كيف وقف الخليج مع السودان في أزماته والكوارث الطبيعية؟

محمد أبو رزق - الخليج أونلاين

أدت دوراً سياسياً وإنسانياً بمساعدة السودان.

هناك وساطة سعودية ومساعدات قطرية وإماراتية.

جائحة كورونا والسيول والفيضانات.

في ذروة الأزمات السياسية والإنسانية التي مر بها السودان برز دور فاعل لدول الخليج في مساعدة هدا البلد العربي، وإعانة أهله، والتخفيف من شدة معاناته، عبر أداء دور الوساطة، وتقديم مساعدات إنسانية وإغاثية.

وخلال الاشتباكات المستمرة في السودان والتي بدأت منتصف أبريل 2023، بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو 'حميدتي'، أظهرت دول الخليج التزامها بمساعدة السودان والسودانيين، ومحاولة وقف إطلاق النار.

وعلى مدار السنوات الماضية، لم يغب السودان عن اهتمام دول الخليج، حيث كان من أول الدول حول العالم التي ترسل مساعدات إغاثية للسودانيين جراء الكوارث الطبيعية التي تعرضوا لها علاوة على المساعدات الطبية خلال جائحة فيروس كورونا المستجد.

الوساطة السعودية

أدت السعودية دوراً فاعلاً منذ اندلاع الاشتباكات في المدن السودانية، بدءاً من الوساطة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وإعلان هدن متتالية لوقف مؤقت إطلاق النار، للسماح بنقل المرضى وإدخال الإمدادات الطبية والإغاثية للمستشفيات والمواطنين وصولاً لعمليات الإجلاء.

وعلى الصعيد الإنساني قادت المملكة الخليجية أول عملية إجلاء لمواطنيها ورعايا عدد من الدول، من خلال نقلها جواً وبحراً إلى السعودية.

وفي أحدث إحصائياتها أعلنت وزارة الخارجية السعودية أن إجمالي من تم إجلاؤهم من السودان على متن سفن سعودية، منذ بدء عمليات الإجلاء، بلغ 2991 شخصاً، بواقع 119 مواطناً سعودياً، و2872 شخصاً ينتمون إلى 80 جنسية.

وساعدت السعودية دولاً بينها الولايات المتحدة وقطر والإمارات وتركيا وباكستان وغيرها في إجلاء رعاياها ودبلوماسييها من السودان إلى مدينة جدة، في خضم المعارك المحتدمة بين قوات الجيش والدعم السريع.

واقتصادياً سبق أن تعهد السعودية والإمارات، في مايو 2019، بتقديم مساعدات قيمتها ثلاثة مليارات دولار للسودان.

التدخل القطري

خلال الأزمة الأخيرة التي يمر بها السودان، برز دور إنساني لقطر من خلال تقديم جمعية 'قطر الخيرية' مساعدات غذائية عاجلة لصالح المرضى وفرق الطوارئ والعمل الطبية في مستشفيات العاصمة السودانية الخرطوم، في أول تدخل إنساني من نوعه منذ بدء الاشتباكات في البلاد.

وبادرت 'قطر الخيرية'، وفقاً لما أكدته وكالة الأنباء السودانية الرسمية (سونا)، في 25 أبريل 2023، بتقديم وجبات جاهزة، و28 طناً من المواد الغذائية لمستشفيات بالخرطوم تعاني من نقص الغذاء جراء الأحداث المتواصلة منذ أسبوعين.

وأكد مدير الإدارة العامة للطوارئ ومكافحة الأوبئة بوزارة الصحة الاتحادية السودانية، منتصر محمد عثمان، أن المبادرة التي قدمتها 'قطر الخيرية' ساعدت كثيراً في استمرار تقديم الخدمات الصحية.

من جانبه بادر الهلال الأحمر القطري إلى التنسيق مع عدة جهات إنسانية وإغاثية لتوفير المساعدات اللازمة التي يحتاج إليها السكان في المناطق المتضررة من النزاع المسلح.

ووفق ما ذكرت صحيفة 'الشرق' القطرية، فقد نسق الهلال الأحمر القطري مع شركائه بالاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر، والهلال الأحمر، والهلال الأحمر السوداني، ومفوضية العون الإنساني بالسودان، ووزارة الصحة السودانية، وذلك بغرض توفير المساعدات الإغاثية الضرورية والعاجلة.

وعرف عن قطر بمبادرتها بمساندة السودان بكل الأزمات التي مر بها، والتي كان منها تقديم مساعدات عاجلة خلال السيول والفيضانات التي عانى منها السودان في أكثر من مناسبة، آخرها أغسطس 2022، حيث سارعت الدوحة إلى إرسال مساعدات إنسانية للمتضررين من هذه الكارثة الطبيعية.

وشملت المساعدات القطرية طائرات تحمل مئات الأطنان من المواد الغذائية، والخيم ومستلزمات الإيواء مثل الفرشات والبطانيات.

