قرار "أوبك+".. صعود النفط يدعم دول الخليج ويضغط على "إيران"

سلمى حداد - الخليج أونلاين

- لماذا حافظت أوبك+ على سياسة الإنتاج؟

بهدف الحفاظ على استقرار سوق النفط العالمية والحفاظ على مكاسب ارتفاع الأسعار.

- ما ردة الفعل الأمريكية المتوقعة؟

زيادة إنتاج النفط الصخري، واستخدام مخزونات النفط الاستراتيجية لديها.

لم يكن مستبعداً قرار مجموعة 'أوبك+'، الخميس (4 نوفمبر)، بالإبقاء على سياستها لإنتاج النفط دون تغير في ديسمبر المقبل، ورفضها الخضوع لطلبات المستهلكين وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية بزيادة الإنتاج بقوة.

وأبدى محللون اقتصاديون، مؤخراً، توقعاتهم بأن تتخذ 'أوبك+' مثل هذا القرار وذلك ليستفيد أعضاء التحالف النفطي من ارتفاع أسعار الزيت الأسود بعد أن أنهكت أشهر طويلة من الانخفاض اقتصاداتهم، خاصة خلال ذروة جائحة كورونا عندما انخفضت أسعار النفط إلى ما دون الـ30 دولاراً للبرميل.

قرار غير مستبعد

جاء القرار في ختام الاجتماع الوزاري الـ22 لتحالف 'أوبك+'، الذي يجمع أعضاء من منظمة الدول المصدرة للنفط 'أوبك' وحلفاء من خارجها في مقدمتهم روسيا، لإعادة التأكيد على خطة تعديل الإنتاج، التي تنص على زيادة بمقدار 400 ألف برميل يومياً خلال شهر ديسمبر المقبل.

كما جدد الاجتماع، بحسب بيان للدول، استمرار التزام الدول المشاركة بضمان سوق نفط مستقرة ومتوازنة، وإمداد فعال وآمن للمستهلكين.

ومن المقرر أن يعقد تحالف 'أوبك+' الاجتماع الوزاري الـ23  في الثاني من ديسمبر 2021.

وفي مؤتمر صحفي افتراضي عقب الاجتماع، قال وزير الطاقة السعودي، عبد العزيز بن سلمان: إن 'أوبك ليست مجموعة احتكارية، بل منتجون ومنظمون للسوق'.

وأضاف بن سلمان: 'نعتني جيداً بسوق النفط ومصالح جميع المنتجين والمستهلكين، ويجب تنظيم الأسواق حتى لا يتكرر ما شهدناه قبل اتفاق (أوبك+)'.

وأشار إلى أن إنتاج السعودية من النفط سيرتفع فوق 10 ملايين برميل يومياً لأول مرة منذ جائحة كورونا.

من جانبه، ذكر وزير الطاقة الروسي، ألكسندر نوفاك، خلال المؤتمر ذاته: 'نريد إحلال الاستقرار بأسواق النفط وأبقينا على مستوى الزيادة المتفق عليها سابقاً بـ 400 ألف برميل يومياً في ديسمبر'.

وأضاف نوفاك: 'الطلب العالمي على النفط لا يزال متأثراً بجائحة كورونا وتعزيز الإنتاج بـ 400 ألف برميل يومياً هو توجه صحيح'.

وكانت عدة دول قد طالبت 'أوبك+' مؤخراً، بزيادة إمدادات النفط الخام مع قوة الطلب.

وعبر الرئيس الأمريكي جو بايدن، الأحد، على هامش قمة مجموعة العشرين في روما، عن أسفه 'لامتناع روسيا والسعودية والمنتجين الكبار الآخرين عن ضخ مزيد من النفط'، مضيفاً: 'هذا ليس أمراً عادلاً'.

أسعار النفط ترفع موازنات الخليج

وبلغ سعر برميل النفط الخام 'غرب تكساس الوسيط'، في بداية الأسبوع، نحو 85 دولاراً للبرميل الواحد، مقترباً بذلك من أعلى مستوى له منذ 2014 وصلت إليه الأسعار الأسبوع الماضي.

ونتيجة لهذا الأسعار التي من المتوقع أن تحافظ على استقرارها بالفترة المقبلة متأثرة بقرارات 'أوبك+'، ارتفعت الواردات النفطية في دول مجلس التعاون الخليجي وحلفائها، وانتعشت اقتصاداتهم بقوة.

وفي 4 نوفمبر 2021، أعلن وزير الاقتصاد العُماني سعيد الصقري، في تصريحات صحفية، أن أداء اقتصاد بلاده ارتفع خلال النصف الأول من العام الجاري بنسبة 10%.

وقال:' الاقتصاد متعافٍ، والمؤشرات الأولية للأداء الاقتصادي مطمئنة جداً. الخطة الخمسية العاشرة (2021-2025) ستعمل على إعادة زخم النمو الاقتصادي وتسريع وتيرة الأنشطة الاقتصادية في سلطنة عُمان'.

كما سجلت إيرادات موازنة سلطنة عُمان زيادة بنسبة 22.6% خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري مقارنة بالمدة نفسها من العام الماضي.

وذكرت النشرة الشهرية الصادرة عن وزارة المالية بسلطنة عمان، الخميس 4 نوفمبر، أن صافي إيرادات النفط حتى نهاية سبتمبر بلغت نحو 3 مليارات و908.5 مليون ريال عُماني (10.149 مليار دولار)، بينما سجلت إيرادات الغاز نحو مليار و422 مليون ريال (3.692 مليارات دولار).

