ما دلالات مشاركة الرئيس الأوكراني بالقمة العربية في جدة؟

الرياض - الخليج أونلاين (خاص)

ما أهمية زيارة الرئيس الأوكراني؟

كونها الأولى للشرق الأوسط بعد الغزو الروسي لبلاده

ماذا أجرى خلال الزيارة؟

مباحثات مع قادة وممثلي السعودية والكويت وعمان.

ماذا قال خلال كلمته بالقمة؟

دعا الدول العربية إلى دعم السلام في بلاده.

كان حضور الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي طاغياً في القمة العربية التي احتضنتها مدينة جدة السعودية يوم الجمعة الماضي، خاصة في وقت اشتد فيه القتال مع روسيا على جبهة 'باخموت' الاستراتيجية.

وتعد هذه الزيارة هي الأولى التي يجريها زيلينسكي للشرق الأوسط، منذ الغزو الروسي لبلاده في فبراير  2022، واستبقها الرئيس الأوكراني بتأكيد أن هدفه من المشاركة في القمة هو تعزيز  علاقات بلاده مع العالم العربي.

تزامن لافت شهدته القمة، حيث رأى مراقبون أن مشاركة زيلينسكي جاءت لتضفي توازناً سياسياً أمام الغرب، فقد كانت مقابل أول مشاركة لحليف روسيا في المنطقة رئيس النظام السوري بشار الأسد، الذي انتشرت صورة خلعه سماعة الترجمة خلال إلقاء الرئيس الأوكراني كلمته.

وكان لافتاً أن رئيس القمة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، منح زيلينسكي فرصة إلقاء كلمة في بداية القمة.

ودعا زيلينسكي في كلمته الدول العربية إلى دعم السلام في بلاده، وأعرب عن ترحيبه باستثماراتهم، وأمله في أن يعود السياح العرب لرؤية بلاده قريباً 'خالية من الاحتلال الروسي'، على حد قوله.

كما قال الرئيس الأوكراني إن بلاده 'لن تستسلم ولن تخضع لأي محتل أجنبي'، مناشداً قادة العرب 'حماية شعبنا والجالية الأوكرانية المسلمة'.

وقال إن بلاده لم تختر الحرب ولم تنخرط في أي أعمال عدائية بأراضي دول أخرى، وتابع: 'نحن مجبرون على مواصلة القتال ولا أحد يوافق على تسليم أرضه'.

لقاءات بناءة

جاءت زيارة زيلنيسكي ولقاؤه مع زعماء عرب، لتستكمل جهوداً عربياً وتواصلاً لم ينقطع منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، حيث شهدت الأشهر الماضية محاولات وساطة خليجية واتصالات وزيارات مع كييف وموسكو.

ولم يكتفِ الرئيس الأوكراني بكلمته في القمة العربية، فقد أجرى على هامشها سلسلة لقاءات مع قادة المنطقة، أبرزها مع ولي العهد السعودي، الذي أكد له 'حرص المملكة ودعمها لجميع الجهود الدولية الرامية إلى حل الأزمة الأوكرانية - الروسية سياسياً'.

وشدد بن سلمان أيضاً على 'مواصلة المملكة جهودها للإسهام في تخفيف الآثار الإنسانية الناجمة عن الأزمة الروسية الأوكرانية'.

من جهته، نوّه رئيس أوكرانيا بالدور المحوري للسعودية في منطقة الشرق الأوسط والعالم، داعياً الرياض إلى لعب دور في إنهاء الحرب الروسية على بلاده.

أما ولي العهد الكويتي الشيخ مشعل الأحمد الصباح، فقد أكد موقف بلاده حيال الأزمة الأوكرانية بضرورة الالتزام بمبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، باحترام سيادتها واستقلالها.

الأحمد شدد لزيلينسكي على ضرورة الالتزام بمبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة في احترام سيادة أوكرانيا واستقلالها ووحدة وسلامة أراضيها وفق حدودها المعترف بها دولياً.

من سلطنة عُمان، التقى أسعد بن طارق آل سعيد، الممثل الخاص للسلطان، مع الرئيس الأوكراني، وأكد 'أهمية تحقيق السلام العادل وفق قواعد القانون الدولي، واحترام سيادة الدول وحسن الجوار والتعايش السلمي بين جميع الدول والشعوب'.

وقبيل القمة، جرت العديد من الحراكات الدبلوماسية الخليجية الأوكرانية، حيث زار وزير الخارجية البحريني عبد اللطيف بن راشد الزياني، كييف لمدة 3 أيام مطلع الشهر الجاري، والتي اعتبرها زيلينسكي 'إشارة مهمة للتعاون والدعم بين البلدين'.

وتبادل الطرفان خلال الاجتماع وجهات النظر حول مشاركة البحرين في إعادة إعمار أوكرانيا بعد الحرب، إضافة إلى التعاون في المجالات الإنسانية والاقتصادية.

