مع تحسن علاقاتها بالخليج.. هل تشهد طهران تقارباً مع واشنطن؟

كامل جميل - الخليج أونلاين

تفصح التحركات والتصريحات التي تتعلق بالملف النووي الإيراني عن وجود انفراجة قد تعيد إحياء الاتفاق النووي مرة أخرى؛ لا سيما مع ما تشهده المنطقة من هدوء غير مسبوق منذ سنوات، في ضوء تحسن كبير في العلاقات الخليجية الإيرانية.

وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، كشف في مقابلة مع صحيفة 'لو فيغارو' نُشرت، في (30 مايو 2023)، أن بلاده أجرت وبوساطة أوروبية 'مناقشات طويلة في فيينا، وكانوا على وشك التوصل إلى اتفاق، لكن محاوريهم طالبوا بالمزيد خلال هذه المحادثات، وهو ما أعاق تقدمها'.

كما أوضح أن طريق الدبلوماسية والمفاوضات مستمر، لافتاً إلى أن 'إنريكي مورا الممثل السامي للسياسة الخارجية والأمنية المشتركة للاتحاد الأوروبي، إضافة إلى كبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري كني، كانا على اتصال مستمر، إضافة إلى اتصالاته مع جوزيب بوريل ممثل الاتحاد الأوروبي'.

أكد عبد اللهيان أيضاً، أن 'هناك دائماً رسائل ومقترحات غير رسمية يتم تبادلها بيننا وبين الأمريكيين، عبر وسطاء في المنطقة وحتى بمساعدة أوروبيين'.

وفي تصريح آخر خلال مايو الماضي، قال وزير الخارجية الإيراني إن هناك مساعيَ دولية للتوصل إلى صيغة أولية لنص اتفاق نووي، من خلال مفاوضات غير مباشر مع واشنطن.

اسم سلطنة عُمان تردد مؤخراً في سياق وساطة بين الولايات المتحدة وإيران، وهو ما كشف عنه موقع 'أكسيوس' الأمريكي نهاية مايو الماضي، ناقلاً عن خمسة مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين وأوروبيين، لم يكشف عن أسمائهم، قولهم إن منسق البيت الأبيض لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بريت ماكغورك، سافر إلى مسقط في 8 مايو الماضي، بعد رحلة إلى السعودية مع مستشار الأمن القومي جيك سوليفان وزيارة لـ'إسرائيل'؛ لإطلاع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على المحادثات الأمريكية في الرياض.

وقال مسؤول إسرائيلي إن 'العمانيين يجرون محادثات غير مباشرة بين الولايات المتحدة وإيران'.

ووفقاً لثلاثة مسؤولين إسرائيليين كبار نقل عنهم الموقع، فإن البيت الأبيض يستكشف من خلال الحكومة العمانية ما إذا كان الإيرانيون منفتحين على اتخاذ خطوات من شأنها أن تضع بعض القيود على برنامجهم النووي وتهدئة الوضع الإقليمي.

ونقل الموقع عن دبلوماسي أوروبي، قوله إن 'الولايات المتحدة تعمل مع العمانيين بشأن القضية الإيرانية'، لكن متحدثاً باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي نفى للموقع هذه المزاعم.

كما أكد موقع 'والا' العبري تلك المعلومات، وأشار إلى أن ماكغورك حث القيادة العمانية على معرفة الثمن الذي تطلبه إيران مقابل موافقتها على هذه الشروط.

وكان سلطان عمان، هيثم بن طارق، قد أنهى يوم (29 مايو 2023)، زيارة رسمية لإيران، التقى خلالها كلاً من المرشد الأعلى علي خامنئي والرئيس إبراهيم رئيسي.

ولم تتطرق البيانات الصادرة عن كلا الجانبين إلى أي وساطة عمانية أو الاتفاق النووي، لكن عبد اللهيان قال إن اللقاء الذي جرى بين الرئيس الإيراني وسلطان عُمان ركز على مختلف القضايا السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية.

وأشاد عبد اللهيان بالسياسة الخارجية لسلطنة عُمان في مختلف القضايا الإقليمية والدولية، والدور الإيجابي الذي تقوم به في سبيل تحقيق أمن واستقرار المنطقة.

شروط الطرفين

توقيع اتفاق نووي جديد بين طهران وواشنطن لا بد أن يكون مبنياً على شروط يتفق عليها الطرفان، وإلى الآن لم يكشف أي من الطرفين عن هذه الشروط بشكل واضح.

