ما دلالات وأبعاد زيارة وزير خارجية عُمان لرام الله؟

كامل جميل - الخليج أونلاين

في وقت تعيش فيه الضفة الغربية المحتلة توترات متزايدة نتيجة الاعتداءات المستمرة لقوات الاحتلال الإسرائيلي، تُثبت سلطنة عُمان من خلال زيارة وزير خارجيتها لرام الله، دعمها للفلسطينيين؛ ما يضيف إلى موقف السلطنة المؤيد لإقامة دولة فلسطينية مستقلة ورفض ممارسات الاحتلال.

ووصل وزير خارجية سلطنة عُمان، بدر البوسعيدي، يوم (7 يوليو 2023)، إلى مدينة رام الله وسط الضفة الغربية، قادماً من الأردن، حيث سلم رسالة من السلطان هيثم بن طارق، إلى الرئيس الفلسطيني محمود عباس تتعلق بالعلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين وسبل تعزيزها، بحسب بيان وزارة الخارجية العُمانية.

نقل البيان عن البوسعيدي تأكيده دعم سلطنة عُمان الثابت لحق الشعب الفلسطيني في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من يونيو 1967، وفقاً لحل الدولتين ومبدأ الأرض مقابل السلام وقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية.

حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم حفظه الله ورعاه يبعث برسالة خطية إلى فخامة الرئيس محمود عباس رئيس دولة فلسطين.

جرى خلال اللقاء 'استعراض المستجدات التي تشهدها الساحة الفلسطينية والتطورات على الصعيدين الإقليمي والدولي، والجهود التي تبذل لوقف التصعيد وكافة أعمال العنف وتحكيم العقل والمنطق والقانون الدولي في سبيل دفع المجتمع الدولي نحو دعم جهود استئناف عملية السلام'.

كما تم تأكيد 'المصالح العليا للشعب الفلسطيني وتحقيق تطلعاته في الاستقلال والحرية والأمن والاستقرار'، وفق البيان.

بدورها أفادت وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا)، بأن البوسعيدي عقد لقاءات منفصلة مع رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية، ورئيس الهيئة العامة للشؤون المدنية أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ، ورئيس جهاز المخابرات العامة الفلسطينية ماجد فرج.

وقالت وزارة الخارجية الفلسطينية، إن وزير الخارجية والمغتربين رياض المالكي، وقع مع البوسعيدي اتفاقية إنشاء لجنة للتشاور والتعاون الثنائي بين حكومتي البلدين.

موقف ثابت

لسلطنة عُمان موقف ثابت تجاه القضية الفلسطينية، حيث تشترط على الحكومة الإسرائيلية تبني رؤية للسلام الرامي إلى اتخاذ خطوات ملموسة تتلاقى مع تطلعات الشعب الفلسطيني إلى إقامة دولته المستقلة بعاصمتها القدس الشرقية، بحسب ما قاله وزير الخارجية العُماني بدر البوسعيدي، في يونيو 2021.

وسبق أن دعت السلطنة في كلمة أمام مجلس الأمن الدولي في أبريل 2022، إلى دور دولي أكثر فاعلية لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية المحتلة، وفقاً لقرارات الشرعية الدولية، خاصةً قرارَي مجلس الأمن '224' و'338'.

وأعربت عُمان عن استنكارها وإدانتها للممارسات الاستفزازية واللامشروعة التي تمارسها سلطات الاحتلال في الأراضي الفلسطينية واقتحاماتها للمسجد الأقصى المبارك والحرم القدسي الشريف.

بدورها كانت 'تل أبيب' حاولت ضم مسقط إلى قطار التطبيع مع 'إسرائيل' لكن موقف السلطنة بقي ثابتاً.

من بين هذه الخطوات كانت عبر طلب 'إسرائيل' فتح الأجواء العمانية أمام طائراتها المدنية، بعدما وافقت الرياض على قرار مماثل خلال زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للمملكة في يوليو 2022.

وقال موقع 'أكسيوس' الأمريكي في 17 نوفمبر الماضي، إن لقاءً جمع مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان، ووزير الخارجية أنتوني بلينكن، بوزير الخارجية العماني؛ لمناقشة فتح مجال بلاده الجوي أمام الطائرات الإسرائيلية.

وبحسب المصدر، أشار مسؤولون أمريكيون وإسرائيليون إلى أن عدم الحصول على إذن من سلطنة عمان باستخدام مجالها الجوي للرحلات المتجهة شرقاً إلى الهند والصين، يجعل الخطوة السعودية بلا معنى.

وعلى الرغم من أن السلطنة أعلنت في 23 فبراير الماضي، أنها تسمح للطيران الإسرائيلي بعبور أجوائها فإنها أكدت أن ذلك سيكون فقط عبوراً دون السماح له بالهبوط على أراضيها.

موقف شعبي وبرلماني

ويتوافق مع الرأي الرسمي الرأي الشعبي والبرلماني، وهو ما أكده مجلس الشورى العماني حين ناقش في ديسمبر الماضي، تعديل قانون 'التعامل مع إسرائيل' وتشديد مقاطعتها.

