هل تعيش مياه الخليج حرباً باردة يقودها المهربون؟

سلمى حداد - الخليج أونلاين

- ما الذي يتم تهريبه عبر مياه الخليج؟

الأسلحة والمواد المخدرة والوقود من أبرز ما يتم تهريبه.

- ما أحدث الإجراءات لمحاربة ذلك؟

أعلنت الولايات المتحدة تخصيص مكافأة لمن يقدم معلومات عن المهربين في مياه الخليج.

في مياه الخليج العربي وبحر العرب الهادئة منذ عقود طويلة تشتعل حرب خفية بين المهربين من جهة، وقوات دول مجلس التعاون الخليجي وإيران المحاذية والأسطول الأمريكي الخامس الذي يتمركز هناك، من جهة أخرى.

وأصبحت هذه المياه رغم هدوئها تشكل مصدر قلق للدول الخليجية وحليفتها الولايات المتحدة، إذ تمثل ممراً أساسياً لعمليات تهريب المخدرات إليها والأسلحة إلى مناطق التوتر العسكري بالمنطقة.

وبين الحين والآخر تنفذ دول الخليج العربي وقيادة الأسطول الأمريكي الخامس مناورات عسكرية وحملات أمنية في مياه الخليج وبحر العرب، في محاولة لتضييق الخناق على المهربين في هذه المنطقة الحساسة.

مكافأة أمريكية

أحدث هذه الإجراءات كان ما أعلنته الولايات المتحدة، في 4 يوليو 2022، بتخصيص مكافأة لمن يقدم معلومات عن المهربين في مياه الخليج.

وقال تيم هوكينز، المتحدث باسم الأسطول المتمركز في المنامة، لقناة 'الحرة' الأمريكية، إنه 'سيتم تقديم مكافآت تصل إلى 100 ألف دولار لمن يقدم معلومات تساعد على مصادرة الأسلحة وغيرها من الأشياء التي يجري تهريبها من مياه الخليج.

وقال هوكينز: إن 'هذه المكافآت تأتي ضمن برنامج جديد تم إطلاقه لمكافحة التهريب في مياه الشرق الأوسط'.

وأضاف: 'المكافآت ستقدم لمن يدلون بمعلومات يمكن أن تساعد البحارة في اعتراض الأسلحة والمخدرات وغيرها من الشحنات غير المشروعة في أنحاء المنطقة'.

وتابع المسؤول الأمريكي: 'كل هذه ممرات مائية مهمة سنبذل قصارى جهدنا لضمان أمن المنطقة واستقرارها، وتوفير حماية لانتقال السلع حول العالم'.

من جانبها، قالت وكالة 'أسوشييتد برس' الأمريكية، إن القرار قد يزيد الضغط على تدفق الأسلحة الإيرانية إلى الحوثيين، حيث لا يزال وقف إطلاق النار هشّاً في اليمن.

وفي وقت سابق، قال الأسطول الأمريكي الخامس، إنه اعترض 9 آلاف قطعة سلاح خلال 2021، أي ثلاثة أضعاف ما تم ضبطه في 2020، إضافة إلى مخدرات تقدر بـ500 مليون دولار، تعادل ما تم ضبطه في السنوات الأربع السابقة.

وعلى الرغم من حظر الأسلحة الذي يفرضه مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على اليمن، تنقل إيران منذ مدة طويلة البنادق والقذائف الصاروخية والطائرات المسيرة، وغيرها من الأسلحة إلى جماعة الحوثيين.

عملية استهداف

وفي تعليقه على هذا القرار يقول الخبير الاستراتيجي عامر السبايلة: 'لا شك أن طول أمد الأزمة اليمنية ووجود مليشيات في البلاد، سواء جماعة الحوثي أو مليشيات أخرى، أدت إلى أن يكون هذا البلد جاذباً لعمليات التهريب'.

وأضاف السبايلة، في حديثه لـ'الخليج أونلاين': 'أي منطقة يفتح فيها الصراع تتحول إلى جزء من اهتمام شبكات التهريب العالمي، سواء على السلاح أو المخدرات'.

وتابع: 'هناك أيضاً في السنوات الأخيرة عمليات استهداف مباشرة لدول الخليج، أي عبر استهداف سلامة المياه الإقليمية بالخليج من خلال حوادث استهداف السفن والبواخر، أو استهداف دول المنطقة مباشرة عبر المليشيا، إضافة إلى استهدافها بتهريب المواد المخدرة إليها، وكل ذلك بهدف نقل المنطقة لحالة لااستقرار'.

ورأى الخبير الاستراتيجي أن هناك عدة عناصر وأطراف ترغب في الإبقاء على الأزمة مفتوحة، أو دعم مليشيات موجودة، ومن ثم تتشكل طرق جديدة تربط الخليج مع مناطق اعتادت التهريب أو تشكلت فيها طرق ثابتة للتهريب، لذلك تتحول هذه المناطق (مياه الخليج) إلى كثافة في موضوع استهدافها بنقل الأسلحة والمخدرات وغيرها.

ويوضح أن 'المنطقة تتمتع بموقع جغرافي يتوسط العالم، يجعلها جزءاً مهماً من طرق التهريب الدولية'.