كما أكد مدير مكتب 'قطر الخيرية' في السودان حسن علي عودة، حينها، أن المساعدات اشتملت على ألف سلة غذائية لـ6 آلاف مستفيد تعمل على سد احتياجاتهم الغذائية لمدة شهر كامل، وذلك بوزن إجمالي يبلغ 46 طناً من المواد الغذائية الضرورية'.

أيضا خلال الفيضانات التي ضربت مدناً سودانية، في سبتمبر 2020، سارعت دولة قطر إلى إرسال مساعدات إغاثية عاجلة في حينها.

وشملت المساعدات القطرية السلال الغذائية والمواد غير الغذائية (كالبطانيات والناموسيات والفرش والأغطية البلاستيكية للخيام).

الجهود الإماراتية

وإلى جانب السعودية وقطر، للإمارات دور لافت في دعم السودان سياسياً وإنسانياً، خاصة عند الكوارث الطبيعية، من خلال إعانة المتضررين وتقديم المساعدات لهم.

وخلال اقتتال العسكر المستمر، برز دور سياسي وإنساني للدولة الخليجية، تُوّج بتحرير الجنود المصريين الموجودين لدى قوات الدعم السريع، وتسليمهم إلى سفارة مصر في الخرطوم، يوم 20 أبريل 2023، قبل وصولهم لاحقاً إلى القاهرة.

وعلى صعيد الإجلاء عملت الإمارات على توفير خدمات الاستضافة والرعاية لرعايا 19 جنسية مختلفة خلال إجلائهم إلى مدينة بورتسودان ووجودهم فيها، إضافة إلى استضافتهم على أراضيها قبيل نقلهم إلى دولهم المختلفة.

وأكدت الخارجية الإماراتية في بيان لها، في 25 أبريل 2023، أنها وضعت المرضى والأطفال وكبار السن والنساء على رأس أولوياتها خلال عملية الإجلاء.

وأكدت الوزارة التزام دولة الإمارات بالعمل مع شركائها والمجتمع الدولي لتحقيق كل ما يخدم مصالح الشعب السوداني.

كما تعهدت الإمارات بتقديم 50 مليون دولار كمساعدات إنسانية طارئة للسودان، وفق ما أعلنت لانا زكي نسيبة المندوبة الدائمة لدولة الإمارات لدى الأمم المتحدة، أمام مجلس الأمن الدولي.

وقبل الاشتباكات الدائرة حالياً، دعمت الإمارات، السودان خلال الفيضانات التي ضربت البلاد في أغسطس الماضي، حيث أرسلت مساعدات إنسانية عاجلة بقيمة 6.8 ملايين دولار أمريكي للسودان.

وفي حينها وجه الرئيس الإماراتي محمد بن زايد آل نهيان، بتقديم مساعدات إنسانية عاجلة إلى المتأثرين والنازحين بسبب السيول والفيضانات في السودان، وللمساهمة في دعم تحسين الظروف المعيشية للسكان المتضررين وعائلات الضحايا.

مساعدات كويتية وبحرينية وعُمانية

لم تغب الكويت عن تقديم المعونة للسودان خلال السيول الأخيرة التي ضربت البلاد، حيث وصلت طائرات إغاثة كويتية تحمل عشرات الأطنان من المواد الغذائية والصحية إلى مطار الخرطوم.

كما عملت سلطنة عُمان والبحرين على تقدم مساعدات إنسانية للسودان خلال الفيضانات التي تعرضت لها البلاد في أكثر من مرة، على مدار السنوات الماضية.

وأرسلت سلطنة عُمان، في سبتمبر الماضي، طائرة مساعدات إنسانية تحمل على متنها 40 طناً من المواد الغذائية والإيوائية لدعم المتضررين من السيول والأمطار بالسودان.

محط اهتمام

الإعلامي والمحلل السياسي السوداني د. أمير سيد خليفة يؤكد أن السودان كان دائماً محط اهتمام كبير من دول الخليج، ومساعدته في اللحظات الصعبة التي مرت بها المدن السودانية، سواء خلال الكوارث الطبيعية، أو الأزمات السياسية المختلفة.

ويقول خليفة في حديثه لـ'الخليج أونلاين': 'ليس غريباً أن يجد السودان دعماً من أصدقائه من دول الخليج في لحظات المحن التي يتعرض لها'.

ويؤكد أنه 'لطالما حافظت دول الخليج على الالتزام باستقرار الأوضاع بالسودان، وعدم وقوفها مع طرف إلى جانب آخر، كما استطاعت تقديم مبادرة خلال الأزمة الحالية، والمتمثلة في الوساطة السعودية للهدنة'.

ويبين أن الوساطة التي تقودها السعودية لإتمام الهدنة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، 'ستسهم في مساعدة السودانيين بالخروج والتسوق وتلبية احتياجاتهم الإنسانية الضرورية.'