لكن تقريراً صحفياً نشره موقع 'إيلاف' السعودي، الخميس (1 يونيو 2023)، نقل عن مصدر أمني مسؤول لم يسمّه، أن إيران والولايات المتحدة على وشك توقيع اتفاق نووي جديد، وأن لقاءً انعقد بين مسؤولين من البلدين في سلطنة عمان قبل أيام؛ لوضع اللمسات الأخيرة.

وأشار التقرير إلى أن ذلك جاء بعد مفاوضات غير مباشرة امتدت لشهور بين طهران وواشنطن في العاصمة النمساوية، للتوصل إلى اتفاق جديد.

واعتبر المصدر أن كل التسريبات الأخيرة حول اقتراب إيران من تصنيع 7 قنابل نووية، هدفت فقط إلى بث الخوف في أوروبا و'إسرائيل' وتسريع التوصل إلى اتفاق، مشيراً إلى أن إيران والولايات المتحدة لم تتوقفا يوماً عن التباحث حول اتفاق جديد.

وبحسب المصدر ذاته، فإن الاتفاق الوشيك ينص على 'إلغاء كل العقوبات على إيران بشكلٍ فوري، وتحويل الأموال المجمدة من بنوك العالم'.

في المقابل، 'ستتوقف إيران عن تخصيب اليورانيوم وتوقف البرنامج النووي، إضافة إلى انسحاب تدريجي من سوريا واليمن، وتخفيف التوترات في المنطقة، وتسهيل الملاحة في الخليج، والسماح لإيران بتصدير النفط بشكلٍ حر'.

انفراجة قريبة

المحلل السياسي إبراهيم ريحان، ووفق قراءته للمشهد، يرى أن انفراجة سنشهدها قريباً تطرأ على علاقات طهران وواشنطن.

في حديثه لـ'الخليج أونلاين'، يقول إبراهيم ريحان إن هناك مساعيَ حثيثة تقوم بها سلطنة عمان ودولة قطر في إطار إحياء مفاوضات الملف النووي الإيراني وتقريب العلاقات بين إيران والولايات المتحدة.

وفي الإطار نفسه -يقول ريحان- حمل السلطان هيثم بن طارق في زيارته الأخيرة للعاصمة الإيرانية طهران 'رسائل أمريكية تتعلق بمصير الموقوفين الغربيين وتبادل الموقوفين مع طهران'.

ويوم 2 يونيو الجاري، أعلنت سلطنة عمان وصول 3 أوروبيين (نمساويان ودنماركي) إلى مسقط، قادمين من طهران، عقب وساطة قامت بها مع إيران.

وفي 26 مايو الماضي، تمت صفقة تبادل سجناء بين إيران وبلجيكا بوساطة عمانية، وأفضت إلى إفراج بروكسل عن الدبلوماسي الإيراني أسد الله أسدي الذي كان يمضي عقوبة بالسجن منذ عام 2021، مقابل إطلاق طهران سراح عامل الإغاثة البلجيكي أوليفييه فانديكاستيل، بعد احتجازه لمدة 455 يوماً.

ريحان لفت إلى أن أمريكا تدرس رفع القيود عن حسابات لإيران في كوريا الجنوبية، قيمتها 7 مليارات دولار.

والأمريكيون أيضاً -والحديث لريحان- أرسلوا رسالة عبر سلطنة عمان، مفادها أن واشنطن مستعدة لاتفاق مؤقت؛ يقضي بتجميد النشاط النووي لإيران مقابل تخفيف القيود الأمريكية، والانتقال في مرحلة لاحقة، إلى إعادة المفاوضات النووية المتوقفة.

يوضح ريحان، أنه 'بحسب المعلومات، تجاوبت إيران مع الرسائل، ويبدو أن جهود سلطنة عمان وقطر قد تثمر؛ وهذا ما دفع مستشار الأمن القومي الإسرائيلي، تساحي هنغبي، إلى زيارة واشنطن؛ في محاولة لمنع أي تقارب أمريكي مع إيران'.

والجمعة (2 يونيو 2023)، قالت قناة 'كان' العبرية إن 'إسرائيل تواصل إبلاغ الولايات المتحدة أنها قلقة بشأن الملف النووي الإيراني'.

وأوضحت أنه 'بسبب التقديرات الأولية بأن واشنطن ترغب في العودة إلى مسار المحادثات مع إيران، تضغط المنظومة الأمنية الإسرائيلية من أجل عقد منتدى استراتيجي حول إيران مع الولايات المتحدة'.

وقالت إن الحديث يدور عن اجتماع استراتيجي موسع يرأسه مستشارا الأمن القومي الأمريكي والإسرائيلي، ويضم مجموعة كبيرة من قادة الأجهزة الأمنية وضمن ذلك من الجيش الإسرائيلي والموساد؛ للحديث عن المسألة الإيرانية.