حرب متواصلة

وفي أبريل الماضي، أعلنت البحرية الأمريكية، في بيان، أنها شكلت قوة جديدة متعددة الجنسيات في منطقة الخليج ستتصدى لتهريب الأسلحة في مياه الخليج.

وقال قائد الأسطول الأمريكي الخامس، نائب الأميرال براد كوبر: إن 'القوة العسكرية الجديدة ستعمل على ضمان وجود ردع في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن'.

وأضاف كوبر: 'هذه مياه مهمة من الناحية الاستراتيجية تستدعي اهتمامنا'.

وكانت وكالة رويترز للأنباء قد نقلت، في العام 2017، عن مصادر مطلعة القول إن 'الحرس الثوري الإيراني يستخدم ممراً جديداً عبر الخليج لنقل شحنات أسلحة سرية إلى الحوثيين حلفائه في الحرب الأهلية اليمنية'.

وذكرت المصادر أن إيران ترسل أسلحة ومستشارين عسكريين إلى الحوثيين، إما مباشرة إلى اليمن أو عبر الصومال.

غير أن ذلك المسار كان ينطوي على مجازفة بالاحتكاك بسفن البحرية الدولية، التي تقوم بدوريات في خليج عمان وبحر العرب، وفق المصادر نفسها.

وفي هذا المسار تنقل سفن إيرانية عتاداً إلى قوارب أصغر في أعلى الخليج حيث تواجه تدقيقاً أقل.

وقالت المصادر إن تسليم وتسلم الشحنات يتم في المياه الكويتية وفي ممرات ملاحية دولية قريبة منها.

من جانبه، قال مسؤول إيراني كبير للوكالة البريطانية: إنه 'يتم تهريب أجزاء الصواريخ وبطاريات الإطلاق والمخدرات إلى اليمن عبر المياه الكويتية'.

وأضاف: 'أحياناً يستخدم هذا الطريق لنقل النقود أيضاً'.

وفي ديسمبر الماضي، ضبطت البحرية الأمريكية في مياه الخليج شحنة أسلحة على متن سفينة صيد مصدرها إيران، ويُعتقد أنّها كانت في طريقها إلى الحوثيين.

وتتألف الشحنة، بحسب بيان الأسطول الخامس الأمريكي، من نحو 1400 رشاش من طراز 'إيه كيه-47'، وأكثر من 226 ألف طلقة ذخيرة.

وأوضح أن 'سفن الأسطول عثرت على الأسلحة أثناء عملية تفتيش أجراها أفراد من خفر السواحل الأمريكي، وتم نقل الأسلحة والذخيرة غير المشروعة في وقت لاحق إلى مدمّرة للتخلص منها نهائياً'.

وحددت البحرية الأمريكية، وفق البيان نفسه، مصدر السفينة إيران، وقد عبرت المياه الدولية على طول طريق 'يُستخدم تاريخياً لتهريب الأسلحة بشكل غير قانوني إلى الحوثيين في اليمن'.

المخدرات والوقود

وفيما يتعلق بتهريب المخدرات، فقد أعلنت البحرية الفرنسية العاملة ضمن القوات الدولية بقيادة الأسطول الأمريكي الخامس في مياه الخليج، في فبراير 2022، عن ضبط 271 كيلوغراماً من الهيرويين على متن زورق في خليج عمان.

ويقوم التحالف الدولي متعدد الجنسيات، الذي يضم 34 دولة، بينها فرنسا والولايات المتحدة، بدوريات في مساحة تشمل أكثر من 8 كيلومترات مربعة، من المياه الدولية في الخليج، وتستهدف تحركات إيران خصوصاً.

كما أعلنت البحرية الأمريكية، في ديسمبر الماضي، ضبط نحو 400 كيلوغرام من الهيرويين تقدّر قيمتها في السوق بنحو 4 ملايين دولار على متن سفينة صيد لا ترفع راية أيّ بلد كانت تعبر الخليج.

واعترضت القوات البحرية المشتركة بقيادة السعودية، في العام 2020، شحنة مخدرات يفوق وزنها 900 كيلوغرام، في المياه الدولية لبحر العرب، حسب وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس).

ولا يقتصر الأمر على الأسلحة والمخدرات، فقد تمكنت عناصر من حماية الحدود الكويتية، في مايو الماضي، من ضبط سفينة في عرض مياه الخليج العربي محملة بـ 240 طناً من وقود الديزل.

وأفادت الإدارة العامة للعلاقات والإعلام الأمني في بيان نشرته عبر موقعها، بأنه 'في إطار جهود رجال الإدارة العامة لخفر السواحل لحماية حدود البلاد من المتسللين والمهربين، وأثناء قيام وحدات خفر السواحل بتفقد الحالة الأمنية في المياه الإقليمية الكويتية، تم ضبط سفينة محملة بكمية كبيرة من وقود الديزل المهربة تقدر بنحو 240 طناً'.

وبحسب البيان، جرى تحريز المضبوطات وإحالتها والمهربين إلى جهات الاختصاص لاتخاذ الإجراءات اللازمة بحقهم.