من جهته، زار وزير الخارجية الأوكراني دميتري كوليبا، في أبريل الماضي، الكويت ودعا في لقاء مع نظيره سالم العبد الله الصباح إلى المشاركة في إعادة إعمار بلاده التي تضررت بنيتها التحتية من جراء الحرب مع روسيا.

في المقابل، أشاد وزير الخارجية الكويتي بمتانة العلاقات الثنائية بين بلاده وأوكرانيا، وأكد موقف بلاده حول مبدأ سيادة الدول واستقلالها ووحدة وسلامة أراضيها وفق حدودها المعترف بها دولياً.

وكانت الزيارة الأبرز لكييف هي لوزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، في مارس الماضي، حيث جرى خلالها التوقيع على اتفاقية ومذكرة تفاهم بين المملكة وأوكرانيا، بقيمة تصل إلى 400 مليون دولار.

الاتفاقية تتضمن برنامج تعاون مشترك لتقديم مساعدات إنسانية من المملكة لأوكرانيا بقيمة 100 مليون دولار، كما تتضمن مذكرة التفاهم تمويل مشتقات نفطية بقيمة 300 مليون دولار منحة مقدمة من المملكة من خلال الصندوق السعودي للتنمية لصالح أوكرانيا.

خطف الأنظار

وبالعودة إلى حضور الرئيس الأوكراني القمة العربية، فقد برر وزير الخارجية السعودي دعوته بأنها من باب 'سماع وجهات نظر جميع الأطراف' في الأزمة بين روسيا وأوكرانيا.

وشدد بن فرحان على أن 'الدول العربية اتخذت منذ بداية الأزمة موقف الحياد وليس الحياد السلبي بل الحياد الإيجابي'، مضيفاً: 'كنا منخرطين في فتح الحوار مع الطرفين؛ أملاً في أن نستطيع الوصول إلى سبيل يفتح الباب للحل من خلال الحوار'.

وتابع في المؤتمر الصحفي عقب القمة: 'قناعة كل الدول العربية أن هذه الأزمة لن تحل إلا بالحوار، والحوار بالتأكيد بين طرفي النزاع الرئيسيين وهما روسيا وأوكرانيا، وهذا يستوجب التواصل مع الجميع والسماع من الجميع'.

واستدرك الأمير فيصل قائلاً: 'لكن الواقع أن هناك أزمة، هناك حرب لا بد أن نجد سبيلاً لإنهائها، وهذا لن يكون إلا بالانفتاح على سماع جميع الأطراف وجميع الأصوات'.

ولاقى حضور زيلنسكي لقمّة جدة إشادة الولايات المتحدة، حيث وصف البيت الأبيض مشاركته بأنها 'أمر طيب'.

أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة حسن نافعة، يرى أن مشاركته جاءت 'نتيجة ضغط أمريكي على المملكة، حيث إن واشنطن لم تكن مستريحة لمشاركة (رئيس النظام السوري بشار) الأسد في القمة'. 

وأضاف 'نافعة' في حديثه لـ'الخليج أونلاين': 'حاولت السعودية من خلال إشراك زيلينسكي في القمة إحداث نوع من التوازن، خاصةً أن تحركها تجاه سوريا لم يعجب الولايات المتحدة، ولا تستطيع قطع علاقاتها مع واشنطن، لذا قبلت بمشاركة الرئيس الأوكراني بخطاب في القمة، وهو ما يعد تنازلاً محسوباً'.

وخطف حضور الرئيس الأوكراني أنظار الإعلام الغربي على وجه التحديد، حيث أشارت صحيفة 'ليبراسيون' الفرنسية إلى أن ذلك 'ضربة معلم من زيلينسكي وبن سلمان!'، موضحةً أن 'صورة وصوله إلى جدة وحضوره القمة كانت مفاجئة بقدر ما كانت غير عادية'.

ولفتت 'ليبراسيون' إلى أن ما وصفتها بـ'مفاجأة زيلينسكي' أزاحت إلى المرتبة الثانية عودة الأسد إلى جامعة الدول العربية، مشيرة إلى أن 'سوريا واحدة من الدول القليلة في العالم التي انحازت بالكامل إلى حليفها الروسي في الحرب على أوكرانيا، كما أنها تهدف إلى تخفيف حدة الانتقادات الغربية على الرياض لدعوتها الأسد'.

موقع 'أكسيوس' الأمريكي رأى أن 'السعودية على وجه الخصوص حاولت تقديم نفسها كوسيط، ففي سبتمبر الماضي توسطت في صفقة نادرة لتبادل الأسرى بين كييف وموسكو، شملت أمريكيَّين ذهبا إلى أوكرانيا للمساعدة في القتال ضد روسيا'.

فيما قالت مجلة 'تايم' الأمريكية، إن 'زيارة زيلينسكي تأتي في إطار جولاته المتتالية حول العالم لدعم بلاده ضد روسيا؛ لكونه لم يكن قد زار أي دولة شرق أوسطية بعد الحرب على بلاده'.