الثانية خلال شهر.. ما وراء زيارة أردوغان المرتقبة إلى الخليج؟

يوسف حمود - الخليج أونلاين

الكويت، وعُمان، والبحرين.

 تأتي بعد شهر من زيارة قام بها إلى الخليج.

السعودية، وقطر، والإمارات.

فتحت الجولة الأخيرة التي أجراها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى منطقة الخليج في منتصف يوليو الماضي، آفاقاً لتطوير العلاقات التركية الخليجية إلى مستويات الشراكة الاستراتيجية الشاملة، وسعياً لتكامل في جميع المجالات.

واستهدفت الزيارة الأولى، التي شملت السعودية وقطر والإمارات، فتح بوابة جديدة لاستكمال توسيع العلاقات وبداية لمرحلة جديدة يشكل التعاون الاقتصادي والتجاري عنوانها الأبرز ورافعتها الرئيسة، إضافة إلى التعاون في مجالات الأمن والدفاع ومواءمة السياسات الإقليمية.

ويعتزم الرئيس التركي القيام بجولة جديدة إلى الخليج، وهذه المرة ستشمل بقية الدول التي لم يزرها، وهنا يدور الحديث حول الكويت، وعُمان، والبحرين، ويمكن أن يكون عنوانها الاقتصاد والاستثمار، فما التوقعات للتوسع المرتقب في علاقات أنقرة مع هذه الدول الخليجية؟ وهل تشهد توقيع اتفاقيات كما في زيارته السابقة؟

إعلان زيارة

بعد مرور أقل من شهر على زيارته لمنطقة الخليج، كشفت صحيفة تركية عن اعتزام الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إجراء جولة خليجية ثانية تشمل أيضاً العراق، في وقت لاحق من شهر أغسطس الجاري.

ونقلت قناة 'سي إن إن تورك' التركية عن مصادر –لم تسمها- (5 أغسطس 2023)، أن 'جدول جولة الرئيس أردوغان يتضمن زيارات للبحرين وسلطنة عُمان والكويت والعراق'.

وذكرت أنه 'من المتوقع أيضاً أن يقوم أردوغان بزيارة رسمية لألمانيا كذلك في سبتمبر المقبل'.

وهذه الجولة هي الثانية للرئيس التركي إلى الخليج خلال شهر، حيث أجرى بين 17 و19 يوليو المنقضي جولة شملت السعودية وقطر والإمارات، برفقة وفد كبير من الوزراء والمسؤولين ورجال الأعمال.

وشهدت السنوات الأخيرة تطورات سريعة في العلاقات بين تركيا ودول الخليج العربي، قادها تعزيز العلاقات الاقتصادية والسياسية بين هذه الدول، بعد توتر شهدته السنوات الماضية منذ منتصف 2017 بين تركيا والإمارات والسعودية والبحرين، قبل أن تعود تلك العلاقات تدريجياً خلال العامين الأخيرين، فضلاً عن العمل على تطويرها وتقويتها.

بين التوتر والاستمرارية

والتقارب بين المنامة وأنقرة تأخر مقارنة بالتقارب مع الرياض وأبوظبي، لكن تصريحات صدرت من الجانبين بعد فوز أردوغان أشارت بوضوح إلى أن العلاقات البحرينية التركية مقبلة على تطور كبير، وسط حرص من البلدين على تعزيز التعاون والتبادل التجاري.

وقبل الأزمة كان البلدان قد وقعا 38 اتفاقية ومذكرة تفاهم في عديد من المجالات المختلفة؛ مثل الشباب والتعليم والدفاع والصناعة.

كما سجل حجم التبادل التجاري بين البلدين ارتفاعاً بنسبة 66% عام 2022، مقارنة بالعام الذي سبقه، الذي بلغ فيه 883 مليون دولار.

في المقابل، فإن العلاقات مع الكويت لم تنقطع، واستمرت خلال الأزمة بشكلٍ متصاعد. أحدث ما في هذا الشأن كان بعد أيام من فوز أردوغان بالانتخابات الرئاسية في أواخر مايو الماضي، حيث ذهبت الكويت إلى توقيع اتفاقية ضخمة مع تركيا للحصول على طائرات 'بيرقدار TB2' المسيرة.

وأعلنت وزارة الدفاع الكويتية، في يونيو 2023، تعاقدها مع تركيا لتوريد منظومة الطائرات بدون طيار بقيمة 367 مليون دولار، وذلك عن طريق التفاوض المباشر بين حكومتي البلدين دون دخول أي وسطاء.

كما سجل التبادل التجاري بين البلدين رقماً قياسياً بلغ 956 مليون دولار، فضلاً عن استثمارات الكويت في تركيا البالغة ملياري دولار.

