اخبار سلطنة عُمان
موقع كل يوم -الخليج أونلاين
نشر بتاريخ: ٩ أب ٢٠٢٢
طه العاني - الخليج أونلاين
ما ترتيب عمان العالمي وبالوجهات الأكثر ودية؟
حلّت بالمرتبة الثالثة بعد المكسيك وإندونيسيا.
كم معدل الترحيب في عمان وفق آخر دراسة؟
قال 4 من 5 إنهم يشعرون بالترحيب في السلطنة.
ما سر انسجام العمانيين مع المغتربين والزوار؟
أسباب تاريخية وجغرافية وعادات اجتماعية متجذرة.
تعد سلطنة عمان من الوجهات السياحية المفضلة عالمياً؛ وذلك بالنظر لامتلاكها العديد من المقومات الطبيعية والتاريخية والثقافية، والتنوع الثريّ الذي تمتاز به المناطق العمانية.
وتجذب السلطنة كل عام ملايين السياح من مختلف أنحاء العالم، وسط جهود محلية متواصلة لنشر الوعي بالمحافظة على مقوماتها السياحية وحماية تنوّعها الغني.
الأكثر ودّية
وفي تقرير جديد حلت عمان في المركز الثالث بين أكثر الوجهات ودية في العالم؛ وذلك وفق دراسة حديثة أجرتها 'إنترنيشنز' عن أفضل 10 وجهات ودية لعام 2022، وفقاً للمغتربين الذين يعيشون في هذه الدول.
ونقلت صحيفة 'الأثير' العمانية عن موقع 'ترافل أوف باث'، في 2 أغسطس الجاري، قوله: إن 'الهدف من معرفة الوجهات الأكثر ودية لارتباط ذلك بالسفر على اعتبار أنه وسيلة رائعة لتكوين صداقات في جميع أنحاء العالم، ويعد تكوين العلاقات الجديدة أحد أعظم الكنوز التي يتمتع بها المسافرون المتحمسون، ويجعل من السفر أسلوب حياة للمهتمين بتكوين صداقات في أثناء وجودهم بعيداً عن وطنهم'.
وبحسب التقرير، فقد أفاد 2 من كل 3 مشاركين في الدراسة بأنه من السهل تكوين صداقات في عمان، كما قال 3 من أصل 4 إن التعود على الثقافة المحلية أمر سهل، وقال 4 من أصل 5 إنهم يشعرون بالترحيب في السلطنة.
وأشارت الدراسة إلى أن 63% تمكنوا من تطوير شبكة علاقات ودعم في سلطنة عمان، فيما أيدهم 34% قائلين بأنه من السهل جداً تكوين صداقات.
وحلّت المكسيك في المرتبة الأولى عالمياً، تلتها إندونيسيا، ثم سلطنة عمان والفلبين.
ترحيب بالمغتربين
وتعتبر عُمان واحدة من أكثر البلدان التي تحتفي كثيراً بالزوار والسائحين والمغتربين، إضافة إلى تميّز أهلها بالكرم والود والترحاب.
ويلفت تقرير نشرته 'BBC عربي' عام 2017 إلى أن لكرم الضيافة جذوراً راسخة في الدين الإسلامي، ولهذا يتعامل العمانيون مع الوافدين برحابة صدر، ودون تحفظ.
وتنقل عن نيكول بروير، التي تعيش في مدينة نزوى التراثية، وتوثق تجربتها في مدونتها عن الترحال، قولها: 'يحسن العمانيون عادة ضيافة الغرباء، وبسبب مرجعيتهم الإسلامية وتمسكهم بالدين فإنهم يحبون مساعدة جيرانهم، أو من يحتاجون إلى مساعدة، ولا يترددون في دعوة الغريب أو الوافد إلى منازلهم لاحتساء القهوة، أو تناول التمر، أو الفاكهة'.
من جانبها تقول ريبيكا مايستون، من نيوزيلندا، وممثلة شبكة 'إنترنيشنز' في مدينة مسقط: 'لا تفكر في الانتقال إلى عُمان إلا إذا كنت مستعداً لخوض تجربة الحياة في الهواء الطلق، فأنا أحب ألا تخلو حياتي من المغامرات، وأن أنعم بالطقس الرائع، والمناظر الطبيعية، وأتعامل مع الجنسيات المتنوعة، وأكون صداقات متعددة'.
فلسفة الود
وبعد تجربة مريرة من الاضطراب عاشتها عمان في أواسط القرن الماضي، أرسى سلطان عُمان الراحل قابوس بن سعيد فلسفة لشعبه، دعا من خلالها كل مواطن في بلاده أن يظلَّ ودُوداً مع الجميع.
وبخلاف ضجيج العواصم وسباق ناطحات السحاب لدى جيرانها الخليجيين، فضلت مسقط الحفاظ على البساطة والسكينة والهدوء، وانعكس ذلك على طبيعة أهلها وتعاملهم مع الآخرين.
ويصنف المجتمع العماني ضمن أكثر الشعوب المسالمة رغم تعدد الطوائف والمذاهب فيه، إذ يستهجن العمانيون كل من يحاول إثارة النزاعات أو انتهاج أي سلوك ذي طابع عدواني.