وذكرت أن الموازنة سجلت بنهاية سبتمبر ارتفاعاً في إجمالي الإيرادات العامة بنسبة 22.6%، لتصل إلى 7.367 مليارات ريال (19.133 مليار دولار) مقارنة بـ 6.11 مليارات ريال (15.612 مليار دولار) خلال المدة نفسها من عام 2020.

الكويت توقعت كذلك ارتفاع صافي إيراداتها النفطية حتى نهاية السنة المالية الحالية من التوقعات في الموازنة بـ 9.13 مليارات دينار (30.26 مليار دولار) إلى 17 مليار دينار (56.34 مليار دولار).

وبحسب ما ذكرته صحيفة 'الأنباء' الكويتية، فإن ذلك سيرفع جملة الإيرادات العامة للدولة إلى 18.8 مليار دينار (62.31 مليار دولار) من 10.93 مليارات دينار (36.23 مليار دولار) كانت متوقعة.

والنتيجة، بحسب الصحيفة، انخفاض متوقع في العجز المالي إلى 4.3 مليارات دينار (14.25 مليار دولار)، من العجز المقدر على أساس 45 دولاراً لبرميل النفط الكويتي 12.12 مليار دينار (40.17 مليار دولار).

أما في المملكة العربية السعودية، أكبر دول تحالف 'أوبك+'، فإن إيراداتها النفطية ارتفعت بالربع الثالث من العام الجاري بنسبة 60% مقارنة مع الفترة المقابلة من العام الماضي، حسب بيانات وزارة المالية الصادرة مطلع الشهر الجاري.

فيما لم تعلن البحرين والإمارات عن بيانات مالية حديثة، إلا أنها بالتأكيد قد نالت نصيبها أيضاً من الارتفاع، أما قطر فهي خارج منظمة 'أوبك' منذ انسحابها منها مطلع العام 2019، إضافة لكونها دولة متخصصة بالغاز المسال.

وإضافة إلى أن قرار 'أوبك+' سيحافظ على استقرار أسعار النفط وربما ارتفاعها بالأيام المقبلة، فإنه من ناحية سياسية سيسرع من اتفاق الولايات المتحدة الأمريكية مع إيران ضمن مفاوضات الاتفاق النووي في فيينا.

وسيكون هذا التسريع لرغبة واشنطن بعودة ضخ النفط الإيراني إلى الأسواق العالمية، فالعقوبات التي تفرضها على طهران تحرم السوق من 1.5 مليون برميل يومياً، وعودتها ستحدث تغيراً مهماً بأسعار النفط نحو الهبوط، وهو ما تبحث عنه الولايات المتحدة وحلفاؤها في الاتحاد الأوروبي.

حافظ على مكاسب النفط

وحول قرارات 'أوبك+' الأخيرة وتداعياتها على سوق النفط، يقول عامر الشوبكي، الباحث الاقتصادي المختص في شؤون النفط والطاقة: إن 'قرار أوبك بلس غير مفاجئ، وكان متفقاً عليه، وينسجم مع توصيات اللجنة الفنية للمنظمة'.

وأضاف الشوبكي، في حديثه لـ 'الخليج أونلاين': 'يضع القرار الأخير في الأولوية مصالح أعضاء أوبك بلس في الحفاظ على المكاسب من أسعار النفط المرتفعة'.

وأشار إلى أن الولايات المتحدة لم تتفاجأ من القرار وعدم امتثال 'أوبك+' لمطالب المستهلكين، وعلى رأسهم واشنطن.

وقال: 'أعتقد أن تبعات ذلك ستكون مختلفة هذه المرة من خلال قول الرئيس بايدن موخراً: إنه بحال لم تستمع أوبك بلس لمطالبنا فلدينا ما سنفعله'.

وأوضح الشوبكي أن رد الفعل الأمريكي عدا زيادة استثمارات الولايات المتحدة في إنتاج النفط الصخري ربما يكون بالإفراج كذلك عن بعض مخزونها النفطي الاستراتيجي.

وأعرب الباحث الاقتصادي عن تخوفه من أنه في حال استمرت أسعار النفط بالارتفاع أن تضطر الولايات المتحدة لتفعيل قانون الاحتكار ضد بعض دول 'أوبك بلس' وفرض عقوبات عليها.

نووي إيران نحو الحل

واعتبر أن استمرار خطة 'أوبك+' بنفس سياسة الإنتاج واستمرار مستويات أسعار النفط المرتفعة سيدفع في اتجاه المصالحة والاتفاق على تسوية ملف إيران النووي.

وبين أن 1.5 مليون برميل نفط إيراني متوقع أن ترفع المعروض وتخفض أسعار خام برنت لما دون 75 دولاراً في حال رفعت واشنطن العقوبات عن طهران.

والأربعاء 3 نوفمبر الجاري، أعلنت إيران استئناف محادثات فيينا مع القوى الكبرى حول إحياء الاتفاق النووي للعام 2015، في 29 من الشهر ذاته.

وقال علي باقري كني، كبير مفاوضي طهران، في تصريحات صحفية: 'اتفقنا على بدء المفاوضات التي تستهدف إزالة العقوبات غير المشروعة وغير الإنسانية في 29 نوفمبر في فيينا'، وهو ما أكده في وقت لاحق بيانان من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.