماضية'.

وسمحت المملكة بالفعل للنساء بقيادة السيارات، وللرجال والنساء بالاختلاط في الأماكن العامة بعد أن كان ذلك ممنوعاً، حسبما جاء في الصحيفة.

كما تسعى أيضاً إلى محاولة جذب السياح بعد تأسيس شركة طيران جديدة للتنافس مع الناقلات الناجحة بالمنطقة.

تقرير شركة 'هينلي آند بارتنرز' للاستشارات تحدث أيضاً عن أسباب متقاربة لجاذبية دول الخليج العربي، لكنه ركز على مدينة دبي.

وقال التقرير إن من هذه المقومات أن دبي خلال الفترة الماضية منحت تسهيلات متعددة لتأشيرات الإقامة طويلة الأمد، وكذلك تأشيرات الزيارة، وهو ما عزز من جاذبيتها للخبراء والمختصين الأفراد، وللمستثمرين العقاريين.

وذكر أن القطاع العقاري في دبي يأتي بمقدمة عوامل الجذب للأثرياء، حيث تزخر الإمارة بعقارات فائقة الفخامة ذات مساحات شاسعة وتصاميم مبتكرة في مجمعات سكنية راقية وحصرية.

وأشار التقرير إلى أن دول الخليج عموماً، وخاصة الإمارات، توفر كل ما يحتاج إليه المرء من مقومات العيش، بما يشمل الأمن والأمان والانفتاح الثقافي والاستقرار الاقتصادي والمالي والسياسي.

وفي مقال كتبه الخبير الاقتصادي القطري عبد الله الخاطر، في يناير الماضي، حول جاذبية دولة قطر، قال: إن 'قطر من أفضل الاقتصاديات العالمية، وهذا من أهم العوامل التي تجعلها جاذبة للعيش'.

وأضاف الخاطر، في المقال الذي نشرته صحيفة 'الراية' المحلية: إن 'قطر على مدار الـ12 عاماً الماضية شهدت حشد الطاقات وتنفيذ مشروعات عملاقة في مختلف القطاعات، وقد تكللت هذه الجهود بتنظيم أفضل بطولة في تاريخ المونديال، ما ساهم في ترسيخ مكانة الدولة كوجهة جاذبة لرؤوس الأموال الأجنبية'.

وأضاف أن قطر تتمتع بالاستقرار الاقتصادي والعملة الوطنية، وشهدت البنية التحتية تطويراً شاملاً.

الخبير الاقتصادي حسام عايش، في قراءته لهذه المؤشرات، قال: إن 'دول الخليج تملك قدرة استثنائية على جذب رواد الأعمال والمشاهير والنجوم وغيرهم لأسباب مختلفة ترتبط بكل مدينة ودولة'.

وأضاف عايش: 'دبي على سبيل المثال تجذب الأثرياء لأسباب تتعلق بالضرائب المنخفضة والقيود القليلة على حركة الأموال، لدرجة أن هناك مؤسسات ومنظمات دولية، بينها الاتحاد الأوروبي ومنظمة الشفافية الدولية، وضعت الإمارات ضمن التصنيفات المتعلقة بشبهات غسل الأموال'.

وأشار إلى أن السعودية أيضاً بدأت تشكل عاملاً منافساً للإمارات في جذب الأثرياء للاستثمار والعيش فيها.

وذكر أن السعودية تتحول سريعاً إلى مركز مالي إقليمي، وتواصل طريقها لتكون مركزاً مالياً عالمياً يحظى بالثقة والقدرة على الجذب، ما سيمنحها قدرة على جذب رجال الأعمال وأصحاب الثروات الهائلة للعيش فيها.

وأوضح أن المملكة حالياً تعمل على قراءة احتياجات الأثرياء ورواد الأعمال وما يمكنها أن تقدمه لهم.

ولفت إلى أن قطر تملك ذات العوامل المرتبطة بالتطور الاقتصادي والبنية التحتية وقطاعات الترفيه والصحة وغيرها، ما يتيح ظروفاً مثالية لعيش الأثرياء والنجوم وغيرهم.

ما الفائدة من كل ذلك؟.. يرى الخبير الاقتصادي أن جاذبية المدن الخليجية لعيش الأثرياء والمشاهير ورواد ورجال الأعمال تجعلها وجهة عالمية للسياح والاستثمارات الأجنبية في الوقت ذاته، وهو ما يحقق أهداف هذه الدول بتنويع اقتصادها.

وقال: إن 'رؤية النجوم والمشاهير في شوارع المدن الخليجية بالتأكيد ستدفع محبيهم حول العالم لزيارة هذه المدن، ما يعني تطوير السياحة بشكل كبير لتتحول إلى أحد أهم مصادر الإيرادات العامة للدولة'.

وأشار إلى أن وجود رجال الأعمال ورواد الأعمال في دول الخليج يعني انتقال استثماراتهم أو جزء كبير منها إلى هذه الدول، علاوة على تشجيع رجال أعمال آخرين لضخ استثمارات بالبلدان الخليجية نظراً للثقة التي صارت تحظى بها.