وتنقل صحيفة 'الوطن' القطرية عن الكاتب العماني في شؤون السياسة والثقافة، زكريا محرمي، في يناير 2020 قوله: 'في الواقع، إنه تاريخ عُمان وثقافة عُمان، كل هذه العوامل تشكل الشعب العُماني وتقاليده'.
ويشير محرمي إلى أن 'السلطان الراحل نجح في جعل السلطنة من الأماكن المسالمة والهادئة، وسط منطقة تعجُّ بالاضطرابات، وقد أرسى السلطان نمطاً راقياً في عُمان'.
ويتابع بأن العُمانيين كبروا وهم يستمعون إلى الموسيقى الكلاسيكية الغربية الهادئة التي تشغل في أوقات الذروة على التلفزيون والإذاعة الحكوميين، وينقل عن السلطان قابوس قوله بأن 'الموسيقى تعبيرٌ عن القيمة الإنسانية، والذكريات العاطفية، والحنين إلى الماضي، والحب والعاطفة، سواء كانت موسيقى كلاسيكية أو موسيقانا التقليدية، فهي وسيلة لجمع شمل الناس'.
جذور تاريخية
وتعزى أسباب سرعة اندماج وتواصل العمانيين مع ضيوفهم إلى أسباب تاريخية وجغرافية وعادات اجتماعية متجذرة.
وتلفت صحيفة 'حياتي' اليوم العمانية، في تقرير نشرته في أغسطس 2019، إلى أن امتداد سواحل السلطنة كان له عظيم الأثر في التكوين الاجتماعي والوجداني والثقافي، قبل التأثير الاقتصادي، وكانت حاضرة دائماً في مراحل النهوض الوطني على امتداد تاريخها.
واتسمت عُمان على مدار العصور بالتأثير والتأثر بالثقافات حول العالم، مستفيدة من موقعها المتميز في قلب العالم القديم، ووجودها على خط التجارة العالمي الرئيس الذي ربط الشرق بالغرب قديماً وحديثاً.
واستطاع العُمانيون التعرف على كافة الحضارات الإنسانية ومخالطة أهلها، واستخلصوا السمات الحضارية الخاصة لكل بلد تعايشوا معها في ترحالهم، فكان لذلك أثر بارز في البناء الحضاري العُماني، لكن بتمايز وتفرد عن كافة حضارات وثقافات العالم.
وقد جسد الأجداد والآباء تجربتهم الخاصة، وصنعوا تراثاً يعبر بصدق عن ثراء التجربة العمانية الضاربة في أعماق الزمن.
سياسة عُمانية خاصة
ويقول رئيس تحرير صحيفة 'الحدث' الإلكترونية العُمانية عادل سليم العبري: إن 'سلطنة عُمان انطلقت عبر سياسة خارجية خاصة امتازت بها من لدن جلالة السلطان قابوس بن سعيد طيب الله ثراه، وأكمل بنفس المسير جلالة السلطان هيثم بن طارق -سلطان عُمان؛ ألا وهي: لا للتدخل في الشأن الداخلي للدول، مما جعل السلطنة متصالحة مع الجميع، حتى أصبحت الدولة الوحيدة التي إذا نظرت للخريطة متصالحة مع الجميع'.
ويشير في حديثه لـ'الخليج أونلاين' إلى أن ذلك جعل من السلطنة سبباً في أن تكون من أفضل الوجهات ودياً في العالم، حيث نأت بنفسها من الدخول في أي نزاعات بأي شكل من الأشكال.
ويضيف العبري أن في عُمان قانوناً واحداً وقضاء عادلاً يحمي الجميع، سواء كان مواطناً عُمانياً أو زائراً خليجياً أو وافداً من أي دولة أخرى، فالجميع يأخذ حقه، والكل له كامل التقدير والاحترام، وفق ما نشر من إحصائيات عالمية، وهذا سبب آخر جعل من السلطنة من الوجهات الأكثر ودياً بالعالم.
ويؤكد أن 'السياسات التي امتازت بها السلطنة من تعايش وتقبل الآخرين مهما كانت توجهاتهم أو مذاهبهم، مثال يحتذى به ومحل تقدير لكل من زار عُمان ولامس الطيبة والكرم لأهلها وحسن المعاملة، وأثرّ ذلك في رغبة صناع سوق المال من البحث عن استثمارات في السلطنة؛ فالأمن والاستقرار من أهم الأسس التي بحث عنها المستثمرون'.
ويلفت إلى أن عُمان لديها مقومات سياحية تنفرد بها على مستوى الخليج، وتضاريس متنوعة ومنشآت تراثية فريدة مع أمنها واستقرارها، وأسهم ذلك في انتعاش السياحة، وكانت كوجهة سياحية للكثير من الدول العربية والعالمية.
ويتابع العبري قائلاً: 'لكل أمر تحديات؛ فالسوشيال ميديا قربت العالم من بعضها البعض حتى أصبح يعيش، وكأنه في قرية صغيرة جعلت الأفكار تتداخل، ودخلت أفكار جديدة حاول البعض نشرها، إلا أن النسيج العُماني المتماسك له دور في نبذ الأفكار الدخيلة'.
ويختتم حديثه بالقول: إن 'التحديات التي واجهت المجتمع العُماني لم تستطع تغيير نسيجه أو النيل منه، وسيظل كما رسم له من قبل القيادة الحكيمة لجلالة السلطان'.