ومثلها عُمان، فقد استمرت العلاقات خلال الأزمة الخليجية، ووقعت اتفاقيات مختلفة بين الجانبين، كان آخرها في منتصف يونيو، عندما وقعت مذكرة تفاهم بهدف تفعيل التعاون المشترك وتعزيز مجالات التدريب الجوي مع تركيا.

ووصل حجم التبادل التجاري بين تركيا وسلطنة عُمان إلى ملياري دولار خلال 2022، حيث كشف السفير التركي لدى مسقط، محمد حكيم أوغلو، (22 يوليو 2023)، أن إجمالي الواردات العُمانية من تركيا بلغ 1.58 مليار دولار، بينما بلغ إجمالي الصادرات العُمانية إلى تركيا 465 مليون دولار.

استكمال تحسين العلاقات

يصف المحلل السياسي التركي جواد غوك الزيارة المرتقبة بأنها مهمة جداً، 'لكونها تأتي في إطار استكمال تحسين العلاقات مع جميع دول الخليج'.

ويلفت إلى أن الرئيس التركي 'يعرف جيداً مدى تأثير السعودية على هذه الدول'، مشيراً إلى أن الزيارة تأتي بعد زيارته الأخيرة 'والتي كانت مفتاحاً لبقية التقارب'.

وبخصوص البحرين، التي شهدت العلاقات معها انقطاعاً خلال السنوات الماضية، يقول غوك لـ'الخليج أونلاين': 'كانت علاقته جيدة مع ملك البحرين، لكنها قطعت مع الأزمة، ويريد الآن ترميم هذه العلاقات'.

وأشار إلى أن أهمية زيارة الكويت 'لكونها تملك استثمارات في تركيا'، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن سلطنة عُمان 'تعد بلداً استراتيجياً مهماً بالنسبة لتركيا'.

ويؤكد أن حكومة تركيا برئاسة أردوغان تعمل من خلال الزيارة السابقة والقادمة على 'الانفتاح على الجميع والتطبيع مع جميع الأشقاء العرب'.

وإلى جانب ذلك، فإن من أهدافها الرئيسية، وفق المحلل السياسي التركي، توقيع اتفاقيات اقتصادية واستثمارية مختلفة؛ 'لأن تركيا بحاجة إلى الاستثمار والمال لكون الوضع حرجاً للغاية'.

جولة سابقة

محفظة صفقات اقتصادية واستثمارية وتجارية كبيرة، كانت حصيلة زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى الخليج (17-19 يوليو 2023)، والتي ركزت على الاستثمار والتمويل، أملاً في إنعاش الاقتصاد التركي الذي يئن تحت وطأة تراجع قيمة الليرة وعجز اقتصادي، وزيادة حادة في نسب التضخم.

ووافقت السعودية خلال تلك الزيارة على شراء طائرات مسيرة تركية، في أكبر عقد تصدير دفاعي وطيران في تاريخ تركيا، وتتضمن الصفقة إنتاجاً مشتركاً.

كما شكل الجانب الاقتصادي إحدى أبرز ركائز التعاون المتنامي بين تركيا والسعودية والإمارات، حيث شملت الاتفاقيات مجالات الاستثمار والصحة والزراعة، إلى جانب النقل والصناعات والتقنيات المتقدمة والعمل المناخي، إضافة إلى الثقافة والشباب وغيرها.

وجرى خلال الجولة توقيع عدد كبير من الاتفاقيات مع الدول الثلاث أبرزها مع الإمارات بقيمة 50.7 مليار دولار.

واعتبر أردوغان، في تصريحات لاحقة، أن الجولة الخليجية التي قام بها شكلت 'خطوة مهمة جداً' في مجال السياسة الخارجية، مشدداً على أن الزيارات كانت 'ناجحة ومثمرة للغاية'.

أما قطر فتعيش العلاقات معها أفضل أوقاتها على مختلف الصعد؛ السياسية والاقتصادية والدبلوماسية، وسط تقارب كبير سجله البلدان منذ العقد الماضي، حيث تشير الإحصائيات إلى وجود ما يزيد على 700 شركة تركية تعمل في قطر بمختلف القطاعات، بجانب 200 شركة قطرية تعمل في مجموعة واسعة من القطاعات في تركيا'، وفق وكالة 'الأناضول'.

كما زادت استثمارات قطر المباشرة في تركيا زيادة كبيرة، بـ33.2 مليار دولار، في حين بلغت قيمة المشاريع التي نفذتها شركات الإنشاءات التركية بالبنية التحتية في قطر 22 مليار دولار أمريكي.