التعديل المقترح يحظر على جميع الجهات الخاصة أو الأشخاص الاعتباريين أو غيرها التعامل مع 'إسرائيل' في جميع المجالات.

واستهدف التعديل البند الأول من القانون، المتعلق بحظر الاتصال بكيانات أو أفراد في دولة الاحتلال.

وتنص المادة الأولى على أنه 'يُحظر على كل شخص طبيعي أو اعتباري أن يعقد بالذات أو بالواسطة اتفاقاً مع هيئات أو أشخاص مقيمين في إسرائيل أو منتمين إليها بجنسيتهم أو يعملون لحسابها أو لمصلحتها أينما أقاموا، وذلك متى كان محل الاتفاق صفقات تجارية أو عمليات مالية أو أي تعامل آخر أياً كانت طبيعته'.

وتنص أيضاً على أن الشركات والمنشآت الوطنية والأجنبية التي لها مصالح أو فروع أو توكيلات عامة بـ'إسرائيل' تعتبر في حكم الهيئات والأشخاص المحظور التعامل معهم حسب ما تقرره وزارة الاقتصاد وفقاً لعقوبة التطبيع لتوصيات مؤتمر ضباط الاتصال.

يضاف إلى هذا كله الموقف المؤيد والمساند من قبل مفتي السلطنة الشيخ أحمد بن محمد الخليلي، الذي يعلن باستمرارٍ وقوفه إلى جانب الفلسطينيين ومقاومة الاحتلال الإسرائيلي.

حاضنة خليجية داعمة

يرى المحلل السياسي محمد وتد، في حديثه لـ'الخليج أونلاين'، أن زيارة البوسعيدي، على الرغم من كونها بروتوكولية فإنها لا تخلو من أهمية.

ويفيد 'وتد' بأن التوقيت أعطى الزيارة أهمية، وهو ما يقف وراء تسليط الضوء عليها من قبل وسائل الإعلام؛ 'لكونها تأتي في ظل تصاعد العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، والتحريض الإسرائيلي على السلطة الفلسطينية'.

ووفق 'وتد'، فإن زيارة وزير الخارجية العماني زيارة تضامنية، مؤكداً وجود أهمية لمثل هذه الزيارات العربية والخليجية للفلسطينيين سواء في الضفة أو قطاع غزة.

ويتعرض الفلسطينيون باستمرار لاعتداءات كبيرة وواسعة من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، أحدثها عاشته جنين، التي انسحب جيش الاحتلال الإسرائيلي منها، فجر (5 يوليو 2023)، بعد 48 ساعة من عدوان عسكري واسع، ارتقى خلاله 12 شهيداً وأكثر من 120 جريحاً، في حين قتل جندي إسرائيلي وأصيب آخرون.

وعليه يرى 'وتد' أن لزيارة البوسعيدي أهميتها وثقلها، لكنه يستدرك أن الزيارات من هذا النوع ونتائجها 'لن تؤثر على السياسات الإسرائيلية الاحتلالية الاستعمارية ولن تلجم العدوان الإسرائيلي أو التصدي لتغول الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني'.

ويبرز هنا الدعم العُماني للسلطة الفلسطينية في تأكيد لوجود حاضنة عربية أو خليجية داعمة، لم تمنع انهيارها وتعمل على دعمها، بحسب 'وتد'.

سلطنة عُمان التي اشتهرت بأداء أدوار الوساطة الدولية الناجحة، قد تكون لها خطوة في هذا الصدد، وقد تدفع الجانب الفلسطيني في ذلك الاتجاه لعقد قمة بين محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، نتيجة علاقتها الجيدة مع السلطة الفلسطينية، وقد يدخل طرف آخر لإقناع الجانب الإسرائيلي.

 وحول ذلك يقول محمد وتد، إن انعقاد مثل هذه القمة 'يبدد التوتر بين الإسرائيليين والفلسطينيين وحملة التحريض الإسرائيلي على السلطة الفلسطينية'.

وفي 18 مايو 2023 التقى وكيل وزارة الخارجية للشؤون الإدارية والمالية العُماني، محمد بن ناصر الوهيبي، مع الممثل الخاص للاتحاد الأوروبي لعملية السلام في الشرق الأوسط، سفين كوبمانز، بالعاصمة مسقط، وبحثا تطورات الأوضاع في المنطقة، وفق بيان أوردته الخارجية العُمانية.

وأفادت الخارجية العُمانية بأن الجانبين ناقشا الموقف الراهن بشأن عملية السلام بالمنطقة وآفاقها المستقبلية والتعاون بين الجانبين.

وتتمثل مهمة الممثل الأوروبي الخاص لعملية السلام بالشرق الأوسط في تقديم مساهمة فعالة للتسوية النهائية للصراع الإسرائيلي الفلسطيني على أساس حل الدولتين، بحسب ما أعلنه الاتحاد في بيان رسمي عام 2021، وقال إنه 'سيواصل الاتصالات الوثيقة مع جميع الأطراف في عملية السلام، وكذلك مع الأمم المتحدة والمنظمات الأخرى ذات الصلة، مثل جامعة الدول العربية'.